التحَرّكاتُ العسكرية الأمريكية.. طبولُ حرب جديدة تُقرَعُ في باب المندب بعد ما حدث أمس
متابعات| تقرير:
حالة غير مسبوقة من التوتر في البحر، بعد إعلان وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” مساءَ أمس الأربعاء، إسقاط طائرة مسيرة، كانت تستهدف مدمّـرة تابعة للبحرية الأمريكية في البحر الأحمر، مؤكّـدة أن الطائرة المسيرة أطلقت من اليمن.
وتصاعدت حالة التوتر في البحر الأحمر منذ الثلاثاء، الماضي، عندما توعد قائد أنصار الله “الحوثيين” بضرب أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب، ردا على العدوان الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة منذ أربعين يوماً، وهو ما ينذر بتوسيع ساحة المعركة مع إسرائيل إلى البحر الأحمر وباب المندب، بما يعنيه ذلك من تعزيز احتمالية اندلاع مواجهات بحرية، وهو ما سيؤدي إلى تهديد حركة التجارة العالمية وخطوط الملاحة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي يتمتع بأهميّة استراتيجية تتحكم بما يقارب ٢٠ % من حجم التجارة العالمية.
ويمر عبر مضيق باب المندب، الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن ما بين 10 إلى 15 % من حركة التجارة العالمية (20 إلى 25 في المِئة لأُورُوبا) وتعبره أكثر من 21 ألفَ قطعة بحرية سنوياً، كما يمر عبره قرابة خمسة ملايين برميل من النفط يوميًّا، ونحو 10 % من تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم، بالإضافة إلى الكابلات البحرية للإنترنت التي تنقل البيانات بين ثلاث قارات.
ونظرا للأهميّة التي تمثلها منطقة باب المندب والبحر الأحمر للتجارة العالمية، فَــإنَّ أي توتر ينشأ في هذه المنطقة بلا شك سيؤدي إلى تأثيرات كبيرة بالنسبة لحركة التجارة العالمية، ناهيك عن حجم تلك الآثار في حال تطور هذا التوتر إلى مواجهات عسكرية فعلية، كونها ستقود إلى توقف حركة الملاحة في هذا الممر الدولي الهام، وبالتالي تعطل جانب مؤثر من حجم التجارة العالمية، بما سينتج عن ذلك من تداعيات.
ويزيد الانتشار العسكري الأمريكي في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب من تصاعد التوتر في المنطقة، كما يعزز احتمالية تطور هذا التوتر إلى مواجهات عسكرية بحرية، بحسب محللين عسكريين، وخَاصَّة مع تصاعد الجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، وهو ما يتناقض مع تصريحات الإدارة الأمريكية بأنها ستعمل على عدم توسع الحرب في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما برّرت به إرسال المزيد من أساطيلها البحرية إلى شرق البحر المتوسط وإلى البحر الأحمر والخليج.
وكان معهد كوينسي الأمريكي لفن الحكم المسؤول قد حذر في تقرير سابق له من أن من أن نشر الولايات المتحدة قوات لها في الشرق الأوسط قد يقود إلى اشتعال المنطقة، مُشيراً إلى أن أفضل استراتيجية لتجنب الانجرار إلى حرب أُخرى في الشرق الأوسط هي عدم وجود قوات غير ضرورية في المنطقة. وأكّـد تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، أن نشر القوات الأمريكية في المنطقة يعرض الولايات المتحدة للخطر بدلاً من جعلها أكثر أمانا.
ويضيف التقرير أن وجود القوات الأمريكية في اليمن يثير مخاوف بشأن تورط أمريكي أعمق في الصراع، خَاصَّة مع تصاعد الوضع مع هجمات الحوثيين على إسرائيل. إن احتمال نشوب حرب إقليمية والمخاطر التي تهدّد القوات الأمريكية يسلطان الضوء على الحاجة إلى اتِّخاذ قرارات حذرة واستراتيجية.
وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد قال في تصريحات لوسائل الإعلام، مساء، أمس الأربعاء، إن سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية، أسقطت طائرة مسيرة انطلقت من اليمن، في البحر الأحمر، موضحًا أن “المدمّـرة “يو إس إس توماس هودنر”، أسقطت مسيرة كانت تتجه نحوها”.
وأشَارَ إلى أن الحادثة وقعت أثناء عبور المدمّـرة المياه الدولية للبحر الأحمر، مؤكّـداً عدم وقوع إصابات في صفوف القوات الأميركية أَو أضرار بالسفينة الحربية، فيما قال مسؤول بالبنتاغون لقناة الجزيرة إن المسيرة انطلقت من اليمن “واقتربت كَثيراً من المدمّـرة هادنر بالقرب من باب المندب”.
ونقلت قناة “الجزيرة” عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قوله إن “المدمّـرة توماس هاندر دافعت عن نفسها بنجاح ضد مسيرة خلال عبورها البحر الأحمر”.
وجاء تصريح البنتاغون الأمريكي عن إسقاط الطائرة المسيرة التي قال إنها كان تستهدف مدمّـرة تابعة للبحرية الأمريكية، بعد يوم واحد من توعد قائد أنصار الله “الحوثيين” بضرب السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب، والذي أعقبه بيان للمتحدث الرسمي باسم قوات صنعاء، أعلن فيه عن ضرب أهداف إسرائيلية في مدينة إيلات، جنوب فلسطين المحتلّة، كما أعلن فيه أَيْـضاً دخول قرار استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب حيز التنفيذ و”اتِّخاذ كافةِ الإجراءاتِ العمليةِ لتنفيذِ التوجيهاتِ الصادرةِ بشأنِ التعاملِ المناسبِ مع أية سفينةٍ إسرائيليةٍ في البحرِ الأحمر”، مُضيفاً أن: “القواتِ المسلحةَ لن تتردّد في استهداف أي سفينةٍ إسرائيليةٍ في البحرِ الأحمر أَو أي مكانٍ تطالُه أيدينا ابتداءً من لحظةِ إعلان هذا البيانِ”.