كل ما يجري من حولك

“إسرائيل” تواصل «الاغتيال البطيء»| 66 أسيراً شهيداً منذ 7 أكتوبر

144

متابعات..| تقرير*

أصبح الأسير محيي الدين نجم (60 عاماً – جنين)، الشهيد الـ66 في صفوف الحركة الأسيرة، منذ السابع من أكتوبر 2023، بعد الإعلان عن استشهاده، أمس، في مستشفى «سوروكا» الإسرائيلي؛ علماً أن نجم، المعتقل منذ آب 2023، أمضى ما مجموعه 19 عاماً في سجون الاحتلال، وهو متزوج وأب لستّة. ويبدو أن الشهيد تعرّض لجريمة طبية، بفعل حرمانه الكلّي من العلاج، وهو الذي يعاني مشكلات صحية مزمنة.

وقالت «هيئة الأسرى» و«نادي الأسير»، إن الاحتلال ارتكب جريمةً مركّبة بحقّ الأسير، عبر استمرار اعتقاله إدارياً على مدى أكثر من عامين، وحرمانه من العلاج والرعاية الصحية، وهو واحد من بين مئات الأسرى المرضى، الذين يواجهون عمليات قتل بطيء وممنهج. وأضافت «الهيئة» و«النادي» أن وتيرة تصاعُد أعداد الشهداء في صفوف الأسرى والمعتقلين، ستأخذ منحًى أكثر خطورة مع مرور مزيد من الوقت على احتجاز الآلاف، وتعريضهم يوميّاً لجرائم، أبرزها التعذيب، والتجويع، والاعتداءات بكل أشكالها، والجرائم الطبية، فضلاً عن الاعتداءات الجنسية، وتعمّد فرض ظروف تؤدّي إلى إصابتهم بأمراض خطيرة ومعدية، أبرزها الجرب، والسكايبوس.

ورغم حالة التعتيم التي تفرضها سلطات السجون، عبر منع زيارة الأهالي ولجان الصليب الأحمر والمحامين، إلا أن شهادات خرجت من داخل السجون كشفت عن تفاصيل مروّعة من التعذيب الممارس بحقّ هؤلاء. وفي حين تشير التقديرات إلى استشهاد المئات من قطاع غزة داخل السجون، تتواصل فصول الانتهاكات بحقّ جميع الأسرى: من التعذيب الجسدي والنفسي، والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي المتعمّد، وصولاً إلى سياسة «الاغتيال البطيء».

وتتعلّق الشهادات التي نُشرت أخيراً، بمحاولات اغتيال متعمّدة لقادة من حركة «حماس»، وتحديداً ذراعها العسكرية، «كتائب القسام»، في الضفة الغربية، والذين يفترض أن يكونوا على رأس أيّ صفقة تبادل محتملة بين العدو والمقاومة الفلسطينية. وممّا تسرّب، يتعرّض قائد «القسام» في شمال الضفة، الأسير عباس السيد، المعتقل منذ عام 2002 والمحكوم بـ35 مؤبداً، لواحدة من أقسى حالات التنكيل في العزل الانفرادي في سجن «رامون»، حيث يواجه تعذيباً جسدياً، وتجويعاً، وإهمالاً طبيّاً فادحاً، أدى إلى تدهور خطير في حالته الصحية؛ علماً أنه يعاني التهاباً حادّاً في العينين نتيجة حرمانه من العلاج، ما أثّر على نظره، إلى جانب التهاب جلدي حادّ.

وتتّهم سلطات الاحتلال، السيد بتنفيذ عمليات نوعية خلال الانتفاضة الثانية، أبرزها عملية فندق «بارك» في نتانيا، ولعِب دورٍ بارزٍ في إدارة الإضرابات وتنظيم صفوف الحركة الأسيرة في السجون. ومنذ السابع من أكتوبر، وضْع السيد في حبس انفرادي، أسهم في تدهور حالته الصحية بشكل مقلق، خصوصاً مع انخفاض وزنه إلى 55 كيلوغراماً، بسبب التجويع.

