نتنياهو بانتظار دخول أمريكا العدوانَ على إيران.. اليوم الحاسم وهذا ما سيحدث
دون واشنطن لن نُدمّـر البرنامج النوويّ الإيرانيّ.. مصادرٌ إسرائيليّةٌ رفيعةٌ: استنفدنا قوّتنا بالضربات والاستمرار بها سيجلب فوائد هامشيّةً جِـدًّا ويجِب ترجمة الإنجازات العسكريّة لسياسيّةٍ
متابعات..|
قال محلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هرئيل، إنّ الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، هرب حتى اللحظة من أي مواجهةٍ عسكريّةٍ، ولكنّه اليوم يقوم بفحص إمْكَانية الانضمام لإسرائيل في حربها ضدّ إيران.
ونقل عن مصادره الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب قولها إنّ إسرائيل عاجزة لوحدها عن تدمير البرنامج النوويّ الإيرانيّ، ولذا فإنّها متعلّقة برئيسٍ أمريكيٍّ متقلّبٍ، الذي يميل إلى الانسحاب، ولكن مع ذلك، أضافت المصادر عينها، فإنّ الإغراء للركوب على النجاح الإسرائيليّ بات كَبيراً، لأنّ ترامب بانضمامه إلى المواجهة سيدّعي بأنّه وبواسطة قوّة السلاح تمكّن من إزالة التهديد الإيرانيّ، لافتةً إلى أنّ هذا الإغراء أكبر من ترامب نفسه، كما قالت.
إلى ذلك، رأى عوفر شيلح، النائب السابق في الكنيست الإسرائيليّ وباحثٌ كبيرٌ في معهد دراسات الأمن القوميّ أنّ الصيغة الأوضح لتحديد أهداف الحرب ضد إيران جاءت على لسان رئيس مجلس الأمن القوميّ تساحي هنغبي في مقابلاتٍ إعلاميّةٍ.
وَأَضَـافَ في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ أنّ “هنغبي، الذي يُعدّ من أقرب المقربين من رئيس الوزراء، ومن المرجح أنْ يكون قد نسّق معه هذه الرسائل، قال الأمور بصراحة: لا تمتلك إسرائيل القدرة على القضاء على المشروع النووي الإيراني باستخدام القوة العسكرية. الإنجاز المنشود من العملية العسكرية هو دفع الإيرانيين، بعد إضعافهم وتعرّضهم للضربات، إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، أولاً وقبل كُـلّ شيء، مع الولايات المتحدة، بحيث يوافقون على فرض قيود صارمة عليهم، من شأنها أن تؤخّر توصُّلهم إلى سلاح نووي أعواما عديدة على الأقل، إن لم تُلغِه تمامًا”، طبقًا لأقواله.
وتابع شيلح أنّ “هنغبي أضاف أنّ إسرائيل لا تنوي في هذه المرحلة اتِّخاذ خطواتٍ تهدف إلى “قطع رأس” القيادة الإيرانيّة، واعترف بما هو واضح لكلّ عاقلٍ: لا نملك القدرة على إسقاط نظام آية الله”.
وأكّـد الباحث الإسرائيليّ أنّ تصفية كبار قادة الجيش والحرس الثوري ساهمت في إضعاف ردّة الفعل الإيرانيّة في المدى القصير، وهذا أمر مهم، لكنها لن تُزعزع النظام، صحيح أنّه نظام “استبداديّ”، لكنه متجذر شعبيًّا في دولة يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة”.
وشدّد شيلح في مقاله، الذي نقلته للعربيّة (مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة)، على أنّ “الوحيدون القادرون على إسقاط هذا النظام هم أبناء الشعب الإيرانيّ أنفسهم، وهنا قد يكون لظهور النظام في حالة من الضعف تأثير معيّن، لكن من الأفضل أنْ نكون متواضعين وواقعيين في تقييمنا، بل يمكن القول إنّ الهجوم قد يُعزّز مكانة النظام في المدى القصير”، على حَــدّ تعبيره.
ولفت إلى أنّ “المشكلة أنّ إيران ليست غزة، ومشروعها النووي ليس منظومة صواريخ حزب الله. فالحساب المفتوح مع الإيرانيين لن يُغلق سريعًا، وعلاوةً على كُـلّ ذلك، تلوح في الأفق التحذيرات التي أطلقها، قبل 14 عاماً، رئيس الموساد الراحل مئير داغان، أحد أعظم رجال العمليات في تاريخ إسرائيل، والذي وضع الأسس لإنجازات الموساد الأخيرة، ففي إفادةٍ قدّمها يوم مغادرته المنصب، حذّر داغان من ألّا يؤدي الهجوم الإسرائيليّ إلى إنهاء المشروع النووي، بل سيكون ذريعة لإيران لاستئنافه بكل قوة. وحسبما ذُكر سابقًا، فإنّ تدميره الكامل بواسطة عمليةٍ عسكريّةٍ إسرائيليّةٍ منفردةٍ ليس ممكنًا، حتى بحسب كلام تساحي هنغبي نفسه”، طبقًا لأقواله.
وتابع “وعليه، ما ينبغي لنا فعله هو الوصول، خلال الأيّام القليلة القادمة، إلى مفترقٍ حاسمٍ لاتِّخاذ القرار: إذَا لم تكن الولايات المتحدة تنوي المشاركة في الهجوم (ولا يوجد حَـاليًّا أي مؤشرٍ إلى ذلك)، فيجب الانتقال فورًا إلى معركةٍ سياسيّةٍ تهدف إلى تثبيت الإنجاز المحدود الذي تحقّق (وهو موضع خلاف أَيْـضاً في نظر كثيرين حول العالم) في مواجهة العناصر المادية للبرنامج النووي الإيرانيّ”.
واختتم الباحث الإسرائيليّ قائلاً إنّه “علينا دعم استئناف المفاوضات مع إيران، وقيادة بناء هندسة إقليمية جديدة في مواجهة المحور الإيراني المُنهك، بما يشمل إنهاء الحرب في غزة واستعادة الأسرى، بدلاً من الاستمرار في المقامرة كُـلّ مرّةٍ، من دون أي خطةٍ واضحةٍ لتحويله إلى نصرٍ، ومع تكاليف تزداد إلى حَــدّ أنّ نجاحات الضربة الافتتاحية قد تتضاءل أمامها”، كما قال.
وفي الختام، نقلت (هآرتس) العبريّة عن مصادرَ أمنيّةٍ رفيعةٍ اليوم الأربعاء قولها إنّ إسرائيل وصلت إلى الحدّ الأقصى من قدراتها على إنزال الضربات بإيران، ولذا فإنّه في الأيّام القريبة القادمة ستجِد أنّ الضربات العسكريّة لم تعُد تؤثّر وأنّ نتائجها ستكون هامشيّةً جِـدًّا، على حَــدّ تعبيرها.