أطفال غزة يختزلون أحلامهم: وقفُ الحرب فحسب
متابعات..| تقرير*
بات حلم أطفال غزة مختزلاً بعبارة واحدة: «وقف الحرب». حلم لا يفتأ الأطفال يعبّرون عنه بأشكال شتى، كما تفعل رغد حبيب ذات الـ14 عاماً، والتي تقول في حديثها إلى «الأخبار»، إنها تلتقط مقاطع مصوّرة من فوق ركام المنازل والشوارع المدمّرة، وتنشرها على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. وتضيف: «أحاول أن أوضح للمشاهدين ماذا تعني الحرب؟ وما هي المعاناة؟ أبيّن لهم مشاعرنا وتفاصيل معيشتنا بكلمات وصور مؤثّرة»، من مثل حمل المياه وجمع الحطب والبحث عن الطعام الذي يسدّ الرمق «في ظل المجاعة التي نعاني منها منذ عام كامل، فالحرب كبّرتنا سنوات فوق أعمارنا الحقيقية». وتتابع أن «اهتماماتنا أصبحت مختلفة كلياً عما كانت في السابق. فقد انقلبت حياتنا من الحرص على التعلم والدراسة والسعي لمستقبل باهر، ليصبح حلمنا هو انتهاء الحرب والعودة إلى بيوتنا وحياتنا الطبيعية».
أما زينة النحال، التي تبلغ أيضاً 14 عاماً، فتحاول أن تعبّر عما يدور حولها بالرسم ومن ثم نشر رسوماتها عبر صفحتها على «فايسبوك». تقول لـ«الأخبار» إنها كانت ترسم صوراً عن الطبيعة، لكن «ما إن بدأت الحرب، حتى انطلقت ريشتي في رسم ما أعايشه من قصف واستهداف للمنازل ومعاناة في النزوح والتنقل من مكان إلى آخر، وما أشاهده في طريقي من ركام المساكن المدمّرة». وتضيف أن آخر رسوماتها كانت تحتوي على قبور متراصّة بعضها بجانب بعض، «لم أكملها لما فيها من معاني الحزن والتشاؤم الكبيريْن». وتلفت إلى أن دعماً معنوياً كبيراً جاءها من أصدقاء أجانب بعد مشاركة أستاذ اللغة الإنكليزية رسوماتها على صفحته على «فايسبوك»، آملةً انتهاء الحرب «ورسم الناس وهم في حالة الفرح».
آخر رسومات الفتاة زينة النحال كانت تحتوي على قبور متراصّة بعضها بجانب بعض
من جهته، يقول أمجد غيث، الذي يصغر رغد وزينة بعامين، إنه أحبَّ الشعر منذ نعومة أظفاره، مضيفاً، في حديثه إلى «الأخبار»، أنه «مذ بدأت الحرب وهو يحفظ الشعر الوطني لتميم البرغوثي وغيره من الشعراء، إلى جانب الشعر الذي تكتبه والدته، والذي تعبّر فيه عن القصف والدمار الذي حلّ بقطاع غزة». ويتابع: «لم تترك لنا الحرب أي معانٍ للطفولة الحقيقية، وهو ما أعبّر عنه بالشعر الذي ألقيه لأظهر ما نمر به من ظلم ومآس لا يقوى على تحمّلها بشر».
أما إيمان أبو حامدة (11 عاماً) فما إن تبصر تجمعاً للمواطنين في مخيمات النزوح وسط قطاع غزة، حتى تقف بينهم وتلقي شعرها الذي نسجته من معاناتها. وكتبت إيمان في أولى قصائدها عن طفولتها وجمالها في مدينة غزة وكيف انقلبت «فجأة لتصبح طفولة تقف على طابور التكية والمياه»، فيما تُسائل قصيدتها الثانية الصمت العربي إزاء ما يعانيه الشعب الفلسطيني. وفي قصيدة ثالثة، تسرد أجواء الحرب ومشاهد المعاناة التي تعايشها بين الركام. وبدورها، تلقي شقيقتها سندس أبو حامدة (16 عاماً) أبياتها بكل جرأةٍ وطلاقةٍ، قائلة، في حديث إلى «الأخبار»، إنها تكتب الشعر منذ الصغر وتشارك بقصائدها في المسابقات المدرسية لتحصل في معظمها على المركز الأول. وتضيف: «مذ بدأت نظم الشعر وأنا أكتب عن القضية الفلسطينية التي تعاني ويلات وظلم الاحتلال، عن القدس والأسرى، ولكن في ظل الحرب أكتب عن غزة والدمار الذي حل بها».
وعلى غرار رفيقاتها، عكفت ندى النحال (13 عاماً) على تأليف القصص التي تعبّر عن الحالة التي تعيشها. وتقول، في حديثها إلى «الأخبار»، إن «حبي وشغفي الكبيريْن بالقراءة ساعداني في اكتشاف موهبتي في الكتابة والتأليف، فكنت أكتب قصصاً للأطفال مع رسم صور توضيحية لها»، مضيفة أنه كان للأحداث التي تدور حولها دور كبير في تغيير دفة الكتابة عندها، نحو التركيز على توثيق ما يدور حولها من أحداث، وما تواجهه من رعب جراء القصف والاستهداف المتواصليْن لقطاع غزة.
* الأخبار