كل ما يجري من حولك

تحليل أمريكي: ترامب متقلّب وحماسُه لوقف النار بغزة قد يتبدّد سريعًا لضغوط “اللوبي” وابتعاد «نوبل»

320

متابعات..| 

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالًا للصحفي إيشان ثارور قال فيه إن جولة الانتصار السريعة شهدت لحظات عديدة من البهجة، حَيثُ استقبل الرئيس دونالد ترامب الأسرى الإسرائيليين المحرّرين من أسر حماس بعد أن ساعد في التوسط في اتّفاق وقف إطلاق النار الذي أتاح إطلاق سراحهم، وحظي بتصفيق حار من منصة الكنيست، البرلمان الإسرائيلي، لدعمه كيان الاحتلال، كما نال إشادات من قادة العالم خلال قمة قصيرة في شرم الشيخ، مصر، حَيثُ ناقش كبار الشخصيات خطة ترامب للسلام في المنطقة والمكونة من 20 نقطة.

وفيما يلي نص المقال:

في الكنيست، تحدث ترامب عن إنجازاته بتجاهله التاريخي المعتاد. قال: “لقد انتهت هذه الحرب الطويلة والصعبة. كما تعلمون، يقول البعض 3000 عام، ويقول البعض 500 عام، مهما كان الأمر، فهو جدهم جميعًا. هذا هو الفجر التاريخي لشرق أوسط جديد”.

إن فرحة أصدقاء وعائلات الأسرى – والارتياح الملموس لدى العديد من الفلسطينيين في قطاع غزة المنكوب بالحرب لاحتمال انتهاء عامين من العذاب واليأس – تستحق الاحتفال بها. ولكن، مع استئناف ترامب اجتماعاته في واشنطن يوم الثلاثاء، فإن أي اعتقاد بفجر جديد سابق لأوانه.

“حركة حماس صامدة”

قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار على فلسطينيين اتهمهم بالاقتراب من مواقع القوات، بينما قالت (إسرائيل) إنها ستخفض عدد شاحنات المساعدات المسموح لها بدخول القطاع وسط إطلاق حماس التدريجي لرفات عدد من الرهائن المتوفين. أراد بعض أعضاء الائتلاف اليميني لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رؤية هزيمة حماس الكاملة وزوالها، لكن الحركة صامدة، وشرعت في قمع معارضيها المحليين في غزة بعنف. لم يحضر أي مسؤول إسرائيلي أَو من حماس المؤتمر في مصر.

ويبقى التركيز في الأوساط الغربية على مستقبل حماس ونزع سلاح قوتها القتالية، أشار ترامب يوم الثلاثاء، إلى أنه سيتم نزع سلاح الفصيل، حتى بالقوة، إذَا لزم الأمر. يخشى مسؤولو حماس أن تستخدم (إسرائيل) وقف إطلاق النار كمُجَـرّد استراحة قبل إحياء حملتها العقابية، ويريدون ضمانات كتابية بأن (إسرائيل) لن تستأنف الحرب، وفقا لمراسلي صحيفة واشنطن بوست. رفض مسؤولو إدارة ترامب هذا المطلب، لكنهم قدموا تطمينات شفهية للوسطاء الإقليميين، مصر وقطر وتركيا، بأن (إسرائيل) ستلين.

نتنياهو يبحث عن طريقة للعودة إلى الصراع

لقد أُثير الكثير حول قدرة ترامب على الضغط على نتنياهو لقبول هدنة، بغض النظر عن رغبة حلفاء الزعيم الإسرائيلي من اليمين المتطرف في مواصلة الحرب والقضاء التام على حماس. لكن المحللين يشتبهون في أن نتنياهو قد يجد طريقه للعودة إلى الصراع مع استعداد حكومته غير الشعبيّة للانتخابات في عام 2026. احتشد الجمهور الإسرائيلي حول محنة الرهائن وصدمة هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أُكتوبر 2023 على (إسرائيل)، لكن آفاق نتنياهو بعد الحرب – الذي يواجه محاكمات فساد مُستمرّة ويتعرض لانتقادات من شريحة من الناخبين – قاتمة.

كما كان الحال في معظم مسيرة نتنياهو المهنية، فإن استمرار عداء حماس قد يوفر غطاء مرغوبا فيه. وصرح نمرود غورين، رئيس مركز ميتفيم الإسرائيلي للأبحاث في السياسة الخارجية، لرويترز: “نحن على أعتاب عام سياسي يرتبط فيه كُـلّ شيء بالحملات الانتخابية، وقد تنقلب حسابات نتنياهو من الرضوخ إلى الضغط إلى محاولة ضمان بقائه السياسي”.

