متابعات| تقرير*:

مع انطلاق العدوان على اليمن، ظنّ السعوديون، على وجه الخصوص، أنّ «عاصفة الحزم» ستمُرّ ثقيلة على «أنصار الله»، خصوصاً بعدما ورثت الحركة مؤسّسات دولة، بجيشٍ وقوى أمنية، أنهكها انسحاق علي عبد الله صالح، وتالياً عبد ربه منصور هادي، أمام الإرادة الملَكية السعودية، بشكل سمح للرياض بتحويل اليمن وجيشه إلى حديقة خلفية تعمّها الفوضى والضعف. سريعاً، أثبتت قيادة «أنصار الله»، في المعركة المفتوحة مع السعودية وحلفها «العربي»، ومِن خلفهما الولايات المتحدة، أن ما لم يكن في الحسبان قد تَحقّق. وعلى قاعدة «تحويل التهديد إلى فرصة»، صار اليمنيون يتحدّثون اليوم عن تحوّلهم إلى «قوّة تُصنّع احتياجاتها من الأسلحة المناسبة لاستراتيجية المواجهة التي وضعتها القيادة لإدارة المعركة مع السعودية والإمارات، كعدو قريب»، فيما تقف إسرائيل في خلفية المشهد، وقد بدأ إعلامها وخبراؤها ومراكز الدراسات فيها يتحدّثون عن «التطورات الاستراتيجية في المنطقة»، والتي من شأنها أن تجعل هجوم «أنصار الله» على كيانهم «أكثر احتمالاً»، مدعوماً بـ«مخزون كبير من الأسلحة» و«تطوّر عسكري كبير»، ما يؤثّر سلباً على كيان العدو ويضع قادته أمام «معضلة الانجرار إلى المستنقع اليمني».

بناء الدولة
في حين ترتبط النظرة الأوّلية المتصوَّرة عن الحرب، حصراً، بالدمار وهدم مؤسّسات الدولة والبنى التحتية ماديةً كانت أم اجتماعية، تدلّ الشواهد التاريخية على قصور في هذه النظرة، بل إن أبرز نظريات بناء الدول تنطلق من أساس ربطها بالغزوات وشنّ الحروب. يَعتبر شارلز تيلي، من منظور متعلّق بتاريخ نشوء الدولة الأوروبية، أن «الحروب تَصنع الدول والدول تشنّ الحروب». ترتكز فكرته، ببساطة، على أن الدولة الأوروبية لم تَقُم عبر السرديات الرومانسية وتجسيد المبادئ الفلسفية المثالية وكتابة الدساتير والعقود الاجتماعية، بل عبر العنف لمصلحة الطبقات الحاكمة وتمدّد مصالحها الاقتصادية، لتُسفر هذه العملية عن تنظيم المجتمع وجباية الضرائب والديون لتمويل المجهود الحربي، وذلك من خلال أجهزة بيروقراطية يُطلَق عليها لفظ «الدولة». بتعبير آخر، لولا عملية الاستعمار لم تُعمّر الدولة والمدن والمجتمعات الأوروبية، في ما يُطلِق عليه تيلي «الجريمة المنظّمة والمتحصّنة بغطاء شرعي»، كغطاء الديموقراطية اليوم. من الواضح أن تلك النظرة إلى بناء الدول تنطبق على النموذج الأوروبي فقط؛ على اعتبار أن للجريمة المنظّمة وعمليات السرقة والنهب ضحيّة، وهي نحن، فنحن المستعمَرون. ولذا، وضمن الجدليّة نفسها، تتّخذ عملية بناء دولنا نحن مساراً تاريخياً نقيضاً؛ فلكي تبنِي دولة مستقلّة في عالم الجنوب، عليك أن تُنظّم مواردك ومجتمعك لمنع الجريمة المنظّمة من أن تحدث. بكلام آخر، الصورة المتشكّلة في أذهاننا بشأن الحرب كمحض آلة تدمير، سواءً مباشرة عبر الجيوش الغربية أم عبر التدمير الذاتي لمصلحتها، تنتفي بمجرّد حضور شرط واحد، وهو المقاومة، أي الحرب، ولكن في الاتّجاه المعاكس.

