كل ما يجري من حولك

جرَّاح بريطاني في غزة: ما يحدث “تجويع متعمد”.. والموت يتكرّر أمام عينيّ كُـلّ يوم

190

متابعات..|

وصف الجراح البريطاني الدكتور نيك ماينارد، أُستاذ الجراحة في مستشفى جامعة أكسفورد والمتطوع في مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة، الوضع في غزة بأنه “كارثي ومأساوي”، ويمثل حالة “تجويع متعمد” بحق السكان المدنيين، وسط انهيار شامل للمنظومة الصحية وتزايد الإصابات الناتجة عن محاولات الوصول إلى الغذاء.

وفي مقال نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، نقل د. ماينارد شهادات مروعة من قلب مستشفى ناصر، حَيثُ تحدث عن أربعة أطفال رضع لقوا حتفهم مؤخّراً؛ بسَببِ الجوع، بينهم رضيعة تبلغ من العمر 7 أشهر قال إن جسدها “كان مُجَـرّد جلد على عظم”، مؤكّـداً أن “سوء التغذية الشديد يمنع حتى المرضى من النجاة من الجراحة”.

انهيار النظام الصحي بالكامل

أشار د. ماينارد إلى أن الأوضاع في المستشفى تتدهور يوماً بعد يوم، ليس؛ بسَببِ نقص المعدات فقط، بل لأن المرضى يصلون في حالة ضعف شديد؛ بسَببِ الجوع، ما يؤدي إلى وفاتهم أثناء العمليات الجراحية. وقال:

“كل يوم أشاهد المرضى يتدهورون ويموتون، ليس؛ بسَببِ إصاباتهم، بل لأنهم يعانون من سوء تغذية يمنعهم من البقاء أحياء بعد الجراحة”.

الأطباء أنفسهم يعانون من الجوع

في شهادة صادمة، كشف الجراح البريطاني أن حتى الطواقم الطبية باتت تعاني من الجوع وسوء التغذية. وقال:

“عندما عدت هذا العام إلى غزة، بالكاد تعرفت إلى زملائي الذين عملت معهم العام الماضي، بعضهم فقد أكثر من 30 كيلوغرامًا من وزنه”.
وَأَضَـافَ أن الأطباء والممرضين يضطرون للمخاطرة بحياتهم والذهاب إلى نقاط التوزيع العسكرية للحصول على بعض الغذاء لعائلاتهم.

استهداف المدنيين عند نقاط توزيع المساعدات

يتحدث د. ماينارد عن استهداف ممنهج للمدنيين عند نقاط المساعدات، ويؤكّـد أنه أجرى عمليات جراحية لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً أُصيبوا بالرصاص أثناء محاولتهم جلب الطعام لعائلاتهم. وقال إن هناك تقارير يومية عن عشرات الإصابات في صفوف المدنيين، بعضها ناجم عن طلقات نارية من الجيش الإسرائيلي عند نقاط توزيع المساعدات.

إصابات متعمدة في مناطق حساسة

وفي ما وصفه بـ”نمط مقلق”، لاحظ الجراح البريطاني أن الإصابات تتركز في الرأس والساقين والأعضاء التناسلية، ما يشير إلى استهداف متعمد. كما تحدث عن استهداف نساء حوامل ومُرضعات برصاص الطائرات المسيّرة.

“في الأيّام الأخيرة، أجريت عملية لامرأة أُصيبت أثناء إرضاع طفلها، وأُخرى كانت حاملًا. الاثنتان كانتا في خيامهما ولم تطلبا المساعدة، بل كنّ يحتمين في مناطق يُفترض أنها آمنة”.

“تواطؤ غربي لا يُحتمل

اختتم د. ماينارد شهادته بمهاجمة موقف بلاده، بريطانيا، من دعم سياسات الاحتلال، وقال:

“لا أستطيع تصديق أن العالم وصل إلى مرحلة يتفرج فيها على شعب يُجبر على تحمل التجويع والقصف، بينما المساعدات الطبية والغذائية على بعد أميال منهم”.
وأضاف: “تواطؤ حكومة بريطانيا مع جرائم الاحتلال لا يُحتمل، ويجب أن يتوقف. سيحاسب التاريخ ليس فقط من ارتكب هذه الفظائع، بل أَيْـضاً من وقف متفرجًا”.

وطالب الدكتور ماينارد بـ وقف إطلاق نار دائم، ورفع الحصار، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية دون قيود، محذرًا من أن “كل يوم من التقاعس يعني موت المزيد من الأطفال، ليس فقط؛ بسَببِ القنابل، بل؛ بسَببِ الجوع أيضًا”.

صحيفة “الغارديان” البريطانية

You might also like