كل ما يجري من حولك

عودة تدريجية إلى الحرب الشاملة: المقاومة تحيي كمائنها المركّبة

57

متابعات..| تقرير*

ينتقل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بشكل تدريجي، من خانة التصعيد الموسّع إلى الحرب الشاملة، إذ سجّل، أمس، قفزة في وتيرة المجازر الجماعية، بعدما أغارت الطائرات الحربية في الصباح الباكر على نقطة مدنية في سوق مدينة جباليا المزدحم بالآلاف من المواطنين، وتسبّبت بارتقاء أكثر من 10 شهداء وإصابة العشرات. وكان المشهد في شوارع جباليا شديد القسوة، إذ تناثرت أجساد الشهداء وأكثرهم من الأطفال، فيما هرع الأهالي من منازلهم ليبحثوا عن أطفالهم المفقودين بين الجثامين المتراصّة.

ولم تمر بضع ساعات على ذلك، حتى ارتكبت الطائرات الحربية مجزرة مروّعة ثانية بقصفها شقة في بناية سكنية في شارع اليرموك في مدينة غزة، حيث وصل رجال الإسعاف ليجدوا أطفالاً قذفتهم الموجة الانفجارية من داخل منازلهم إلى أسقف المنازل المجاورة. كما تشظّت أجساد أطفال آخرين على أسلاك الكهرباء ونوافذ المنازل المجاورة. ومع ساعات المساء، أعادت الطائرات الحربية الكرّة في مدينة جباليا، فقصفت مربّعاً سكنياً يستضيف نازحين، ما تسبّب بتدميره بشكل كلي على رؤوس سكانه. ووفقاً لمصدر طبي، فقد تسبب القصف بارتقاء 15 شهيداً وإصابة العشرات.

في غضون ذلك، كثّف جيش العدو عمليات اغتيال عائلات بأكملها؛ إذ قصف منزلاً يؤوي عائلة الجليس في شارع النخيل في حي التفاح، ما أدّى إلى ارتقاء العائلة المكوّنة من 17 مواطناً كانت لا تزال جثامين أكثرهم تحت الأنقاض؛ وأغار مع ساعات الفجر على منزل الأسير المحرّر علي الصرافيتي في حي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، ما أدّى إلى استشهاده مع زوجته وأبنائه الأربعة؛ وقصف أيضاً خيمة لعائلة صلاح وتجمّعاً للموطنين في حي الشجاعية، وخيمة تؤوي نازحين في مدينة خانيونس. وبحسب المصادر الطبية، فقد سُجل خلال 24 ساعة، استشهاد 62 مواطناً، 32 منهم في محافظة شمال غزة.

سُجّلت قفزة في وتيرة المجازر الجماعية واغتيال عائلات بأكملها

في مقابل ذلك، سدّدت المقاومة، أمس، صفعة أخرى لجيش الاحتلال، بعدما تمكّن المقاومون من نصب كمين قاتل لقوة معادية وصلت لتفقّد المكان الذي وقع فيه كمين «كسر السيف» في شارع العودة المحاذي للحدود الشرقية لمدينة بيت حانون شمال القطاع، الأسبوع الماضي. وتعرّضت القوة لعملية قنص أصيب فيها أحد الجنود؛ ولدى استدعاء وحدة إخلاء الجرحى، أُطلقت عليها قذائف مضادّة للدروع. وأقرّ جيش الاحتلال بمقتل قائد دبابة وإصابة جندي آخر بجروح خطيرة، فيما تحدّثت مجموعات إخبارية عبرية عن إصابة أكثر من سبعة جنود بجروح متفاوتة.

ويعيد تكرار الكمين في المنطقة نفسها، إلى الذاكرة، أسلوب الكمائن المركّبة التي تمتد لساعات طويلة، وهو تكتيك اشتهرت به مدينة بيت حانون، حيث نُفّذت فيها خلال شهور الحرب العشرات من هذه الكمائن التي استمر تنفيذ بعضها طوال أربعة أيام متتالية.

وعليه، قدّر مصدر عسكري إسرائيلي، تحدّث إلى موقع «واللا»، أن المقاومة تتجه إلى تصعيد عملياتها التي ستأخذ في المرحلة المقبلة شكل حرب العصابات والكمائن القاتلة، وسط تصاعد الغضب في أوساط الجيش بسبب إجبار الجنود على العودة إلى العمل المتكرّر في مناطق سبق العمل فيها. وفي ضوء تطور الأمس، أصدر المتحدّث باسم جيش الاحتلال إنذاراً إلى الأهالي بإخلاء مدينتَي الشيخ زايد وبيت حانون. وتُعدّ هذه هي المرة الأولى التي يصدر العدو فيها أوامر إخلاء انتقامية بسبب عملية ميدانية تنفّذها المقاومة، ما يشير إلى توجّهه إلى مسار ممارسة مزيد من الضغوط على الحاضنة الشعبية، وإجبارها على دفع ثمن أي عمل مقاوم أياً كانت نتائجه.

 

You might also like