شهادات خرجت من داخل السجون كشفت عن تفاصيل مروّعة من التعذيب الممارس بحقّ الأسرى

ومن جهتها، كشفت تالا، ابنة الأسير عبد الله البرغوثي، نقلاً عن محامية تمكّنت أخيراً من زيارة والدها، أن غالبية عظام جسده مكسرة نتيجة الضرب. وقالت تالا إن المحامية التي زارت والدها، القيادي في «القسام» في الضفة والمعتقل منذ عام 2003 ومحكوم عليه بـ67 مؤبداً، خرجت «عاجزة عن التعبير أمام هَول ما رأته من بشاعة التعذيب الذي يُمارَس بحقّه. لم يكن لقاءً عادياً، بل صدمة إنسانية تُختصر فيها معاناة أسير يُعذّب كل يوم، وتُسحق كرامته بلا رحمة».

وأفادت تالا البرغوثي بأن والدها يتعرّض للضرب المبرح يوميّاً ولساعات طويلة، بعد أن يتمّ إخلاء القسم من الأسرى، ليُترك وحيداً تحت أدوات القمع ومنها العصي الحديدية، مشيرة إلى أن الضرب «ترك آثاراً مروّعة على جسده، حيث أصبحت كل عظامه مصابة بكسور وآلام حادّة، وهو لا يقوى على الوقوف أو الحركة». ونقلت عن المحامية، قولها إن «ما يساعده على البقاء، هم الأسرى الآخرون الموجودون معه في القسم، حيث يقومون بتعقيم جروحه بسائل الجلي، في ظلّ غياب تام لأيّ رعاية صحية أو حتى وسائل إنسانية بسيطة».

وبحسب ما وثّقته مؤسسات الأسرى، يتعرّض البرغوثي لمحاولة تصفية جسدية، عبر جولات متكرّرة من الضرب الوحشي، وإدخال الكلاب لنهش جسده، وسكب مواد تنظيف حارقة عليه بعد كل تعذيب.

كذلك الأمر بالنسبة إلى الأسير حسن سلامة، الذي يتعرّض لاعتداءات متكرّرة في سجون الاحتلال، حيث يقبع، منذ أشهر، في عزل انفرادي مستمرّ في زنزانة في سجن «مجدو»، ويعاني، حاله حال زملائه، إهمالاً طبيّاً وتجويعاً تمارسه إدارة السجون، وأيضاً جوعاً، فضلاً عن تساقط أسنانه وضعف في البصر وصداع دائم. وتحرم إدارة السجون، سلامة، الذي يتّهمه الاحتلال بقيادة عمليات «الثأر المقدّس» ردّاً على اغتيال يحيى عياش، من النظارات الطبية، رغم مطالباته المتكرّرة.

أمّا الأسير مهند شريم، أحد أبرز قادة الحركة الأسيرة، فهو إحدى ضحايا التنكيل الصامت في سجون الاحتلال، بعدما أمضى أكثر من سبعة أشهر من العزل التامّ تنقّل خلالها من عزل «جلبوع» إلى عزل «مجدو». وشريم الذي اعتقل في 2002 بعد مطاردة طويلة استمرّت أشهراً إثر اتّهامه بالانتماء إلى «القسام»، وقيادته عملية فندق «بارك» التي أسفرت عن مقتل 30 جندياً ومستوطِناً إسرائيلياً وإصابة العشرات، يمضي حكماً بالسجن 29 مؤبداً، و20 عاماً إضافية. ويعاني، وفقاً لمكتب إعلام الأسرى، من هزال شديد، بعدما خسر من وزنه ما يقارب الـ45 كيلوغراماً.

وتؤكد شهادات الأسرى تصاعُد وحشية اعتداءات الاحتلال عليهم، مع عودة وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، إلى الحكومة، كونه المسؤول المباشر عن السجون. وتشير بيانات «نادي الأسير» إلى أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال، تجاوز، مع مطلع نيسان 2025، حاجز الـ9900 أسير، بينهم نحو 400 طفل، و27 أسيرة، في حين ارتقى، منذ 7 أكتوبر، 66 أسيراً، نتيجة التعذيب والإهمال وظروف الاعتقال السيئة، ما يجعل استمرار الصمت العالمي تواطؤاً مع القتلة.

* الأخبار
You might also like