إغلاقُ المعابر يفاقمُ آلامَ آلاف المرضى والجرحى الغزيين
متابعات..| تقرير*
على أسرّة المرض يرقد العديد من المصابين في مستشفى الوفاء للتأهيل الطبي والجراحة التخصصية، بانتظار فتح المعابر الحدودية لقطاع غزة كي يتسنى لهم الخروج واستكمال العلاج خارج القطاع، في ظل انهيار المنظومة الصحية في القطاع جراء استمرار حرب الإبادة الجماعية منذ 580 يوماً.
يقول مروان شعبان (45 عاماً) الذي أصيب بشلل رباعي إثر إصابته بشظايا في الرقبة والعمود الفقري، إنه وأثناء جلوسه في منزله بمنطقة تل الهوى، وإذ بصاروخين من طائرة حربية إسرائيلية يسقطان على المنزل المجاور له ليجد نفسه وقد طار من مكانه.
ويضيف شعبان في حديث إلى «الأخبار»: «منذ ما يقرب من الشهرين وأنا أجلس في مكاني ولا أقوى على الحركة في انتظار فتح المعبر كي يتسنى لي العلاج»، ويشير إلى أنه أصيب بكسور في العمود الفقري وبشظايا استقرت إحداها في الفقرة الحادية عشر من العمود الفقري وأخرى بحجم 4 سم استقرت في الرقبة.
ويأمل الشاب مروان أن يتم فتح معبر رفح كي يتسنى له السفر وإجراء العمليات الجراحية اللازمة كي يتمكن من المشي والعودة إلى حياته الطبيعية.
أما الحاج عبد الرؤوف أبو سيسي (59 عاماً)، فقد ارتقى شهيداً مطلع شهر نيسان الماضي بعدما تدهورت حالته الصحية وهو ينتظر إجلاؤه من أجل استكمال علاجه. وتقول ابنته منال لـ«الأخبار»، إن والدها أصيب في شهر كانون الأول بكسور معقدة في أطرافه اليمنى وشظايا في وجهه وبطنه، بالقرب من مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة.
وتوضح منال أنه أُجريت لوالدها عملية زراعة بلاتين في يده وقدمه اليمنى، «إلا أن نقص العلاج والأدوية اللازمة أدى إلى التهاب الجروح ليتقرر تحويله للعلاج بالخارج وبصورة عاجلة، إلا أن إغلاق المعابر حال دون ذلك رغم اقتراب موعد سفره، وهو ما أدى إلى تدهور حالته الصحية ومن ثم استشهاده».
ولازال أحمد زقوت (34 عاماً) ينتظر دوره من أجل استكمال عملياته الجراحية، بعدما فقد الأمل بالعلاج داخل قطاع غزة. ويقول أحمد لـ«الأخبار»، إنه أصيب في الفخذ الأيسر أثناء وقوفه على بسطة صغيرة للاسترزاق منها وإطعام عائلته بعدما فقد عمله في إحدى المؤسسات الخاصة.
-
الوحيدي: أكثر من 22.000 مريض وجريح بحاجة للسفر من أجل استكمال علاجهم خارج القطاع (أ ف ب)
ويضيف «بتاريخ 26/9/2024 سقط صاروخ حربي بالقرب من مدرسة الفلوجا بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، أفقدني الوعي لأستيقظ وأنا بالمشفى قد أجريت لي العمليات الجراحية اللازمة، إلا أنني ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن لم أتعافى ولازالت الآلام تنهش جسدي ليقرر الأطباء تحويلي للعلاج خارج البلاد لعدم توفر المستلزمات الطبية لعلاجي».
الاحتلال يتحكم بمصير عشرات الآلاف من المرضى الغزيين
بدوره، يؤكد مدير مركز المعلومات في وزارة الصحة، زاهر الوحيدي، أن أكثر من 22.000 مريض وجريح مسجلين لدى وزارة الصحة بغزة بحاجة للسفر من أجل استكمال علاجهم خارج القطاع، من بينهم أكثر من 13.000 مريض أنهوا إجراءاتهم وحصلوا على نموذج التحويل للعلاج.
ويقول مدير مركز المعلومات في حديث إلى «الأخبار»، أن 6134 تحويلة طبية حياة أصحبها مهددة بالموت في حال تأخرها عن العلاج، منها 3386 تحويلة طارئة لمرضى الأورام السرطانية وجراحات الكلى وقسطرة وجراحات القلب، و2748 تحويلة للمصابين في العظام وبحاجة إلى تدخلات عاجلة يمكن أن يؤدي تأخرها إلى بتر أطرافهم أو تسمم أجسادهم ليفقدوا بعدها حياتهم مثلما حدث مع ما يقرب من 408 حالات من المرضى والمصابين الذين استشهدوا وهم في انتظار الخروج من المعبر لاستكمال علاجهم.
ويبين الوحيدي أن إجمالي المرضى والمصابين الذين غادروا عبر معبرَي رفح وكرم أبو سالم خلال عام ونصف العام بلغ 7229 مريضاً وجريحاً.
من جهته، يوضح مسؤول ملف العلاج بالخارج، الدكتور محمد أبو سلمية، أن تصنيف أولويات السفر للمرضى والمصابين يتم وفقاً لعاملَين، أُولاهما: صعوبة الحالة الصحية للمريض أو الجريح، والتخصص الذي تحدده الدولة المستضيفة للحالة المرضية.
ويقول الدكتور أبو سلمية في حديث إلى «الأخبار» أن آلاف المرضى والمصابين لازالوا على قوائم الانتظار بحاجة ماسة للسفر للعلاج بالخارج، «خاصة وأن القطاع الصحي في قطاع غزة منهار بشكل كامل».
ويشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع الوفود الطبية من دخول قطاع غزة، بالإضافة إلى أنه لم يتم إدخال أي حبة دواء أو مستلزمات طبية إلى القطاع غزة منذ 70 يوماً، «ما يفاقم من الوضع الصحي للمرضى والمصابين ويؤدي إلى استشهاد العشرات منهم»، لافتاً إلى أن الأعداد التي يسمح الاحتلال لها بالسفر «ضئيلة جداً مقارنة بالأعداد المسجلة على قوائم الانتظار».
ويقول أبو سلمية «يُحرم العشرات من المرضى والمصابين العلاج في الخارج، نتيجة تحكم الاحتلال في أعدادهم ورفض سفر الكثير منهم أو لمرافقيهم».
ويضيف «كان من المقرر سفر 50 مريضاً في اليوم خلال فترة الهدنة، إلا أن الاحتلال سمح بسفر 40 مريضاً يومياً فقط، أما اليوم فلا يسمح الاحتلال بالسفر سوى لأعداد ضئيلة جداً، حيث أنه سجل سفر 7 أطفال منذ مطلع الشهر الحالي وحتى الآن عبر معبر كرم أبو سالم الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي».
ويشدد أبو سلمية على ضرورة فتح المعابر والسماح لآلاف المصابين والمرضى بالسفر يومياً لاستكمال علاجهم و«عدم تركهم يصارعون الموت حتى يفقدوا حياتهم أو أطرافهم».