كل ما يجري من حولك

لا «بديل» من العلاقات مع طهران: بغداد تنتظر انفراجة

45

متابعات..| تقرير*

مع كل جولة إضافية من المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، يجدّد العراقيون آمالهم بأن يسفر أي تخفيف محتمل في حدّة التوترات بين الطرفين عن استقرار لطالما انتظروه، ولا سيما أنّ تبعات نجاح الجهود الدبلوماسية الحالية لن تقتصر على إيران وحدها، بل ستطاول على الأرجح «جيرانها»، وعلى رأسهم العراق، الذي يتأثّر بشكل مباشر بالعلاقات الأميركية – الإيرانية في مجالات كثيرة، من مثل الاقتصاد والطاقة والمال. وفي ما يتعلق بقطاع الطاقة تحديداً، يعتمد العراق، منذ عقدين، بشكل رئيسي، على استيراد الغاز الطبيعي الإيراني لتشغيل معظم محطات إنتاج الكهرباء، خاصةً في محافظات الوسط والجنوب.

ويُشكل هذا الاعتماد مصدر قلق مزمن للحكومة العراقية، ولا سيما مع تكرار انقطاع الإمدادات، على خلفية إلغاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تأشيرة السماح بشراء الغاز، والعقوبات المتزايدة على طهران.

وعليه، وفي حال حصول انفراج في العلاقات بين واشنطن وطهران، يتوقّع محللون أن يستقر تدفق الغاز الإيراني إلى العراق بشكل أكبر، ما سيسهم في تحسين إنتاج الكهرباء وتقليل ساعات انقطاعها، خاصة خلال أشهر الصيف الحارّة، أي عندما يصل الطلب على الطاقة إلى ذروته.

وبالإضافة إلى ملف الطاقة، يحمل أي اتفاق محتمل فرصاً جديدة للحركة التجارية بين العراق وإيران؛ إذ إنّه في السنوات الأخيرة، كانت العقوبات الأميركية المفروضة على طهران تُكبّل جزءاً من التبادل التجاري بين البلدين، على الرغم من المحاولات المستمرة للالتفاف عليها عبر التبادلات النقدية المحلية والمقايضة.

تتخوّف الحكومة العراقية الحالية من فشل المفاوضات الأميركية – الإيرانية

ويؤكّد النائب السابق عن اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي، محمد الشمري، لـ«الأخبار»، أن تخفيف القيود، أو رفع جزء من العقوبات، قد يفسح المجال أمام انتعاش التجارة البينية، وزيادة حركة البضائع والخدمات، ما سينعكس على الأسواق العراقية التي تعتمد على كثير من السلع المستوردة من إيران، بدءاً من المواد الغذائية ووصولاً إلى المنتجات الصناعية.

ويضيف أن العراق بحاجة إلى استقرار العلاقات الإقليمية، خاصةً مع إيران، لأن أي اضطراب ينعكس، بشكل فوري، على الأسواق المحلية، ويؤثّر على أسعار السلع الأساسية.

مالياً، يرتبط ملف التحويلات المالية والمصارف العراقية التي تتعامل مع المصارف الإيرانية، بشكل كبير، بالمفاوضات الجارية، في وقت يواجه فيه العراق، منذ مدة، تحديات معقّدة نتيجة الضغوط الأميركية على نظامه المصرفي لمنع تمويل التعاملات مع جهات خاضعة للعقوبات.

وبصورة أعم، فرضت واشنطن رقابة مشدّدة على حركة الدولار في العراق، ما أثّر على مرونة السوق المالية وأدّى إلى ارتفاع أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي.

وتعقيباً على ذلك، يرى الخبير الاقتصادي، محمد العلي، في حديث إلى «الأخبار»، أن أيّ انفراجة بين طهران وواشنطن قد تسهم في تخفيف القيود على التحويلات المصرفية، وتمنح المصارف العراقية مرونة أكبر في التعاملات الإقليمية، ما سينعكس إيجاباً على استقرار السوق وسعر الصرف، وعلى سهولة التعامل التجاري مع إيران وغيرها من الدول، لافتاً إلى أنّ «مستقبل سعر الصرف سيبقى معلّقاً بهذه المفاوضات، وما سيتمخّض عنها من تفاهمات، ما يجعل حتى الحكومة الحالية متخوّفة من فشل المفاوضات».

على أنّ الخبير الاقتصادي نفسه يحذّر من «الإفراط في التفاؤل»، نظراً إلى أنّ ترامب لا يبدي أي مرونة إزاء بعض الملفات، ولا يزال يعمل على فصل العراق عن إيران في مجالات عدة، من مثل الطاقة والاقتصاد، جنباً إلى جنب بعض القضايا الأمنية.

من جهته، يلفت علي الشطري، الخبير في شؤون الطاقة، إلى أنّ أي اتفاق دولي مع إيران قد يضمن استمرارية ضخ الغاز من دون معوقات، ما يضع العراق أمام فرصة حقيقية لمعالجة أزمته الكهربائية التي طال أمدها. ويردف أن اتفاقاً كهذا سيؤمّن «متنفّساً» للاقتصاد والطاقة والنفط والاستثمار في مجالات عدة في العراق.

وعلى الرغم من أنّ الحكومة الحالية تحاول تأمين بدائل أخرى، من مثل التعاقد مع قطر وتركيا وتركمانستان وغيرها، إلا أنها تعوّل، في الوقت عينه، بشكل كبير على المفاوضات، إدراكاً منها بأن مثل تلك الدول لن تكون قادرة على تعويض العلاقات مع إيران.

* الأخبار البيروتية
You might also like