 

أحمد مفيد (فلسطين)

لاحظ كلّ من ريان د.تايلور وروكسانا بوتيا «أوروبيّة» نظرة تيلي، ولمّا حاولا بشكل مثير إسقاطها على العالم الثالث، تَبيّن أن عملية النهب لم تحدث خارج السياق الغربي، سوى في كلّ من إسرائيل وكوريا الجنوبية، أخذاً في الاعتبار الجوهر الاستعماري للحالتَين، أمّا بقيّة الحروب في العالم الثالث فهي إمّا تدخل في دوّامة التدمير الذاتي لمصلحة المستعمَرين، أو التحرّر الوطني وبناء الدولة، ونكون حينها نحن المعمِّرين بتعبير فرانز فانون؛ ذلك أنه، ولكي تبني دولُ العالم الثالث نفسها، عليها بدورها أن تحشد للحرب وتبني المؤسّسات والجيوش والبُنى الاجتماعية والثقافية والإيديولوجية لتقاوم وتدافع عن مواردها من النهب الغربي. بيد أن أهمية بحث تايلور وبوتيا تكمن في دراستهما المقارنة لنماذج مقاومة الغزو السوفياتي لأفغانستان والأميركي لفيتنام، ليطرحا سؤالاً لعلّه من أهمّ الإشكاليات التاريخية لنا كعرب في هذا القرن، وهو: لماذا وكيف نجح الفيتناميون في بناء دولة بعد الانتصار على الأميركيين بينما فشل الأفغان؟ يجيب الباحثان على السؤال بمقارنة العوامل الذاتية والموضوعية للحالتَين، كالاختلاف الإثني في أفغانستان، وغياب الوحدة الاجتماعية الصلبة التي تنبني عليها قاعدة سياسية. أمّا العامل الثالث، والمهمّ بالنسبة إلينا، فهو إيديولوجي، في ما سمّياه ترابط الحرب والثورة والفكر الثوري، أي وجود إيديولوجية موحِّدة قائمة على المزج بين الهوية القومية والعقيدة السياسية، وفي الحالة الفيتنامية كانت الشيوعية.

نجد في تاريخنا العربي شواهد أخرى شبيهة. فالثورة الجزائرية وحرب التحرير نجحتا في نهاية المطاف في إنشاء دولة، حيث نظّم المجتمع الجزائري ذاته سواءً تسليحياً أم اجتماعياً وثقافياً وأدبياً، والنشيد الوطني الجزائري هنا لم يأتِ من العدم، بل إن كلماته انعكاس لهذا التنظيم، بينما إذا نظرنا إلى الحربَين الليبية والسورية ومآلات الثورة الفلسطينية بقيادة «منظّمة التحرير»، يبدو الأمر مختلفاً. والمسألة ليست في غياب الإيديولوجية الثورية فحسب، بل إن ما يربط حربَي ليبيا وسوريا بفشل نموذج مقاومة السوفيات في أفغانستان، هو أن هذه الحروب ليست مستقلّة، أي أنها ليست لمجتمع نظّم نفسه وحشد الطاقات والموارد في سبيل حرب بشكل مستقلّ، بل إن عملية التنظيم ارتبطت ماديّاً بالغرب، وفي كلّ الحالات (أفغانستان/ السوفيات، ليبيا، سوريا، فلسطين/ أوسلو) كانت هندسة المجتمع تخضع لواقع الهيمنة الأميركية ورؤوس الأموال الغربية والخليجية على جزء من مجتمعاتنا تمويلاً وتحشيداً وصنعاً.
وعليه، فكرة أن تنتج الحرب الليبية دولة، هي منطقياً غير ممكنة، وأن تكون للثورة السورية إيديولوجيا غير ما يراد لها، هي بدورها أمر غير واقعي. فسقوط دمشق وطرابلس بيد «الثوار» هو بالمعنى التاريخي لاستقلال المجتمعات وبناء دولها، تكرار لسقوط كابول لا سايغون. وتلك النتيجة مجرّدة من مدى سوء السلطة الحاكمة في دمشق وطرابلس، فهو ذاته في أيّ عاصمة عربية، ولو كانت الرياض أو القاهرة أو صنعاء. فالعِبرة أن نعرف طبيعة الحرب المُخاضة، ومن البديهي، والحال هذه، أن لا تُغدق الدول الغربية الأموال على حرب وإيديولوجيات تنتج دولاً ومجتمعات مستقلّة عنها، بل وبمجرد أن يرى الغرب تنظيماً اجتماعياً وسياسياً عربياً – أو غير عربي – بشكل مستقلّ، فمصيره الطبيعي الحصار والعقوبات وحشد الموارد للقضاء عليه لا رعايته.

