“معاريف”: رملُ ساعة حرب غزة ينفد و”إسرائيل” لا تعرف شكلاً لنهايتها
متابعات..| تقرير*
بعد أكثر من 600 يوم على حرب الإبادة، يحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي “كسر حركة حماس، وتحرير 58 من محتجزيه لا يزالون في أسر الأخيرة”، وفقاً لما أفادت به صحيفة “معاريف”، اليوم الأحد، مشيرة إلى أنه “في إسرائيل بات الإدراك أن الحرب الأبدية لن تتمكن من الاستمرار إلى زمن طويل”. فعدا عن الأجندة السياسية للحكومة الإسرائيلية، ثمة قيودٌ عديدةٌ “سيُطلب من إسرائيل مراعاتها” مع مواصلتها الحرب؛ إذ بحسبها “بدأت الساعة الرملية لإنهاء الحرب تدق. والسؤالان المهمان هما: ما هو حجم الاستثمار في هذه العملية، وكيف ستدير إسرائيل مسار النهاية؟”.
أما في ما يخص القيود، فربطتها الصحيفة بالمجتمع الدولي الذي بدأ بـ”الضغط على إسرائيل”؛ حيث طالبت قوى كألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إلى جانب إسبانيا ودول أخرى بإنهاء الحرب، حتّى إن بعضها بدأ بدحرجة كرة العقوبات نحو إسرائيل. وفي الأثناء “بقي الدرع المركزي بالنسبة للأخيرة ممثلاً بالإدارة الأميركية، حيث لا تزال تعلن وقوفها إلى جانب تل أبيب وتوفر لها دعماً لعمليتها العسكرية”.
مع ذلك، رأت الصحيفة أنه ينبغي فهم مكمن الدعم في الوقت الحالي، فالأميركيون بحسبها يتقدّمون بالمفاوضات مع إيران، والهدوء الذي يوفرونه لإسرائيل للعمل في ساحة غزة هو الأمر الوحيد المستعدون لدفعه حالياً حتّى لا تشوّش تل أبيب على مباحثات النووي الإيراني. أمّا الأمر الآخر الذي قد يُقصّر عمر الحرب، بحسبها، فهو أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي لا يزال يسمح في الوقت الحالي باستمرار الحرب، “قد يستيقظ غداً أو بعد غدٍ برأي مختلف، حيث ستبدو الأمور على نحو آخر تماماً”، في إشارة إلى تقلبات الرئيس الأميركي الذي يغيّر مواقفه بصورة هجينة وغير متوقعة.
ولئن كانت إسرائيل تهدف كما تعلن إلى سحب البساط من تحت أقدام حماس، وحرمانها إدارة حياة الفلسطينيين، باعتبار ذلك جزءاً من غايات الحرب المتمثلة في القضاء على الحركة سلطوياً وعسكرياً، رأت الصحيفة أن مساراً كهذا سيكون ذا تأثير كبير في سياق الحرب نتيجة للفوضى التي ستنجم عنه، والتي بدأت إرهاصاتها تظهر مؤخراً.
وعلى الرغم من أن الجيش بدأ يلحظ “كسر حاجز خوف الفلسطينيين من حماس” لكنه بات متخوّفاً، بحسب الصحيفة، من توجيه غضب السكان الفلسطينيين نحوه، فالوضع الناشئ قد يكون “بمثابة منحدر زلق؛ حيث قد ينكسر خوف السكان في مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي، وعندها قد تجد إسرائيل نفسها في مكان لا ترغب في أن توجَد فيه”. ولم توضح الصحيفة كيف سيتوجه غضب الفلسطينيين المُجوّعين والعُزل تجاه الجيش المدجج بأعتى أنواع الأسلحة.
