عودة خطة «الفقاعات الإنسانية»: «نتساريم» نموذجاً ملهماً للاحتلال
متابعات..| تقارير*
تمنع سلطات الاحتلال، منذ نحو 50 يوماً، دخول أي نوع من المساعدات والبضائع إلى قطاع غزة. وفي ظل ارتفاع مؤشرات الجوع ونفاد آخر كميات الطحين والوقود، ومطالبة المؤسسات الدولية والهيئات الأممية بضرورة وضع حد لسياسة التجويع الممنهج، تعمل المؤسسة الأمنية والسياسية، ومن خلفها الصحف الإسرائيلية في الفضاء الإعلامي، على نقل المشكلة إلى حركة «حماس»، باعتبار أن سيطرة الأخيرة على المساعدات هي العائق الذي بسببه يجوع مليونا إنسان.
وخلال الأيام الأخيرة، عاد الحديث عن مناقشة أطروحات لتوكيل شركات أجنبية، أميركية تحديداً، مهمّة توصيل المساعدات بل وتوزيعها على الفلسطينيين تحت إشراف إسرائيلي، وهو الحل الوسط الذي تحاول المؤسسة الأمنية من خلاله إعفاء نفسها من المهمة، التي ستغرقها في مسؤوليات «أخلاقية» أمام المجتمع الدولي، باعتبارها الحاكم العسكري للقطاع، والذي سيتولّى لاحقاً مهمة إعادة تأهيل الحياة المدنية بأكملها، فضلاً عما يحمله هذا الخيار من زيادة فرص الاحتكاك المباشر مع الفلسطينيين، ما يجعل الجيش عرضة أكبر للخسائر البشرية.
وفي هذا الإطار، يدور الحديث عن مخطّطات لتحويل مدينة رفح إلى منطقة إنسانية منزوعة السلاح، سيُطلب من الأهالي النزوح إليها للحصول على الطعام بعد أن يخضعوا للتدقيق الأمني. وعلى الرغم من أن تلك الفرضية غير واقعية، وهي أصلاً إعادة تدوير لخطة «الفقاعات الإنسانية»، والتي لم تسمح ظروف الميدان بتطبيقها في مناطق شمال وادي غزة طوال 15 شهراً من ذروة الضغط العسكري التي سبقت المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، غير أن الجديد، هذه المرة، هو وجود نموذج ناجح، تمثّل في الإدارة الهجينة لحاجز «نتساريم» طوال 42 يوماً من المرحلة الأولى، إذ شكل تولّي شركة أميركية خاصة مهمة الرقابة هناك، بمشاركة قوة مصرية – قطرية، مرتكزاً يمكن الانطلاق منه في حل أزمات أخرى، بينها قضية المساعدات.
وخلال الأيام الماضية، تحدّثت الصحف العبرية عن ذلك النموذج بوصفه الحل الوسط، والذي يعفي إسرائيل من الغرق الطويل الأمد في غزة، ويلبّي الهواجس الأمنية، وفي القلب منها وصول المساعدات إلى يد «حماس». كما من شأن الاعتماد على موظفين عرب يتبعون الوسطاء، التقليل من فرص الاحتكاك المباشر بين الأميركيين والفلسطينيين. وأياً يكُن، يبدو أن الحديث المكثّف حول هذه القضية يأتي في إطار محاولة لملء الفراغ وتسكين الضجة الإعلامية المتصاعدة، والتي تثيرها سياسة التجويع.
أما على الصعيد الميداني، فأفادت صحيفة «يسرائيل هيوم» بأن جيش الاحتلال بدأ العمل على تأمين المنطقة الواقعة بين محوري صلاح الدين (فيلادلفيا) و«موراج» المستحدث، تمهيداً لتوسيع العملية البرية، بعد أن صادق رئيس الأركان، إيال زامير، على خطط عملياتية جديدة، الجمعة الماضي. وشهدت الـ24 ساعة الماضية كثافة في المجازر الجماعية، التي طاولت تجمعات المواطنين والخيام والمنازل المأهولة؛ إذ ارتكب العدو مجزرة بحق عائلة أبو مهادي في حي الفاخورة في مدينة بيت لاهيا شمال غزة، راح ضحيتها 11 مواطناً فضلاً عن إصابة آخرين. كما أغارت الطائرات الحربية على تجمع للمواطنين في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، ما تسبب بارتقاء 9 مواطنين وإصابة العشرات، فيما سجّلت المصادر الطبية سقوط 52 شهيداً في عمليات استهداف متفرقة في مناطق القطاع كافة.