تلك هي جدليّة بناء الدولة المستقلّة في الجنوب العالمي منذ خمسة قرون، وهذا تحديداً ما يوصلنا إلى حرب اليمن.

الحرب والدولة
«عملياً، حكومة الحوثيين هي الحكومة الوحيدة الفاعلة على مستوى البلاد»
(واشنطن بوست)
ندخل اليوم العام الثامن من الحرب على اليمن، ونحن أمام واقعِ أن المناطق التي تُشنّ عليها الحرب وتُحاصَر ومقطوعة عن العالم، يسودها استقرار مؤسّساتي وفعّالية أكثر من غيرها، على رغم ما تعانيه من ابتزاز وقطع للمشتقّات النفطية. وهذا ما يمكن به الاستدلال ليس على أنها لا تعيش حرباً أو حصاراً، بل إنها تنتصر فيهما. فالمسألة هي أننا حين نتحدّث عن صمود على مدى هذا الزمن الطويل، فنحن لا نعني فقط على أن مَن يطلق النار من خلف الخنادق يمتاز بمهارة قتالية ومجهود عسكري أكثر من الطرف الآخر، بل إن لديه بُنى اجتماعية وسياسية تقف خلفه. فالذي يَحكم خسارة مجتمع لحرب أو انتصاره فيها، هو مدى قدرته على تنظيم مؤسّساته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية لرفد المجهود العسكري. وذلك هو سبب صمود حكومة صنعاء في الحرب، وحديثنا اليوم بكلّ اطمئنان عن انتصارها فيها.
وبالعودة إلى دراسة تايلور وبوتيا، فهما يحيلان انتصار الثوار الفيتناميين إلى قدرتهم على حفظ المؤسّسات وبنائها، وبل وحاجتهم الماسّة إلى ذلك. وهو ما يتّخذ وفقاً لهما ثلاثة أوجه متضافرة: جمع الدعم المالي من السكّان، بناء الجيش والقوات المقاتلة، الإيديولوجيا وبناء الهوية الوطنية. ففي حين كانت قوات جنوب فيتنام تعيش على التمويل الأميركي، كتمويل السعوديين والإماراتيين اليوم للموالين لهم، فإن القوات الشمالية الفيتنامية عمدت إلى تنظيم عملية حشد الدعم المادي في الداخل، وهو ذاته ما نراه في حملات التبرّع في اليمن، بأموال وقلائد ذهب وفضّة وفق ما تُظهره مشاهدها على طول الطرق، وريادية «الهيئة العامة للزكاة» اليمنية، بل إن اليمنيين ابتدعوا وسائل تكنولوجية لحشد هذه الأموال في ظلّ الحصار؛ فيمكنك مثلاً في اليمن إرسال رسالة نصّية تموّل من خلالها مجهود القوة الصاروخية والطيران المسيّر. وبالنسبة إلى مانويل كاستيلز، أحد أبرز مُنظّري مجتمع الشبكات وتكييف التكنولوجيا، فإن ما يجعل مجتمعات تتفوّق على غيرها هو براعتها في تكييفها للتقنية والتكنولوجيا – يَعتبر كاستيلز سبب تفكّك الاتحاد السوفياتي تأخّره في تبنّي التكنولوجيا عن الأميركيين، على نقيض الصين التي تهدّد اليوم هيمنة الغرب -، وهو عين ما قام به الفقراء الحفاة اليمنيون، من تكييف لأدوات التكنولوجيا والاتصالات التي في متناولهم، من آلات التصوير والموسيقى إلى أجهزة توجيه الصواريخ والمسيّرات.

