كل ما يجري من حولك

«السور الحديدي» تتوسّعُ نابلس سجناً كبيراً لسكّانها

41

متابعات..| تقرير*

تحوّلت مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة إلى سجن كبير، بعد أن نصب جيش الاحتلال بوابات عسكرية على ثلاثة مداخل رئيسية لها، لتُحاصر، مع الحواجز العسكرية، من جميع الجهات، حيث بات الاحتلال قادراً على إغلاق هذه البوابات في أي لحظة، ما يعني محاصرة أكثر من 400 ألف فلسطيني داخل المدينة ومنعهم من الدخول أو الخروج لأيّام متتالية. وخلال الساعات الـ72 الماضية فقط، نصبت قوات العدو 9 بوابات حديدية جديدة حول نابلس، لترتفع الحواجز والبوابات المحيطة بها إلى 17 حاجزاً وبوابة عسكرية، في واحدة من أكبر عمليات الإغلاق التي تشهدها الضفة الغربية منذ سنوات. وتأتي هذه العملية، كجزء من العملية العسكرية الأوسع، «السور الحديدي».

وطاولت العملية في طورها الأول، مخيم بلاطة، أكبر مخيمات اللاجئين في الضفة، ومن المتوقّع أن تمتدّ لتشمل مناطق متفرقة من المدينة، حيث تنفّذ القوات الخاصة عمليات اقتحام لملاحقة مقاومين واعتقال آخرين. وأعلن جيش الاحتلال، مساء أوّل أمس، بدء العملية، التي دفع خلالها بثلاث كتائب إلى داخل المخيم. وتزامن ذلك مع استمرار العدوان على مخيمات ومدن شمال الضفة، وخاصة جنين وطولكرم، منذ 21 كانون الثاني الماضي.

وخلال اقتحام مخيم بلاطة قبل يومين، أجبرت قوات العدو العائلات على مغادرة منازلها بالقوة، كما استولت على عدد من البيوت ونشرت قناصة على الأسطح، وفرضت حظر تجوال في حارة الجماسين وسط المخيم، في تكرار لما حدث سابقاً في جنين وطولكرم ونور شمس. وأبلغ الجنود الإسرائيليون الأهالي بأن العملية العسكرية في المخيم ستستمرّ ثلاثة أيام، علماً أن هذه الهجمة تأتي بعد شهر واحد فقط من عملية عسكرية مماثلة في مخيم العين.

وترافقت الاقتحامات مع ممارسات وحشية، تمثّلت في مداهمة البيوت بعنف، وتحويل بعضها إلى مراكز تحقيق ميدانية، وإجراء تحقيقات داخلها، إلى جانب منع العائدين من دخول المخيم بعد الإفراج عنهم. كما دمّرت القوات الشوارع والبنى التحتية، في ما بدا تمهيداً لعمليات أوسع في الأسابيع المقبلة، قد تطاول أحياء نابلس ومخيّمَي عسكر والعين. وكان لافتاً أن قوات الاحتلال أبلغت 85 مبنى سكنياً في مخيم العين بقرارات هدم، ما يشير إلى أن إسرائيل تنتظر اللحظة المناسبة لإطلاق عملية واسعة في المدينة، حيث يعيش السكان حالة من الترقّب والقلق الدائميْن، في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة.

تسعى إسرائيل إلى تكريس الكانتونات الجغرافية والتهجير القسري، وتقويض الحاضنة الشعبية للمقاومة

ما يجري في نابلس صورة مصغّرة عن الواقع في الضفة الغربية، إذ شهدت الأيام الماضية تصعيداً لافتاً في نصب البوابات العسكرية على مداخل القرى والمدن الفلسطينية، ضمن استراتيجية خنق التجمعات السكانية، بحجة «تأمين عيد الفصح» اليهودي. وقد شملت عمليات الجيش اقتحامات ومداهمات عنيفة في عدد من المدن والمخيّمات، خصوصاً في جنين وطولكرم.

حيث فجّرت قوات الاحتلال، صباح أمس، في طولكرم، منزلين أحدهما داخل المدينة والآخر في مخيم نور شمس. كما وثّق سكان محليون قيام قوات العدو، فجر أمس، بتفريغ شاحنة مليئة بالخنازير في منطقة إسكان الموظفين في ضاحية كتابا شرق المدينة، في خطوة وُصفت بالاستفزازية والخطيرة، وتهدف إلى ترهيب السكان وتهديد صحتهم وسلامة ممتلكاتهم.

في هذا السياق، نشرت صحيفة «هآرتس» العبرية صور أقمار صناعية، تُظهر حجم الدمار الكبير الذي خلّفته العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من شهرين، ولا سيما في مخيم جنين. ووفق الصحيفة، فإن الهدف من الهدم هو «شقّ طرقات تسهّل على الجيش تحرّكه داخل المخيمات»، إضافة إلى «تغيير ملامح هذه المخيمات كجزء من خطة أوسع».

ويتّضح أكثر فأكثر أن إسرائيل تسعى من خلال هذا العدوان إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، في مقدّمها كسر إرادة الشعب الفلسطيني، ودفعه نحو الاستسلام، ورفض المقاومة، عبر تحميلها مسؤولية الدمار والمعاناة. كما تهدف تل أبيب إلى فرض وقائع ميدانية على الأرض، من خلال تقطيع أوصال المناطق الفلسطينية إلى «كانتونات» مغلقة ومحاصرة، تُدار بواسطة الحواجز والبوابات. وسجّل الاحتلال «محاولة أولى» في تجربة التهجير، بعدما أجبر أكثر من 40 ألف لاجئ فلسطيني على ترك منازلهم ومخيّماتهم.

 

You might also like