أعطت المكتسبات الميدانية الأخيرة قوات صنعاء أفضلية مستقبلية للوصول إلى شواطئ بحر العرب

يُضاف إلى ما تَقدّم، أن تراجع العلاقات السعودية – الأميركية منذ بداية عهد جو بايدن، ترك انعكاساته على الشراكة بين الجانبين في الحرب على اليمن، على رغم استمرار انخراط واشنطن فيها. إذ يلحظ مراقبون، من خلال الأداء الأميركي في المفاوضات، أن الولايات المتحدة تعمل على إطالة الحرب، وأن هناك تغيّراً في أهداف مشاركتها فيها، بعدما قرّرت تصعيد مستوى مواجهتها مع الصين، وحشد قواها العسكرية في المحيطَين الهادئ والهندي المتّصل ببحر العرب، والذي يُعتبر أحد الممرّات الحيوية للصين في إطار مبادرة «الحزام والطريق» إلى المتوسّط وأوروبا. أمّا السعودية، فقد تراجعت، هي الأخرى، عن هدف إدامة الوصاية على اليمن، وبات طموحها مقصوراً على حماية حدودها الجنوبية وتحصين أمنها القومي. لكن التراجع السعودي لم يمنع الزعل من «الحليف» الأميركي، والذي تمثّل أبرز تجلياته في العاشر من الشهر الجاري، حينما أجّلت السعودية زيارة وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إلى الرياض، في ما فُسّر على أنه احتجاج على سحب منظومات الدفاع الجوي (باتريوت، ثاد) الأميركية من قاعدة الأمير سلطان الجوية، وأيضاً على خلوّ جدول أعمال الوزير الأميركي من بند مناقشة الملف اليمني، وهذا ما تحدّث عنه أوستن نفسه بالقول: «قمنا بترتيب هذه الرحلة في وقت قصير جداً. السعوديون لديهم بعض المشاكل المتعلّقة بالجدولة، وكما تعلمون، لا يمكنني التحدّث عن ذلك»، علماً أن الزيارة اقتصرت على بند واحد هو ترتيب الأوضاع في أفغانستان، والذي استُبعدت السعودية من المناقشات الجارية في شأنه.
ولم تكن الحرب على اليمن منذ فترة المداولات الأولى بشأنها، ومن ثمّ اتخاذ القرار ببدئها والإعلان عنها من واشنطن، مروراً بكلّ مجرياتها، منفصلة عن السياقَين الإقليمي والدولي. ولعلّ هذا ما يتّضح في حديث سابق لمسؤول الملفّ الإيراني في الإدارة الأميركية الحالية، روبرت مالي، الذي كشف أن «السعودية كانت ستتصرّف بشكل وشيك مع الولايات المتحدة أو من دونها، لكنها فضّلت المضيّ قُدُماً بمساعدة أميركية، وفي النهاية، أوصى فريق الأمن القومي التابع للرئيس باراك أوباما بالمضيّ قدماً في قدر من المساعدة للحملة السعودية»، تَمثّل في إنشاء خلية تخطيط مشتركة في الرياض من شأنها «تنسيق الدعم العسكري واللوجستي والاستخباراتي»، وفق ما أعلن البيت الأبيض نفسه. وعلى امتداد عمر الحرب، شهدت المنطقة تحوّلات مهمّة كان لها أثرها العميق في اليمن، سواءً لناحية العلاقات بين الدول المشاركة في العدوان، أو تبدّل تحالفات القوى المحلية وأدوارها، أو إعادة تشكيل التموضعات العسكرية.

* الأخبار| لقمان عبدالله

التحوّلات اليمنية في الميزان الإقليمي: «أنصار الله» تستثمر التراجع الأميركي