لم يكن للحرب على اليمن أن تأخذ هذا الاتجاه لولا عملية التنظيم والمأسسة لقوى المجتمع

وترتبط عملية تنظيم الدعم المالي لدى اليمنيين، بقدرتهم على الحشد العسكري وإعادة بناء المؤسسة العسكرية بشكل حديث، والرفد البشري لجبهات القتال. ولعلّ واحداً من أكبر عوامل انتصارهم، تمكُّنهم المثير للإعجاب من تجميع المقاتلين من كلّ المحافظات، وبشكل عابر للقبائل والانتماءات المذهبية – أقلّه في الشمال -. وهذا ما يقودنا إلى العامل الثالث المتعلّق بالإيديولوجيا والهوية الوطنية. يعلّق «كريستوف»، هنا، وهو أحد الحسابات التي تعكس ذهنية صنع القرار السعودية، في اعتراف واضح بفشل سردية مذهبيّة الحركة الاجتماعية اليمنية الواسعة التي يواجهها السعوديون في اليمن سواءً بالوسم بـ«الهاشمية» أو «الزيدية» أو «الحوثية»، بأن «الحوثيين» نجحوا في استغلال ما سمّاه «القومية اليمنية»، أي استمالة الجماهير اليمنية عبر مخاطبة هويّتها الوطنية واستقلالها، و«فخرهم بقدرة أبناء جلدتهم في مواجهة جيوش التحالف» على حدّ تعبيره. وهو أمر في غاية الدقة؛ فقد عمل الأداء والخطاب السياسي لحكومة صنعاء على إعادة إنتاج الهوية اليمنية، وبمضمون إيديولوجي متماسك وصلب، ولعبت الآلة الشعرية هنا وانتشار الزوامل بشكل عابر حتى لحدود اليمن، كوعاء محرّك لهذه الهوية الوطنية.

سلاح الزامل والقصيدة
«لم يشهدوا (فيتنامَ) واحدةً… هنا
شهدوا بكل مجاهد (فيتناما)»
(معاذ جنيد)
في بحث له عمل عليه خلال الثمانينيات في اليمن، يصف الباحث الأميركي، ستيف كانتون، الشعر اليمني بـ«الأداة العدوانية، مثل السيوف أو البنادق، ولكن يتمّ التلويح بها في حرب لفظية من الخطاب السياسي»، كما يَعدّ الزوامل أداةً ذات فاعلية عالية لإنتاج إيديولوجيا تعمل على الحشد خلال الصراعات السياسية. وإذا أردنا أن نلقي نظرة تاريخية على تطوّر هذا الفن، فسنجد أنه لم يتمّ استغلاله وتطويره وتوسيع مدى انتشاره كما حصل خلال هذه الحرب، بل من الممكن اعتباره أحد أبرز مظاهر التنظيم الثقافي والسياسي والعسكري في سبيل الصمود، في مزج بين مختلف أدوات الحرب عبّر عنه أحد الزوامل ذاتها بأن «صوت البنادق يُوزومِل (مفردات) الجُعب». هكذا، وفي عالم أشبه بالموازي، أسّس اليمنيون إنتاجهم الفني بتشكيل «اتحاد الشعراء والمنشدين»، والذي يقوم بتنظيم عملية الإنتاج البلاغي واللغوي. كذلك، وفي إطار القنوات ووسائل التواصل المحلية، شهدت سنو الحرب إقامة مسابقة تلفزيونية تحت عنوان «شاعر الصمود» – مماثلة لشاعر المليون أو The Voice – تخلّلتها مشاركة نساء أنشدن أبياتهن بكلّ فخر واعتداد بالذات، ومن بينهنّ الشاعرة إبتسام المحطوري التي استهلّت أبياتها بأنها: «الشاعرة التي في القصيد تمكّنت… بكامل أوزانه من أيام الصبا».