إلى كل ما تقدّم، يُضاف الخوف من أن تُحوِّل صور الفوضى والمجاعة، التي يُطلق عليها الجيش اسم “صور الصومال”، العالم بأسره ضد إسرائيل – مع كل ما يعنيه ذلك. وبحسب الصحيفة “يُدرك الجيش هذا الأمر، وقد اتخذ خلال نهاية الأسبوع خطوات دراماتيكية في غزة. من بينها على سبيل المثال، إخلاء مئات الآلاف من شمال القطاع وإجبارهم على النزوح جنوباً إلى مدينة غزة”.
وفي الأثناء، يخوض الجيش مناورة برية في خمس نقاط؛ أوّلها: رفح حيث يستكمل الجيش تدمير المدينة، خصوصاً في أحياء تل السلطان، الشابورة والجنينة. وثانيها: خانيونس؛ حيث أجبر الجيش 250 ألف فلسطيني على النزوح نحو المواصي، فيما تواصل الفرقتان 36 و98 في جيش الاحتلال إخضاع كتيبة المدينة. والهدف من ذلك بحسب الصحيفة هو تحويل خانيونس إلى رفح ثانية بواسطة القصف الجوي المكثّف، المصحوب بالقصف المدفعي.
وثالثها: هو العملية التي تقودها الفرق 162، و99، و”غزة” في ثلاث نقاط ومحاور قتالية في شمال القطاع أهمها في جباليا. وفي الشمال عموماً يهاجم الجيش بثلاثة مستويات قصف من الجو والبحر والبر. شدّة القصف في هذه المناطق وصلت أصداؤه إلى وسط إسرائيل، في إشارة إلى “أبواب الجحيم” التي فتحها الجيش على هذه المناطق، على حدِّ تعبير الصحيفة.
في ضوء كل ذلك، تُدرك حماس بحسب الصحيفة “أنها دُفعت إلى الزاوية”، وأن “وقف إطلاق النار سيُنقذ ما تبقى منها”. وعلى الرغم من هذا الواقع تلفت إلى الأيديولوجية التي تعتنقها الحركة وهي السلفية الجهادية التي تعبّر عنها بالتمسك بمبدأ “النصر أو الاستشهاد”، ما يعني أنه “يستحيل تحليل أفعالها وأفكارها بناءً للتفكير الغربي العقلاني”، فضلاً عن ذلك، تعزو الصحيفة تمسّك الحركة بشروطها في المفاوضات إلى حقيقة “أنه ثمة علاقة طردية بين تفاقم الوضع في غزة، وزيادة الضغط على إسرائيل”، وهو ما تعوّل عليه الحركة.
إلى ذلك، تشير الصحيفة إلى أن حماس حالياً تواجه تهديدين اثنين؛ يتمثل الأول في آلة الحرب الضخمة، والثاني في السكان الفلسطينيين. وتقدّر إسرائيل أن حماس تخشى من انقلاب السكان عليها في كل لحظة، خصوصاً أنها لم تعد تسيطر على توزيع المساعدات الغذائية.
وعلى الرغم من أن إسرائيل تدرك حجم الضائقة التي تعانيها الحركة، فتستغل ذلك بحملات دعائية تهدف إلى دفع الفلسطينيين إلى “التحرر من قبضة حماس”، إلى جانب السيطرة على مزيد من الأراضي واحتلالها، “إلا أنه لا يوجد أحد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قادر على استشراف ما سيحدث أولاً”، بحسب الصحيفة، التي أشارت إلى جملة من الأسئلة مثل: “هل سترفع حماس الراية البيضاء أولاً وتوافق على المقترح الأميركي؟ أم سيُسقط الفلسطينيون في غزة ما تبقى من قيادة حماس ومؤسساتها؟ أو سيُجبر الأميركيون، بضغط من الدول الأوروبية، إسرائيل على وقف الحرب؟”. وفيما تبقى هذه الأسئلة مفتوحة، تؤكد الصحيفة أنه ما هو واضح إلى الآن، هو أن شدّة أصوات القصف ستظل تُسمع في وسط إسرائيل في الأيام المقبلة، وأن لا أحد يعرف سيناريو نهاية هذه الحرب التي دخلت صباحاً يومها الـ604.