اليمنُ يمدِّدُ استراحتَه: أمريكا تطلبُ الهدوء
اليمنُ يمدِّدُ استراحتَه: أمريكا تطلبُ الهدوء
لقد أدّت عمليتا «إعصار اليمن» اللتان نفّذتهما قوات صنعاء ضدّ منشآت حسّاسة في الإمارات، وعمليات «كسر الحصار» التي طاولت المنشآت النفطية في السعودية، مع عوامل أخرى مرتبطة بالميدان، إلى دفع واشنطن نحو استعجال الهدنة، خصوصاً أن قدرة الأخيرة على حماية كلّ من الرياض وأبو ظبي كانت على المحكّ، فضلاً عن أن التحالف السعودي – الإماراتي أتمّ، بدعم أميركي، تموضعات في مكامن تهديد يَعدّها حيوية بالنسبة إلى أهدافه، خصوصاً لناحية تأمين الآبار والمنشآت النفطية في كلّ من مأرب وشبوة، وهو تموضع يسمح للولايات المتحدة باستئناف المبادرة العسكرية في حال قرّرت قيادة صنعاء تفعيل تهديداتها في المستقبل (ويُضاف إلى ذلك تأمين الأميركيين الحدّ الأدنى من مصالحهم الأمنية، وتحديداً في ما يتعلّق بالملاحة البحرية، ولا سيما أن حلفاءهم يتموضعون في واحد من أبرز المضائق المهّمة للاقتصاد العالمي). وعليه، يمكن القول إن ما دفع الأميركي باتّجاه التهدئة، وتقديم تنازلات بقبوله رفع الحصار جزئياً، هو السعي لتحقيق الحدّ الأدنى من المصالح، من دون الانشغال عن الساحات الأكثر أهمية، والمتمثّلة اليوم في شمال أوروبا (الحرب الروسية – الأوكرانية)، والمحيطَين الهندي والهادئ حيث الكباش على أشدّه مع الصين.
أمّا بالنسبة إلى المعنيّ الأول بالحرب، أي السعودية، فمن الواضح أن الهدنة بشروطها الحالية، ومن دون القدرة على التوصّل إلى تسوية شاملة، تؤمّن لها صورة «اللاخاسر»، وهو ما كانت تطلبه الرياض منذ سنوات، الأمر الذي يفسّر انكفاءها في مشاورات إرساء الهدنة وتمديدها. لكن يبقى السؤال: هل قرّرت السعودية، فعلاً، ترْك معالجة الملفّ بالكامل للجانب الأميركي؟ وهل سيعمد الأخير، في المرحلة المقبلة، إلى مضاعفة استفادة صنعاء من الاتفاق المؤقّت، حتى يصبح مطلباً رئيساً بالنسبة إليها أيضاً؟ قد تكون هذه إرادة واشنطن والرياض ومصلحتهما، لكنّ التوصّل إلى تهدئة دائمة وتسوية شاملة يظلّ مرهوناً بموقف «أنصار الله». ولئن كانت الحركة لا تمانع الانخراط في الهدنة باعتبارها مطلباً موضوعياً له تبعاته الإيجابية على أكثر من صعيد، إلا أن استمرار تعامل «التحالف» مع الاتفاق بالطريقة السابقة نفسها، بما تستبطنه من مراوغة في رفع الحصار، لن يكون مقبولاً لدى قيادة صنعاء، التي لا تجد فائدة في التنازل عن أوراق الضغط والقوّة من جانبها، من دون أيّ مقابل.