وأحد أبعاد المسألة هنا هو في تنظيم عملية الاستهلاك، فأنت ما تستهلك، وكذلك المجتمع هو ما يستهلك. وقد أدّت عملية التنظيم الثقافي هذه إلى إنتاج أدبي مستقلّ، في اكتفاء ذاتي ثقافي يحرص فيه المجتمع على صياغة وعيه وثقافته بذاته، وأن لا يتركها ليصيغها الآخرون، وفي هذه الحالة إعلام الخصم أو العدو ومنتجاته الثقافية. ففي حين يقوم السعوديون بتجسير المنتج الثقافي الغربي واستهلاكه في حفلات ضخمة وسط الرياض أو على شاشات «روتانا» و«MBC»، يصون اليمنيون، في عالم لا يراه أغلبنا، مجتمعهم بإنتاجهم، في مقاومة ثقافية نجحوا من خلالها في الصمود أمام عدوٍّ حشد المليارات لهزيمتهم وتفكيك جبهتهم الداخلية. ولتبيان الفكرة، يلقي عبد السلام المتميز أبياتاً تقول بأننا كيمنيين في هذه الحرب:
سنقرأ فقهاً ونحواً وصرفاً

وطباً وجبراً وشعراً ونثراً
ولكن سنقرأ صنع (المسيّر) حتى ولو لم يكن مِن قبلُ يُقرى
يُضاف إلى ما ذُكر أن المضمون الشعري لليمنيين يتفاعل مع واقع صراعهم وبسالتهم العسكرية والحضّ على القتال، فلن تجد – على رغم كلّ المآسي الإنسانية – أيّ نوع من البكاء على الأطلال أو الاستجداء السياسي أو لعب دور المفعول به، بما يعكس خمولاً في عملية الحرب، كالتحوّل الذي تمّت هندسته للثورة الفلسطينية بعد «أوسلو»، ليكون الإنتاج الأدبي معطوفاً على جمود المقاومة والتحوّل إلى «مسار السلام». ومن هنا، برزت الاحتفالية الخاوية أو ألحان الحزن واليأس وقلّة الحيلة، على عكس الإنتاج الأدبي للمقاومة في غزة وحيويّته التاريخية كفاعل ومنخرط في صيرورة حركة التاريخ عبر التحشيد للمعركة والحرب.

خاتمة: حرب المواقع
لم يكن للحرب على اليمن أن تأخذ هذا الاتجاه لولا عملية التنظيم والمأسسة لقوى المجتمع، وهو ما لعبت فيه الزوامل دوراً محورياً من ناحية البناء الإديولوجي، وتشكيل رافعة أساسية للتماسك، خصوصاً في المرحلة الصعبة بداية العدوان، حيث برزت زوامل المنشد الشهيد لطف القحوم، الذي ترك أثراً نما وتطوَّر ليمسي أحد أبرز أنواع الفنون الملتزمة على المستوى العربي، والمنخرطة في مجهود الحرب والفاعلية التاريخية. فبعيداً عن ضجيج الصالونات الثقافية العربية وندوات الشعر في القاعات والمقاهي والبلاطات، تحت جناح «مررْنا على دار الأمير فضمّنا إلى الدار قواعد الأعادي وسورها»، سطّر المثقف اليمني، شعراً وإنشاداً، أبرز النماذج التاريخية لقوة الثقافة المضادّة وأثرها، ليخوض، بتعبير أنطونيو غرامشي، «حرب المواقع»، مستثمراً المؤسّسات الثقافية بكلّ تألق، ومُعطِياً اللغة العربية مكانتها التاريخية، كأحد حصون صوْن هويّتنا ضدّ سيل الثقافة المعولمة، وليُعلّمنا درساً أنّنا كعرب، وطوال تاريخنا، إنْ ما أردنا الانتصار في الحرب وبناء دولتنا، فعلينا رفد القذيفة بالقصيدة.

* الأخبار اللبنانية| موسى السادة