كل ما يجري من حولك

“جاكبيون الامريكية” : كيف أوقف الحوثيون الرأسمالية البحرية ..!

147

 

 

متابعات..|

 

نشرت مجلة “جاكوبين” الأميركية تقريرًا موسّعًا تناول تفاصيل التحول نوعي في الصراع الدولي، حيث نجحت أنصار الله (الحوثيون) في فرض حصار بحري على البحر الأحمر، أحد أهم ممرات التجارة العالمية، وكشف هشاشة المنظومة البحرية الرأسمالية الحديثة، وكل ذلك من دون امتلاكهم لأسطول بحري تقليدي.

 

وأوضح التقرير الذي اعده الصحفي أشوك كومار أن هذه التطورات جاءت بعد نحو شهر فقط من بدء إسرائيل هجومها المكثف على قطاع غزة في خريف عام 2023، حيث أعلن الحوثيون أنهم سيستهدفون السفن المتجهة إلى إسرائيل، ضمن ما وصفوه بواجبهم القومي والديني لنصرة الشعب الفلسطيني.

 

وأشارت المجلة إلى أن هذه العمليات اليمنية سرعان ما تطورت إلى حملة بحرية مستمرة، أدت إلى تعطيل الملاحة المرتبطة بإسرائيل نتيجة المخاوف من الاستيلاء على الناقلات العملاقة او ضربها كما حصل في الحالتين.

 

أدى ذلك وفقاً للمجلة إلى اضطراب فوري في أسواق الشحن، حيث اضطرت السفن العملاقة إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح لأول مرة منذ أكثر من قرن، ما تسبب بارتفاعات كبيرة في كلفة التأمين والشحن وأوقات العبور.

 

ولوحت المجلة بفشل العملية الأميركية “حارس الرخاء”، التي فشلت واشنطن في ضمان مشاركة فاعلة للدول الـ “20 ” التي ادعت مشاركتها فيها ناهيك عن الفشل في ردع الحوثيين.

 

واستند التقرير إلى تحليل لثلاثة عناصر أساسية تفسر نجاح الحوثيين: سيطرتهم على موقع جغرافي حيوي يتمثل في مضيق باب المندب، وقدرتهم على إنتاج أسلحة متطورة محليًا كالصواريخ والطائرات المسيّرة، واستغلالهم لنقاط الضعف البنيوية في شبكة الشحن العالمية، التي بنيت على أساس التوسع والكفاءة الفائقة، لكنها تفتقر للمرونة والتعددية.

 

وبيّن التقرير أن أنصار الله تمكنوا، من تطوير ترسانة محلية من الصواريخ والطائرات المسيّرة، بعضها قادر على إصابة أهداف بحرية على بُعد مئات الكيلومترات.

 

وفي إطار التداعيات الاقتصادية، أكد تقرير جاكوبين أن الحصار اليمني أدى إلى ما يشبه الانهيار الاقتصادي في ميناء إيلات الإسرائيلي، الذي أعلن إفلاسه في منتصف 2024 بعد عزوف شركات الشحن عن المرور عبر البحر الأحمر ، وارتفعت أقساط التأمين على السفن بنسبة 900%، وتضاعفت تكاليف الشحن من آسيا إلى أوروبا أربع مرات، ما شكّل عبئًا اقتصاديًا هائلًا على إسرائيل.

 

وكان من ابرز الآثار المباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي تعطيل صادرات الغاز الطبيعي الإسرائيلي، ما أجهض الطموح الامبريالي الإسرائيلي في أن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز.

 

وأبرز التقرير أن هذا الحصار لم يكن مجرد نجاح عسكري تكتيكي، بل كشف كيف يمكن لقوة صغيرة ذات موارد محدودة أن تؤثر استراتيجيًا على النظام الاقتصادي العالمي، من خلال استهداف البنية التحتية الحيوية للرأسمالية، المتمثلة في الموانئ، وشبكات الشحن، وأسواق التأمين. وأشار التقرير إلى أن الحملة الحوثية استطاعت أن تُخضع هذا النظام للابتزاز الاستراتيجي دون الحاجة إلى تفوق عسكري تقليدي.

 

وأضاف أن هذه الظاهرة تمثل تحولًا نوعيًا في موازين القوى العالمية، حيث لم تعد الهيمنة مرتبطة فقط بالقوة الصلبة، بل أصبحت مهددة من قبل جهات فاعلة غير حكومية تستخدم وسائل غير تقليدية، وتُخضع النظام العالمي لعوامل الخلل في الكفاءة والاعتماد الزائد على التمركز والتخصص. وأكد التقرير أن أنصار الله لم يكونوا بحاجة إلى إغراق السفن، بل فقط إلى جعل تكاليف المخاطرة أعلى من هامش الربح، وهو ما تحقق بالفعل.

 

واختتمت المجلة تقريرها بالقول إن ما جرى في البحر الأحمر منذ أواخر 2023 وحتى منتصف 2025 ليس مجرد أزمة عابرة، بل مؤشر على نهاية عصر التفرد العسكري في رسم ملامح الأمن العالمي، وولادة عصر جديد تكون فيه التجارة، واللوجستيات، ونقاط الاختناق، مسرحًا لصراعات أشد خطورة وأقل قابلية للحل بالقوة الصاروخية.

You might also like