قال نمرود نوفيك، الباحث البارز في منتدى السياسة الإسرائيلية، لصحيفة نيويورك تايمز: “إذا اتضح خلال أربعة أَو خمسة أسابيع أن المزاج العام في البلاد هو أن هذه الحرب كانت جولة مروعة، بل مُجَـرّد جولة أُخرى، وعادت حماس، أستطيع أن أرى نتنياهو يحاول تصحيح ذلك. كُـلّ ما تحتاجه هو استفزاز من حماس ورد فعل إسرائيلي غير متناسب، ويمكن أن تتطور الأمور إلى دوامة”.

“أمل مبهم”

ثم هناك القضية الأكثر تعقيدا، وهي بناء سلام حقيقي. عبّرت خطة ترامب عن أمل مبهم في “مسار موثوق به لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة”، وهو قرار طالب به العالم العربي وجزء كبير من المجتمع الدولي. لكنها نتيجة رفضها نتنياهو وحلفاؤه رفضا قاطعا، ولا توجد مؤشرات تُذكر على وجود زخم على الأرض أَو أي مسار دبلوماسي على الساحة العالمية، وقد أبلغ قادة المنطقة ترامب بأهميّة إحياء عملية السلام المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

قال الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، لبي بي سي هذا الأسبوع: “في مناقشاتنا مع الرئيس ترامب، يُدرك أن الأمر لا يقتصر على غزة، ولا يقتصر على أفق سياسي مُحدّد. أعني أنه يسعى إلى إحلال السلام في المنطقة بأسرها. وهذا لن يتحقّق إلا إذَا كان للفلسطينيين مستقبل”.

“ترديد أغنية تدعم إسرائيل”

لكن ترامب لم يُعر اهتمامًا يُذكر لتطلعات الفلسطينيين، وينظر إلى إعادة إعمار غزة على أنها جزء من طفرة عقارية أكثر منها مصالحة سياسية. خلال عطلة نهاية الأسبوع، ظهر مايك هاكابي وديفيد فريدمان، سفير ترامب الحالي لدى (إسرائيل) ومبعوثه الأول على التوالي، في فعالية خيرية إسرائيلية، وعزفا أغنية “سويت هوم ألاباما” للينرد سكينرد، بعد تعديلها لتعكس سياساتهما المؤيدة للاستيطان، سخرت كلمات أغانيهما المُعدّلة من جهود فرنسا والأمم المتحدة للدفع نحو حَـلّ الدولتين، ودافعت عن دعم ترامب للمطالبات الإسرائيلية بكامل الأرض.

ربما يتصاعد التوتر بين قناعات اليمين الإسرائيلي والمحاسبة التي يسعى إليها معظم بقية العالم. قال برايان كاتوليس، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط، لمراسلي واشنطن بوست: “إن الفجوة الكبيرة التي لا أعتقد أن ترامب أَو فريقه قد مهدوا لها الطريق حقا.. هي الفجوة القائمة بين إدارته و(إسرائيل) من جهة، وبقية العالم العربي، بشأن القضايا طويلة المدى، وخَاصَّة مسار حَـلّ الدولتين”.

وأوضحت الصحفية كارين دي يونغ: “قال ترامب إنه يريد تغيير الشرق الأوسط، حَيثُ إن اتّفاق غزة والتوسع السريع لاتّفاقيات إبراهيم يمهد الطريق أمام فرصة للفوز بجائزة نوبل للسلام العام المقبل التي يطمح إليها علنا. ولكن الآن بعد أن ‘حل’ الحرب في غزة، هناك مخاوف من أن اهتمامه قد يتأخر وقد لا يكون لدى الإدارة الوقت الكافي للالتزام باليوم التالي”.

وهذه وجهة نظر يشاركها أسلاف ترامب، الذين لم يقصّروا أنفسهم بالجهود الدبلوماسية. وقالت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون المنطقة في عهد إدارة بايدن، في مقابلة مع شبكة سي أن أن: “كان إنهاء الحرب أسهل خطوة. لقد بالغوا، ربما عمدا، في الترويج للتحَرّك نحو التطبيع” بين (إسرائيل) والعرب، و”قللوا من أهميّة مسار إقامة الدولة الفلسطينية”.

صحيفة “واشنطن بوست”

You might also like