متابعات| تقرير*:

خلافاً لما كانت نَوَتْه من إعلان خطوات انفصالية في ذكرى ما يسمّى «فكّ الارتباط» بين «شطرَي» اليمن الجنوبي والشمالي، اكتفت القوى الجنوبية الموالية للإمارات بإقامة احتفال في مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، أعلن فيه رئيس «المجلس الانتقالي»، عيدورس الزبيدي، تمسّكه بدولة اتحادية فدرالية لم يحدّد شكلها. وبحسب مصادر دبلوماسية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن ضغوطاً سعودية أفضت إلى ذلك التراجع، وأجبرت «الانتقالي» على الاكتفاء بافتتاح أعمال الانعقاد السادس لـ«الجمعية الوطنية» التابعة له. وأوضحت المصادر أن هذه الضغوط جاءت بعد تلقّي الرياض، بوصفها المُمسكة بالملفَّين السياسي والعسكري في المحافظات الجنوبية والشرقية، تحذيرات من صنعاء من مغبّة التشجيع على أيّ تحرّكات «انفصالية» في تلك المحافظات.

وكان «الانتقالي» توعّد، مطلع الشهر الجاري، خلال لقاء تشاوري عُقد في مدينة عدن وسط مقاطعة القوى الجنوبية المناوئة له، بـ«استعادة دولة الجنوب وفكّ ارتباط عدن عن صنعاء» خلال ذكرى الوحدة، معلناً ميثاقاً خاصاً به حدّد فيه شكل دولته وهويّتها ونظامها السياسي والإداري. إلّا أن خطواته تلك اصطدمت برفض قوى جنوبية واسعة، من بينها قبائل محافظة أبين التي رفضت انفراد «الانتقالي» بتمثيل الجنوب، وأعلنت تشكيل حلف قبَلي من أجل العمل على «إعادة دور المحافظة ومواجهة سياسات التهميش والإقصاء» التي يمارسها المجلس ضدّ أبنائها. أيضاً، رفضت قبائل محافظة حضرموت إجراءات «الانتقالي»، ورفعت شعار «دولة حضرموت المستقلّة» في وجه مشروع الانفصال، داعيةً السعودية إلى التدخّل لوقف ما يقوم به الزبيدي. وعلى رغم محاولة «الانتقالي» احتواء عدد من المكوّنات الحضرمية، عبر التعهّد لها بمنحها الحقّ في إدارة شؤون المحافظة بعد الإعلان عن فكّ الارتباط، ظلّت هذه المكوّنات على موقفها، بل وطالبت بلقاء وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، بشكل عاجل لتوضيح مطالبها المتمثّلة في اعتماد حضرموت «إقليماً مستقلّاً» في ظلّ دولة الوحدة، أو منحها حق «تقرير المصير» في حال انفصال الجنوب عن الشمال.

«الانتقالي» توعّد، مطلع الشهر الجاري، بـ«استعادة دولة الجنوب وفكّ ارتباط عدن عن صنعاء»

وبدت لافتةً سرعة استجابة الديوان الملكي السعودي لذلك المطلب؛ إذ سرعان ما أُرسلت طائرة خاصة لنقل نحو 40 شخصاً من قبائل حضرموت للتشاور في الرياض، فيما علمت «الأخبار»، من مصادر مقرّبة من حكومة عدن، أن المملكة استدعت، أيضاً، «المجلس الرئاسي» بأعضائه كافة، وقيادات سياسية وحزبية وتكتّلات قبلية موالية لها، للتدارس في ما تشهده المحافظات الجنوبية. وكان «المجلس الرئاسي» التزم الصمت حيال تحرّكات «الانتقالي»، وهو ما أثار موجة غضب في أوساط الموالين للأوّل، الذين اتّهموه ورئيسه بـ«الخيانه الوطنية». واعتبر نائب رئيس البرلمان الموالي لـ«التحالف»، عبد العزيز جباري، أن السعودية والإمارات تسعيان «لتشطير اليمن وتقسيمه» بواسطة «الرئاسي»، محمّلاً رئيس المجلس، رشاد العليمي، ورفاقه، مسؤولية انحدار اليمن نحو حروب وصراعات دموية، علماً أن العليمي لم يسجّل، في خطابه مساء الأحد بمناسبة ذكرى الوحدة، أيّ موقف ممّا يقوم به «الانتقالي».
من جهتها، دانت السلطات المحلّية الموالية لحكومة صنعاء في المحافظات الجنوبية التحرّكات الأخيرة، والتي وصفتها بأنها «الأشدّ خطورة على الوحدة منذ 33 عاماً». ودعا محافظ أبين، صالح الجنيدي، «أحرار الجنوب إلى إسقاط مخطّط تجزئة المحافظات الجنوبية وتحويلها إلى دويلات خاضعة للانتداب الاستعماري». واعتبر الجنيدي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن التحرّكات التي يقودها «الانتقالي» «لا تمثّل أبناء الجنوب، بل مصالح وأجندات ومشاريع دول الغزو والاحتلال التي فشلت في تثبيت وجودها العسكري في الجنوب»، مبدياً «حرص صنعاء على الحوار مع كلّ المكوّنات الجنوبية لإيجاد حلول منصفة للقضية الجنوبية في إطار الوحدة الوطنية». وكان رئيس حكومة صنعاء، عبد العزيز بن حبتور، أشار إلى أن «مشروع الانفصال مشروع بريطاني يجري حالياً بتمويل إماراتي، ويُنفّذ من قِبَل أدوات محلّية»، مؤكّداً، في تصريح صحافي الأحد، استعداد حكومته لـ«فتح النقاش مع كلّ المكوّنات الجنوبية تحت سقف الوحدة»، ومحدّداً موعد انطلاق الحوار السياسي بـ«رحيل القوّات الأجنبية من كلّ الأراضي اليمنية وخاصة المحافظات الجنوبية». وفي الاتّجاه نفسه، أكّدت وزارة الدفاع في حكومة «الإنقاذ» أن «الوحدة الوطنية خطّ أحمر»، معتبرةً أن «ما يحدث من تحرّكات مشبوهة في الجنوب، يأتي في إطار إعاقة جهود السلام والدفع بالوضع نحو الحرب». وحذّرت، في بيان مساء الأحد أيضاً، من أن «فرصة السلام الحالية هي الأخيرة للأعداء، لأنه في ما بعدها ستكون الكلمة الفصل للقوّات المسلّحة بمختلف صنوفها وتشكيلاتها»، مجدّدة تأكيد جهوزيّتها لـ«كلّ الخيارات للدفاع عن الوطن ووحدته وسيادته ومنجزاته كافة»، بحسب ما ورد في البيان.

*  الأخبار اللبنانية