كل ما يجري من حولك

ترامب: نحو «مغامرة مؤسفة» جديدة وأوروبا تحذر

64

متابعات..| تقرير*

تضع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المكوّنة من عدد كبير من التجار أصحاب المليارات «والمؤدلجين»، على الطاولة طروحات يمكن وصفها بـ»الهدايا الثمينة» لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ولا سيما أنها تتماهى بشكل كبير مع أهداف اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي قابلها بـ»حماسة» كبيرة، وهدّد وزراؤه المتطرفون بالانسحاب من الحكومة في حال المضيّ بخلافها. من هنا، يحذّر العديد من المراقبين من أنّ خطط الرئيس الجمهوري، والتي تاتي نزولاً عند «أحلام» المتطرفين الإسرائيليين، ستؤدي إلى «تفجير» الوضع في الشرق الأوسط، وإغراق واشنطن في «مآسٍ» جديدة فيه.

وعلى غرابتها، لا تبدو فكرة ترامب «شاذة» تماماً في «التاريخ الطويل والمضطرب من التدخلات الأميركية في الشرق الأوسط»، والتي كانت تستند، في كل مرة، إلى أحلام واشنطن بـ»تغيير» المنطقة، طبقاً لما تورده صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. وتردف الأخيرة أنّ العديد من تلك الممارسات أدت إلى أحداث «حزينة»، من مثل «التفجير الانتحاري عام 1983، والذي تسبب بمقتل 241 جندياً أميركياً في بيروت»، وغزو العراق عام 2003، والذي أدى إلى «خسارة فادحة في الأرواح الأميركية والعراقية، وزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة، وتوسيع نطاق الإرهاب الإسلامي»، على حدّ تعبيرها.

وتنقل الصحيفة عن ستيفن أ. كوك، عضو «مجلس العلاقات الخارجية» ومؤلف كتاب «نهاية الطموح: ماضي أميركا وحاضرها ومستقبلها في الشرق الأوسط»، قوله إنّ «تصريح ترامب يبدو غريباً لأنه صادم للغاية»، نظراً إلى أنه يقضي بالذهاب إلى غزة «وتنظيفها ونقل سكانها منها»، مشيراً في المقابل إلى أنّ هذا الدافع يندرج «في السياق الأوسع للرغبة في القيام بأشياء طموحة لتغيير المنطقة»، على غرار ما حصل لدى غزو العراق والانخراط في حرب أفغانستان، والجهود الضخمة، إنّما «الفاشلة، لتغيير الديناميكية الإسرائيلية – الفلسطينية من خلال الدبلوماسية والتنمية الاقتصادية». من جهته، يقول آرون ديفيد ميلر، من «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي»، الذي أمضى ما يقرب من ثلاثة عقود في الإدارات الجمهورية والديموقراطية في محاولة للتفاوض على صيغة «للسلام في المنطقة»، في حديث إلى الصحيفة نفسها، إنّ «ما يقترحه ترامب ليس حقيقياً»، وفي حال أصبح «حقيقياً»، فهو «يستحق أن يتم إدراجه مع بعض المغامرات الأخرى التي ميّزت تجربتنا المؤسفة وغير السعيدة في تلك المنطقة».

تقف الخطة في طريق كل هدف سياسي تدّعي إدارة ترامب أنها تريد تحقيقه في الشرق الأوسط

في الإطار نفسه، نشر «معهد تشاتام هاوس» البريطاني تقريراً جاء فيه أنّه على الرغم من أنّ البيت الأبيض ردّ على بعض جوانب اقتراح ترامب، مشيراً إلى أنّ واشنطن «غير ملتزمة بإعادة بناء غزة أو إرسال قوات إليها»، فإنّ ترامب عاد وأكد موقفه، معلناً أنّ «إسرائيل ستسلّم القطاع للولايات المتحدة». وعليه، فإنّ طرح ترامب يشير إلى أنّ إسرائيل لا تنوي مغادرة غزة، وهو ما يوفر ذريعة لـ»حماس» للتراجع عن تنفيذ المراحل المتبقية من الصفقة واستئناف القتال.

