حربُ الضفة تدخُلُ شهرَها الرابع: المخيّماتُ مسرحاً للتجريف
متابعات..| تقرير*
كما آلة القتل في غزة، يبدو حال آلة الدمار الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث تتصاعد اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، من الاقتحامات والاعتقالات، وهدم المنازل وتجريف الأراضي، وإقامة الحواجز، وصولاً إلى عمليات القصف والاغتيالات. ومنذ نحو أربعة أشهر، يتعرّض شمال الضفة، ولا سيّما محافظتَا جنين وطولكرم، لعملية عسكرية متواصلة، تحوّلت إلى احتلال مباشر، مع تمركز آليات العدو وجرّافاته في الشوارع والميادين، وتنفيذه مداهمات واعتقالات طاولت، إلى الآن، عشرات المواطنين.
ولليوم الـ92 على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه على مدينة جنين ومخيّمها، حيث يقوم بتجريف الأراضي، وإحراق المنازل، وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية، فضلاً عن عمليات هدم واسعة داخل المخيّم، الذي يتعرّض لحصار مشدَّد يمنع العدو بموجبه دخول أيّ جهة أو شخص إليه. وبحسب اللجنة الإعلامية لمخيم جنين، فقد دمّرت القوات الإسرائيلية، في إطار عدوانها المستمرّ هذا، نحو 600 وحدة سكنية بشكل كامل، إضافة إلى مئات المنازل التي تضرّرت جزئياً ولم تَعُد صالحة للسكن، فيما وصل عدد النازحين إلى نحو 21 ألفاً توزّعوا في أنحاء محافظة جنين، من بينهم 6 آلاف في المدينة، و3200 يقيمون في الجامعة العربية – الأميركية، فيما تستضيف بلدة برقين 4181 نازحاً. وعلى مستوى الخسائر البشرية، ارتفع عدد الشهداء في المحافظة، إلى 39، إلى جانب عشرات الجرحى والمعتقلين.
وتواصلاً لتلك الحملة، شنّت قوات الاحتلال، فجر أمس، عمليات اقتحام واسعة في مناطق متعددة في مدينة جنين وبلداتها، إذ داهمت منزلاً في حارة حليمة السعدية في الحي الشرقي واعتقلت شاباً من داخله، كما اقتحمت بلدة جبع واعتقلت 7 مواطنين من هناك، ودهمت عدداً من المنازل في بلدة برقين غرب المدينة، وحيّ خلة الصوحة قرب مخيم جنين، معتقلةً فلسطينياً قبل انسحابها من المكان.
وفي المقابل، أعلنت «سرايا القدس – كتيبة جنين» أن مقاتليها في سرية سيلة الظهر، تمكّنوا من استهداف جنود الاحتلال خلال اقتحامهم البلدة، بعبوات ناسفة. وأمّا في قرية الجلمة، فهدم العدو، أمس، 10 دفيئات زراعية مُقامة على مساحة 10 دونمات. ومع نشر الجيش الإسرائيلي فرق المشاة في محيط حيّ الزهراء القريب من مخيم جنين، قال رئيس بلدية المدينة، محمد جرار، إن «آليات الاحتلال تواصل عمليات الهدم داخل المخيّم، وسط تعتيم كامل على عملها هناك، ومنع دخول أيّ جهة أو شخص إليه».
يواصل المستوطنون هجماتهم الإرهابية في الضفة الغربية، التي تصاعدت أخيراً
وفي الموازاة، تواصل قوات الاحتلال عدوانها على مدينة طولكرم ومخيّمها، لليوم الـ86، ولليوم الـ73 على مخيم نور شمس، في ظلّ تصعيد ميداني مستمرّ من اقتحامات، ومداهمات، واعتقالات، واستيلاء على منازل. وشنّت هذه القوات، فجراً، حملة مداهمات واسعة طاولت منازل المواطنين في ضاحية ذنابة شرق طولكرم، حيث اعتقلت ثلاثة مواطنين، فيما شهد مخيم نور شمس إطلاق رصاص حيّ كثيف في اتجاهه، تزامناً مع اقتحامه. وأشارت مصادر محلية إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت عدداً من المنازل، وأجبرت نحو 10 عائلات على إخلائها، وذلك في إطار سياسة تضييق الخناق التي تُمارَس على سكان المخيّم.
كما اقتحمت مدرّعتان، في ساعة متأخرة من ليل الإثنين، المدينة من مدخلها الجنوبي، وجابتا شوارعها الرئيسية في اتجاه الحيّ الشرقي ومفرق الشاهد، وشارع المقاطعة صوب محيط مخيم طولكرم، قبل توجّههما إلى منطقة الشعراوية شمال المحافظة، مروراً بضاحية شويكة. ويشهد مخيم طولكرم حضوراً مكثّفاً لقوات الاحتلال التي تواصل أعمال التجريف والتخريب والتدمير للشوارع المهدّمة وممتلكات المواطنين فيه، وإغلاق مداخله بالسواتر الترابية والأسلاك الشائكة، علماً أنه أصبح خالياً من سكانه.
وقد أسفر العدوان على طولكرم، منذ بدئه، عن استشهاد 13 مواطناً، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل في الشهر الثامن، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح أكثر من 4000 عائلة من مخيمَي طولكرم ونور شمس، تضمّ أكثر من 24 ألف فرد، إلى جانب مئات المواطنين من الحيّ الشمالي للمدينة.
بدورهم، يواصل المستوطنون هجماتهم الإرهابية المتصاعدة في الضفة، حيث حطّموا، فجر أمس، كراجاً لتصليح المركبات، واستولوا على محتوياته قرب قرية أم صفا شمال غرب رام الله، وذلك بعد أيام من استيلائهم على مئات الدونمات في المنطقة الجنوبية من القرية بهدف تحويلها إلى بؤرة استعمارية رعوية، وسط مخاوف من مخطّط لتهجير أبنائها، وإقامة تجمّع استيطاني كبير على أراضيها، وربطها مع مستعمرتَي «حمليش» و«عطيرت» المجاورتَين. كذلك، أغلق مستوطنون، أمس، مدخل قرية دير جرير شرق رام الله، وأعاقوا تنقّل المواطنين، كما اقتحموا بلدة كفل حارس شمال غرب المدينة، وقاموا بتكسير مركبات.
وفي سياق الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة أيضاً، هدمت قوات الاحتلال منزلين لشقيقين في بلدة اسكاكا شرق سلفيت، وآخرَين وحظيرة أغنام ومغارة في قرية اللتواني في مسافر جنوب مدينة الخليل. وفي ساعة مبكرة من فجر الثلاثاء، فجّرت هذه القوات منزل عائلة الشهيد محمد شهاب في بلدة الرام شمال مدينة القدس المحتلة، بزعم تنفيذه عملية دهس.
* الأخبار