فوكس: “الفارسُ الجامح” ضد اليمن قد يُدخِلُ أمريكا في مستنقع جديد بالشرق الأوسط
متابعات..|
نشر موقع Vox الأمريكي تقريراً مطولاً حذر فيه من العواقب الاستراتيجية للحملة العسكرية الأمريكية المستمرة ضد اليمن تحت اسم “عملية الفارس الجامح”، مشيراً إلى أن العملية قد تُدخل الولايات المتحدة في مستنقع طويل الأمد على النقيض من تعهدات الرئيس دونالد ترامب بإنهاء “الحروب الأبدية” التي خاضتها واشنطن في الشرق الأوسط خلال العقود الماضية.
وأشار التقرير إلى أن “جماعة أنصار الله (الحوثيين)” كانت قد أوقفت مؤقتاً عملياتها ضد السفن في البحر الأحمر عندما دخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في يناير الماضي، لكنها استأنفت الهجمات في مارس بعد أن منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ما دفع صنعاء لتجديد عملياتها بما في ذلك استهداف مواقع في إسرائيل.
وزعم التقرير الأمريكي أن ما وصفه بالهدوء النسبي الذي شهدته مياه البحر الأحمر يعود لعملية “الفارس الجامح”، في حين تجاهل التقرير ان الهدوء في البحر الأحمر سببه هو أن صنعاء فرضت قرار حظر الملاحة على الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر بالقوة ولم تعد أي سفينة مرتبطة او تتعامل مع موانئ الاحتلال الاسرائيلي تعبر من المنطقة استجابة لقرار الحظر اليمني وبالتالي فإنه لايوجد أهداف تضربها صنعاء في البحر الأحمر سوى القطع الحربية الأمريكية وعلى رأسها حاملتي الطائرات “ترومان وفينسون” المتمركزتان شمال البحر الأحمر وجنوب البحر العربي.
ويقول التقرير الأمريكي ان “جماعة الحوثيين تعهدت بمواصلة العمليات العسكرية حتى رفع الحصار ووقف العدوان على غزة، وقد شملت تلك العمليات إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية”.
وحذّر تقرير Vox من أن الموارد العسكرية التي سخّرتها واشنطن في هذه العملية كبيرة وغير مسبوقة في السنوات الأخيرة، حيث دفعت بالبنتاغون لنقل مجموعة حاملة طائرات ثانية إلى المنطقة، إلى جانب بطاريتين من منظومة الدفاع الجوي “باتريوت” ونظام “ثاد” الصاروخي المتطور من قواعد أمريكية في آسيا إلى الشرق الأوسط.
وفي ظل هذه التكاليف والانتشار العسكري الواسع، تساءل التقرير عن “مدى قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في هذه الحملة إذا لم تتراجع جماعة الحوثيين عن عملياتها في المستقبل القريب، لا سيما في ظل الضغوط الداخلية بشأن الإنفاق العسكري وتدهور الوضع في غزة”.
وأشار التقرير أيضاً إلى ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً حول وجود نقاشات داخل البنتاغون والإدارة الأمريكية بشأن خفض وتيرة الضربات الجوية تدريجياً، بعد أن ثبت محدودية تأثير الحملة على وقف هجمات القوات اليمنية، فضلاً عن تزايد الكلفة المادية والبشرية لها.
وعلى وقع ما تنشره وسائل الإعلام الأمريكية فإن التطورات الأخيرة تشير إلى تحوّل اليمن إلى ساحة مواجهة مركزية بين الولايات المتحدة ومحور المقاومة، حيث عززت صنعاء بقيادة حركة أنصار الله من قدراتها العسكرية في المجالين البحري والجوي، بما مكّنها من تعطيل أهم خطوط الملاحة العالمية وفرض معادلة ردع جديدة تربط أمن البحر الأحمر بمصير قطاع غزة.
ومنذ أكتوبر 2023، تشهد المنطقة تصعيداً غير مسبوق مع توسيع القوات اليمنية نطاق عملياتها من باب المندب إلى بحر العرب وخليج عدن وصولاً إلى شمال البحر الأحمر، وطالت بعض الهجمات حتى سفناً إسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط، في إطار رد استراتيجي على العدوان الإسرائيلي، مما حوّل البحر الأحمر إلى مسرح لمواجهة مباشرة بين واشنطن وصنعاء بعد تكفل أمريكا بتحييد الجبهة اليمنية حماية للاحتلال الإسرائيلي.
ويُعتقد أن استمرار واشنطن في هذه الحملة، دون نتائج ملموسة على الأرض، يعكس مأزقاً سياسياً وعسكرياً قد يعيد إلى الأذهان إخفاقات الحملات الأمريكية السابقة في العراق وأفغانستان، ويضع الإدارة الأمريكية أمام معضلة استراتيجية جديدة في ظل تحديات داخلية واقتصادية متزايدة.