مؤتمرُ الكردي يكسر سقفَ 10 آذار: الفدرالية مطلباً أوّلَ
متابعات..| تقارير*
«خطوة كبيرة من جزء صغير»؛ هذا هو العنوان الذي افتتحت به صحيفة «يني أوزغور بوليتيكا»، المحسوبة على «حزب العمال الكردستاني»، صفحتها الأولى، في إشارة إلى المؤتمر الكردي الذي انعقد، السبت، في مدينة القامشلي، واكتسب أهمية بالغة، في ضوء مشاركة جميع المكونات الكردية فيه، وتشديده ختاماً على «فدرالية سوريا». وافتتح «مؤتمرَ روجافا للوحدة الكردية والموقف المشترك»، القائدُ العام لـ«قوات سوريا الديموقراطية»، مظلوم عبدي، الذي أكد أن «وحدة الأكراد هي من وحدة سوريا، وقوّة الأكراد قوّة لسوريا. نريد سوريا لا مركزية وديموقراطية وشاملة للجميع».
ولعلّ ممّا أعطى المؤتمر زخماً إضافيّاً، البرقيات المؤيّدة التي وصلت من قادة أكراد العراق؛ إذ حيّا رئيس «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، المجتمعين، آملاً في أن «يواصل الشعب الكردي نضاله من أجل حقوقه، وأن تصان هذه الحقوق في الإطار الدستوري»، في حين توجّه بافل جلال طالباني، باسم «الاتحاد الوطني الكردستاني»، إلى المجتمعين بإعلان التضامن مع «وحدة أكراد روجافا، وحقّهم الأساسي في الحصول على وضع دائم». أمّا رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، فاعتبر، في رسالته، أن «انعقاد المؤتمر الوحدوي الكردي أدخل الفرح إلى قلوب الشعب الكردي في كل أنحاء العالم».
وبدورها، لفتت الرئيسة المشتركة لـ«المؤتمر الوطني الكردستاني»، زينب مراد، إلى أن «التحضير لهذا اليوم، بدأ منذ زمن طويل. ستكون لهذا المؤتمر التاريخي آثار عظيمة على أجزاء كردستان الأربعة».
لم تشر الوثيقة إلى مستقبل قوات «قسد» المسلحة، أو إلى طبيعة «الدمج» الذي تحدّث عنه اتفاق العاشر من آذار
وبنتيجته، أقرّ المؤتمر وثيقة الموقف السياسي المشترك لكلّ أكراد سوريا، والتي يمكن إجمالها بما يلي:
1- سوريا دولة متعددة القوميات والثقافات والأديان والمعتقدات، ويجب أن تضمن في دستورها وقوانينها، حقوق جميع المكونات الإثنية من عرب وأكراد وتركمان وآشوريين وشركس، كما المكونات المذهبية من علويين ودروز وأيزيديين ومسيحيين.
2- يكون نظام الحكم في سوريا برلمانيّاً بمجلسَين، ويراعي التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وفصل السلطات وإقامة مجالس إقليمية في إطار نظام لا مركزي.
3- سوريا دولة لا مركزية.
4- حياد الدولة تجاه الأديان والمعتقدات وحق ممارسة الشعائر الدينية.
5- تحقيق المساواة بين الجنسين.
6- إعادة النظر في التقسيمات الإدارية القائمة لمراعاة الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية.
7- منع التغيير الديموغرافي في المناطق الكردية وجميع مناطق سوريا.
8- تشكيل مجلس تأسيسي يضمّ ممثلين عن جميع المكونات، تمهيداً لصياغة مبادئ ديموقراطية وتشكيل حكومة ذات سلطة تنفيذية كاملة تمثّل الجميع.
9- حقّ التعبير باللغة الأم والحق في التعليم والثقافة لجميع المكونات.
10- إعلان الثامن من آذار يوماً للمرأة في المنطقة القومية الكردية.
11- توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية وإدارية متكاملة تحت مظلّة سوريا فدرالية.
12- الاعتراف بالوجود القومي للشعب الكردي في سوريا كشعب أصيل، وضمان حقوقه الوطنية دستوريّاً بحرية ومساواة.
13- الاعتراف باللغة الكردية لغة رسمية في الدستور، إلى جانب اللغة العربية.
14- اعتبار الـ21 من آذار عطلة رسمية في البلاد، إضافة إلى الـ12 من آذار، ذكرى انتفاضة القامشلي.
15- إلغاء كل الإجراءات المطبقة ضدّ الأكراد، ومنها الحزام العربي وعمليات التعريب، وإلغاء الاتفاقات العلنية والسرية التي تمسّ الأكراد وسيادة سوريا.
16- إعادة الجنسية السورية إلى الأكراد الذين سُحبت منهم نتيجة الإحصاء الاستثنائي عام 1962.
ويمكن في ضوء تلك المضامين، إيراد الملاحظات التالية:
1- الوثيقة أقرب إلى المطالبة باستنساخ تجربة الفدرالية في شمال العراق.
2- تذهب الوثيقة بعيداً في تفسير اتفاق العاشر من آذار بين الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات «قسد» مظلوم عبدي، فيما ظهر بوضوح، في جزء منها، رفضها مبادئ «الإعلان الدستوري» الصادر عن الشرع، وهو ما ردّ عليه الأخير سريعاً ببيان مستعجل منتقد للمؤتمر والوثيقة، في ما يؤشر إلى بداية مساومات صعبة حول الاتفاق.
3- لم تشر الوثيقة إلى مستقبل قوات «قسد» المسلحة، أو إلى طبيعة «الدمج» الذي تحدّث عنه اتفاق العاشر من آذار.
4 – مع أن الوثيقة اقتصرت على الشأن الداخلي السوري، لم يكن مبرَّراً تجاهلها احتلال القوات الإسرائيلية أو التركية لأراض سورية، أو الدعوة إلى انسحابها، علماً أن العاملَين الإسرائيلي والتركي متداخلان مع مسار العملية السياسية السورية تأثيراً وتأثُّراً.
وانطلاقاً مما تقدّم، لم يكن مستغرَباً أن يكون ردّ الفعل التركي على انعقاد المؤتمر حادّاً؛ إذ إن وزير الخارجية، حاقان فيدان، أكد أن بلاده لن تسمح بتمركز المسلحين الأكراد في سوريا، وأنه «كما ستخرج داعش، سوف يخرجون هم من سوريا». أما الصحف التركية، سواء تلك الموالية أو حتى المعارضة، فعارضت انعقاد المؤتمر، وأشار بعضها إلى أن سبعة من قادة «الاتحاد الديموقراطي الكردي» السوري مطلوبين بمذكّرات حمراء للاعتقال، كانوا يتقدّمون الصفوف الأمامية للمؤتمر، وهم: مظلوم عبدي، وفوزت يوسف، وآسيا عبد الله، وألدار خليل، وحنيفة حسين، وسمير آصو، ورديدور خليل، ونسرين عبد الله. وذكرت إحدى الصحف أن بيان المؤتمر النهائي تلته فوزت اليوسف، التي نفّذت عمليات دموية عدّة ضدّ تركيا في التسعينيات.
* الأخبار