وطبقاً لأصحاب الرأي المتقدم، لا يمكن إلقاء اللوم على أي شخص يصف خطة ترامب بأنها «وعد بلفور الثاني»، أو حتى «نكبة ثانية»؛ إذ إنّه إلى جانب اللامبالاة التي تظهرها الخطة تجاه الفلسطينيين وهويتهم وكرامتهم، بدا أن ترامب يتجاهل أن ضيفه الذي كشف معه عن الخطة، بنيامين نتنياهو، هو المسؤول عن تحويل غزة إلى» موقع مهدم». وحتى في حال كان طرح ترامب بمثابة «تكتيك للتوصل إلى مساومة»، كما يزعم البعض، فإنّ تلك الخطة «قد فشلت بالفعل»، بعدما ألحقت أضراراً جسيمة بـ»عملية السلام الهشة وهيبة الولايات المتحدة». ومن الناحية العملية، تقف الخطة في طريق «كل هدف سياسي تدّعي إدارة ترامب أنها تريد تحقيقه في الشرق الأوسط».

وحتى قبل اجتماعه مع نتنياهو، كان ترامب بالفعل يدعم قضية اليمين المتطرف الإسرائيلي، من خلال إعلانه أنّه لا يمتلك أي «ضمانات» حول استمرار وقف إطلاق النار. ويرجع ذلك إلى أنّ ترامب، من خلال التخلي الفعلي عن دور أميركا كضامن لوقف إطلاق النار، جنباً إلى جنب مصر وقطر، أعاد تغذية «شريان حياة نتنياهو السياسية»، ومهد الطريق أمام الأخير لإسقاط الاتفاقية الهشة وإبقاء حكومته على قيد الحياة، ولا سيما أنّ رئيس وزراء الاحتلال وصف الاتفاق، مراراً، بأنه «مؤقت».

وحالياً، بات بإمكان نتنياهو أن يعرض نفسه على أتباعه اليمينيين المتطرفين على أنّه «الشخصية السياسية الإسرائيلية الوحيدة التي يمكنها إقناع الرئيس الأميركي بجعل رؤيته للشرق الأوسط حقيقة واقعة». وعلى الرغم من «توخّيها الحذر» في ما يتعلق باستعداء ترامب في وقت مبكر من رئاسته، إلا أنّ دول الخليج لا تستسيغ مخطط ترامب، بل تشعر بالخطر والتهديد الكبير لأمنها من جرائه، ولا سيما أنّ الاستيلاء الأميركي على الأراضي الفلسطينية «سيجدد شرعية وكلاء إيران في جميع أنحاء المنطقة»، وقد يتسبب في «إشعال حرب إقليمية»، طبقاً للمصدر نفسه.

كذلك، يجادل مراقبون غربيون بأنّه لا يمكن تجاهل مواقف ترامب الصادمة والإجراءات التنفيذية التي اعتمدها في ما يتعلق بالسياسة الخارجية واعتبارها مجرد «وفاء بوعود حملته الانتخابية»، ولا سيما أنّ الأخيرة لم تكن تتمحور حول «تفكيك الولايات المتحدة، أو غزو غرينلاند أو احتلال غزة»، وفقاً لما تورده صحيفة «نيويورك تايمز»؛ فبدلاً من إظهار القوة، تعكس سياسات ترامب الخارجية، حتى الآن، فقدان الثقة بالنفس واحترام الذات، وتضرب عرض الحائط بالادعاءات حول ما «ادّعت الولايات المتحدة أنها تمثّله منذ خوض حربين عالميَّتَين»، أي «الحرية وتقرير المصير والأمن الجماعي»..

* الأخبار البيروتية

You might also like