متابعات| تقرير*:

استخدمت الصين وروسيا، أمس، حق النقض «الفيتو»، لإسقاط مشروع قانون أميركي «معدّل» في «مجلس الأمن»، يدعو إلى «وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة»، مع «إطلاق سراح جميع الأسرى الذين تحتجزهم (حماس)». كما عارضت الجزائر، من جهتها، مشروع القرار، الذي حظي بتأييد 11 دولة، فيما امتنعت دولة واحدة، هي غويانا، عن التصويت. وإذ يبدو، للوهلة الأولى، أنّ النسخة «المعدلة» من مشروع القرار الأميركي تعطي المزيد من الأولوية لوقف إطلاق النار الفوري في القطاع، في ما من المفترض أن يعكس «تحوّلاً» في موقف الولايات المتحدة، التي شكلت، حتى اللحظة، العقبة الأساسية أمام إنهاء العدوان الإسرائيلي على المدنيين ، إلا أنّ نقطة الخلاف تكمن، هذه المرة، في إصرار الولايات المتحدة على ربط الدعوة إلى وقف إطلاق النار بصفقة الرهائن، جنباً إلى جنب إدانة «حماس»، بعدما دعت كل من روسيا والصين، في غير محطة، إلى وقف «غير مشروط» للنار. كما أنّ من الواضح أنّ الهدف من الطرح الأميركي الأخير، والمتزامن مع «حراك» ديبلوماسي أميركي نشط للتوصل إلى صفقة جديدة بين إسرائيل «وحماس»، تشمل وقف إطلاق نار «مؤقت» لنحو ستة أسابيع، مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، هو مجرد الضغط من أجل إتمام هذه الصفقة، التي لا تبدو قادرة فعلياً على منع إسرائيل من شنّ غزو محتمل على مدينة رفح.وعليه، رأٍت موسكو أنّ نص القرار الأميركي الذي «يؤكد على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار لحماية المدنيين»، لم يتضمن، «في أيٍ من بنوده»، أيّ دعوة فعلية لوقف إطلاق النار. وقال فاسيلي نيبينزيا، مندوب روسيا لدى «الأمم المتحدة»، إن القرار الأميركي «مُسيَّس بشكل كبير، ويمنح فعلياً الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في رفح». وكان المندوب الروسي قد انتقد القرار حتى قبل بدء عملية التصويت عليه داخل المجلس، داعياً الدول الأخرى إلى عدم دعمه، ومذكراً بوجود «مشروع قرار آخر، أعدّه عدد من الأعضاء غير الدائمين في المجلس»، يدعو «بوضوح إلى وقف إطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن»، بحسب وكالة «تاس» الروسية للأنباء.

رأت موسكو أنّ نصّ القرار الأميركي لم يتضمّن، «في أيٍّ من بنوده»، أيّ دعوة فعلية لوقف إطلاق النار

وطبقاً لنيبينزيا، فإنّ المندوبة الأميركية اعترفت بالحاجة إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بعدما تمّ تدمير غزة في ستة أشهر، معتبراً أنّ واشنطن تمارس نوعاً من «النفاق»، ومؤكداً أنّ اعتماد مثل ذلك القرار المسيّس «سيغلق النقاش بشأن وضع غزة، ويطلق يد إسرائيل هناك»، لقتل الفلسطينيين وطردهم. وانسحب موقف المندوب الروسي على نظيره الصيني، تشانغ جون، الذي دعا إلى أخذ مشروع القرار الآخر بالاعتبار، مشيراً إلى أنّ الطرح الأميركي «كان يتهرب دائماً من القضية الأكثر مركزية، وهي وقف إطلاق النار». كما وصف المندوب الصيني النص النهائي لمشروع القرار بـ«الغامض»، مؤكداً أيضاً أنّه «لا يدعو» فعلياً إلى وقف فوري لإطلاق النار. بدوره، أكّد المندوب الجزائري، عمار بن جامع، أنّ «نص مشروع القرار الأميركي يسمح ضمنياً باستمرار قتل المدنيين، ويفتقر إلى أيّ ضمانات واضحة».
وبصورة أعمّ، يرى مراقبون أنّ مشروع القرار الذي طرحته واشنطن في «مجلس الأمن» أمس، والمقترن بجملة من الخطوات الأميركية «التصعيدية» إزاء إسرائيل، يعكس رغبة أميركية في الاستحواذ مجدداً على «زمام المبادرة» على الساحة العالمية، في ما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، وذلك بهدف الحدّ من الضرر الكبير الذي لحق بـ«سمعتها»، حتى في أوساط «شركائها» العرب، جراء دعمها المستمر للمجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين، ووقوفها عقبة أمام تمرير أي مشروع قرار لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في «مجلس الأمن».

* الأخبار البيروتية