طريقُ الحلّ ليست معبّدة: تركيا ما بعد نداء أوجالان
متابعات..|
منذ أن وجّه زعيم “حزب العمال الكردستاني”، عبدالله أوجالان، نداءه إلى قيادة الحزب في جبال قنديل، للتخلّي عن السلاح، بدأ مسار حلّ المشكلة الكردية في تركيا يشهد ديناميات جديدة، إذ لم تتأخّر قيادة “قنديل” في الردّ على الدعوة، وهي أعلنت، في بيان، وقف إطلاق النار، واستعدادها لعقد مؤتمر يتقرَّر فيه مصير “النداء”.
لكنّ البيان تضمّن العديد من الشروط التي يمكن التوقّف عندها، وهي:
أولاً، أعلن التزامه بنداء أوجالان.
ثانياً، اعتبر أنه لِنجاح هذه العملية، يجب توفير “الأساس القانوني والسياسة الديمقراطية”.
ثالثاً، أعلن الوقف الفوري لإطلاق النار وعدم استخدام القوّة العسكرية إلّا إذا تعرّض الحزب لهجمات من الجيش التركي.
رابعاً، شدّد على خلق مناخ من الثقة، بحيث يكون تطبيق كلمة أوجالان بقيادته هو شخصياً.
خامساً، أبدى استعداده للاجتماع، لكن نجاح ذلك يتطلّب أن يقود أوجالان أعمال المؤتمر.
سادساً، اعتبر أنه من أجل إنجاح دعوة أوجالان إلى مجتمع ديمقراطي في تركيا والشرق الأوسط، يجب أن يتحرّر الرجل جسدياً، ويعمل في ظروف طبيعية.
ويتبيّن ممّا تقدّم، أن الخطوات المطلوبة للحلّ تَصدر عن جهة واحدة، وهي أوجالان و”حزب المساواة والديمقراطية” الكردي، ومن ثم قيادة قنديل، فيما ليست هناك أيّ خطوة علنية في المقابل من الدولة.
لا بل إن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، هدّد الأكراد بأنه “إذا لم يلتزموا بتطبيق ترك السلاح وحلّ الحزب، وأبقوا يدنا ممدودة في الهواء، فإن القبضة الحديدية لتركيا ستكون جاهزة، ولن نُبقي حجراً على حجر، ولا رأساً على كتف”.
وكانت صحيفة “تركيا” المقرّبة من السلطة، ذكرت أن موظّفاً أمنياً كبيراً على تواصل دائم مع أوجالان “أصرّ على ألّا يربط الأخير الدعوة إلى ترك السلاح وحل الحزب، بأيّ شرط”، كاشفة، نقلاً عن مصادر أمنية، عن خطّة عمل محتملة لمسار الحلّ، تتضمّن ما يلي:
أولاً، تراقب الدولة العملية كلّها إلى حين اتّخاذ قرار بترك السلاح وحلّ الحزب.
ثانياً، هذه العملية يجب أن تنتهي خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر لتبدأ بعدها، في النصف الثاني من حزيران، المرحلة الثانية من الحلّ.
ثالثاً، تستمرّ الزيارات لأوجالان خلال هذه الفترة.
رابعاً، إلى أن يتّخذ “حزب العمال” قراره بترك السلاح وحلّ نفسه، لن تقدم الدولة على أيّ خطوة ولن تعد بأيّ شيء.
خامساً، بعد اتّخاذ قرار الحلّ، سيبدأ البحث في التفاصيل التقنية لتنفيذ كل ذلك، ولا سيما كيفية تسليم السلاح، وإلى أين سيذهب مقاتلو الحزب، وما إذا كان يمكن أن يأتي بعضهم إلى تركيا. وبعد كل ما تقدّم، ستطلق الدولة عملية “التحوّل الديمقراطي” من خلال مقترحات تتمّ مناقشتها في البرلمان التركي.
نداء أوجالان سبقته سنة من المفاوضات بين هذا الأخير وممثلين عن الدولة
وفي الإطار نفسه، كشف زعيم “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، أوزغور أوزيل، أن نداء أوجالان سبقته سنة من المفاوضات بين هذا الأخير وممثلين عن الدولة، وتشكيل طاولة شارك فيها قضاة، داعياً السلطات إلى أن تكون شفافة في مسار الحلّ؛ إذ قال إن على “إردوغان أن يتحمّل مسؤوليته التاريخية ويظهر الشجاعة، وليس أن يلقيها على عاتق دولت باهتشلي وآخرين”. أمّا الزعيم السياسي الكردي المعتقل في أدرنه، صلاح الدين ديميرطاش، فرأى أنه “يجب دعم ما يقوم به أوجالان وإردوغان وباهتشلي”، وأن يصار إلى تحضير الأساس القانوني للسلام التركي – الكردي في البرلمان.
ووفقاً للكاتب المعروف طه آقيول، فإن “هذه هي المرحلة الأكثر حساسية في عملية الحلّ. فالاحتفاء بما جرى حتى الآن يجب ألّا يكون مبالغاً فيه، وكذلك فإن رفض الخطوات الحاصلة أمر غير منطقي”، مضيفاً أن الحلّ يجب أن يستند إلى “قاعدة الدولة الواحدة”. وبدوره، رأى الكاتب فهمي فورو أن “عملية الحلّ الجديدة قد تكون مختلفة عن محاولات الحلّ في السابق، ولا سيما في عام 2013 عندما كان دولت باهتشلي معارضاً بشدة لها، فيما هو الآن مَن أطلق شرارتها الأولى”. ولكن قورو قال إن إردوغان “لا يبدو متحمّساً كثيراً للعملية الجديدة، كما لا يبدو أن حزب العدالة والتنمية قادر على هضمها. لكنّ أوجالان وحزب المساواة والديمقراطية الكردي يأملان في أن يتبنّى العدالة والتنمية المبادرة الجديدة للحلّ”.
إلى ذلك، وفي وقت كان فيه مسؤولو تنظيم “قسد” في سوريا يعلنون أن نداء أوجالان لا يسري على سوريا وأنه شأن داخلي تركي، أكّد الناطق باسم “حزب العدالة والتنمية”، عمر تشيليك، أن “على جميع تنظيمات عناصر الإرهابيين كائناً ما كان اسمها: حزب العمال، قسد، وحدات حماية الشعب، وسواء كانت في العراق أو امتداداتها في سوريا، أن تسلّم سلاحها وتحلّ نفسها”، بينما قال وزير العدل، يلماز تونتش، إنه “لن تكون هناك أيّ تنازلات أو مساومات سرّية”.