نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكان: تكلفةُ حملة اليمن ترتفعُ لمليارَي دولار دون نتائج و”الفارس الخشن” يهدد بتورُّط طويل الأمد
متابعات..|
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً حذّرت فيه من تحوّل العملية العسكرية الأمريكية في اليمن، والتي أُطلقت باسم “الفارس الخشن”، إلى مستنقع جديد للولايات المتحدة، يعيد إنتاج إخفاقات الشرق الأوسط، على عكس تعهدات الرئيس ترامب بإنهاء الحروب المفتوحة.
واعتبر المقال أن إدارة ترامب دخلت الحرب في اليمن من أوسع أبوابها بعد ثلاثة أشهر فقط من تولي الرئيس مهامه، عبر حملة جوية لم تنجح حتى الآن في تحقيق أي من أهدافها، وعلى رأسها تأمين الممر الملاحي الحيوي في البحر الأحمر وباب المندب.
وأشار المقال إلى أن العملية، التي يقودها وزير الدفاع بيت هيجسيث، كلفت الولايات المتحدة أرقامًا فلكية دون جدوى تُذكر، موضحًا أن حاملتي طائرات أمريكيتين متمركزتين قبالة السواحل اليمنية تستهلكان يوميًا ما يقارب 13 مليون دولار، إلى جانب تكاليف تشغيل طائرات بي-2 الشبحية والمقاتلات المسيرة، والتي تجاوزت خلال شهر واحد أكثر من 250 مليون دولار.
وأضاف أن “البحرية الأمريكية تطلق صواريخ دفاعية باهظة الكلفة لاعتراض طائرات الحوثيين المسيّرة وصواريخهم، رغم أن تكلفتها لا تتعدى بضعة آلاف من الدولارات”، متوقعاً أن تصل كلفة الحملة بحلول مايو إلى ملياري دولار، وسط غياب أي نتائج حاسمة.
وأكد المقال أن “واشنطن، ورغم مئات الغارات الجوية التي نفذتها، لم تحقق تفوقاً جوياً واضحاً في سماء اليمن”، في ظل ما وصفه بـ”مرونة الحوثيين وقدرتهم على مواصلة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة” نحو البحر الأحمر وحتى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار المقال إلى أن استعادة الملاحة التجارية في البحر الأحمر باتت مهمة شبه مستحيلة دون إنهاء سيطرة أنصار الله على الشريط الساحلي الغربي، وهو ما لم تنجح في تحقيقه السعودية ولا الولايات المتحدة ولا حتى إسرائيل على مدى عقد من الحرب.
وانتقدت الصحيفة فرضية ترامب بأن القوة العسكرية الساحقة تؤدي إلى انتصارات سريعة، محذراً من أن الرئيس الأمريكي سيواجه خلال الفترة المقبلة نفس القرار الصعب الذي أربك رؤساء سابقين: التراجع أو التورط في مزيد من التصعيد.
وأوضح المقال أن بعض الفصائل اليمنية التابعة للتحالف السعودي الإماراتي بدأت تحضيرات لشن هجوم بري على مواقع الجيش اليمني التابع لصنعاء، بدعم إماراتي وتفكير أمريكي غير معلن في تقديم دعم استخباراتي أو لوجستي، رغم تصريحات مسؤول في مجلس الأمن القومي بأن واشنطن تترك أمن البحر الأحمر “للشركاء الإقليميين”.
وختم المقال بالإشارة إلى أن انشغال واشنطن المفاجئ في اليمن يتناقض مع تصريحات وزير الدفاع الأمريكي حول تركيز الإدارة على “التحدي الصيني” في آسيا، مؤكداً أن أي نجاح استراتيجي في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه بالقوة العسكرية وحدها، بل يتطلب جهداً سياسياً ودبلوماسياً حقيقياً.
وجاءت الحملة الجوية الأمريكية في اليمن تحت ذريعة حماية الملاحة في البحر الأحمر بعد أن فرضت قوات صنعاء قيوداً على عبور السفن المرتبطة بإسرائيل، في سياق الرد على العدوان الإسرائيلي على غزة.
ورغم كل الدعم الذي قدمته واشنطن لتحالفها في اليمن منذ عام 2015، فشلت في تغيير ميزان السيطرة الميدانية. ومنذ أكتوبر 2023، تحولت صنعاء إلى لاعب إقليمي فاعل في دعم فلسطين، بعمليات هجومية امتدت إلى عمق البحر الأحمر وحتى مناطق الاحتلال، لتدفع الولايات المتحدة نحو تورط مباشر لم يُحسب له سياسياً أو اقتصادياً.