كل ما يجري من حولك

هل رأى الدَّهرُ (حَمقَى) مثلنا؟!

464

بقلم الشيخ عبد المنان السُّنبلي.

في بلاد العرب وحدَها، يمكن لمشاركة معتوهٍ أَو تغريدة أحمقَ واحدةٍ على تويتر مثلاً أَو فيس بوك أَو أيٍّ من وسائل التواصل الاجتماعي الأُخرى أن تنسف تاريخاً كاملاً من العلاقات المتينة والقوية بين دولتين عربيتين أَو أكثر!

يمكن لزلة لسانٍ واحدةٍ فقط أن تبدأَ حفلةَ سِبابٍ جماعيةً وصاخبةً كبرى يفرغ كُـلّ واحدٍ خلالها كُـلّ ما ادخره في نفسه زماناً تجاه الآخر من مفردات الحقد والغل والكراهية واللعن والتشهير وَ..!

في بلاد العرب وحدها فقط، يمكن لقصيدةٍ أَو مقالةٍ أَو عنوانِ كتابٍ أَو حتى أغنيةٍ واحدةٍ أن تنهيَ حياةَ صاحبها (أو صاحبتها) وتنتقل به مغدوراً إلى رحاب العالم الآخر البعيد!

في بلاد العرب وحدها فقط، يمكن لمباراة كرة (قدمٍ) أَو ماراثون (سباقٍ) أَو لُعبة (بوبجي) واحدة أن تُحدِثَ انقساماتٍ وتشعل خلافاتٍ وتغلق سفاراتٍ وقنصلياتٍ ومعابر وحدودا!

في بلاد العرب وحدها فقط، يمكن لأنثى كلب أن ترتديَ حُلّةً عشرة كيلو جراماً من الذهب أَو زهاءها!

يمكن لصغير حمارٍ أن يُدفع لأجله ثلاثة مليون دولار أمريكي أَو يزيد!

يمكن لناقةٍ أَو جملٍ أن يعيش في (قصرٍ) خاصٍ به وفيه من الخدم والموظفين والعاملين ما يفوق عدداً كُـلّ أُولئك الموظفين والعاملين في قصر (بركينغهام)!

هكذا نحن العرب دائماً نفكر!

ليس؛ لأَنَّنا عالقون وغارقون من أعالي رؤوسنا إلى أخامص أقدامنا في أوحال الجهالة والتخلف فحسب، ولكن؛ لأَنَّنا أَيْـضاً محكومون بنخبٍ وطُغمٍ حاكمةٍ متسلطةٍ وانتهازيةٍ ونرجسيةٍ لا يحلو لها شيءٌ كما يحلو لها أن ترانا هكذا، فتعمل كُـلّ ما في وسعها جاهدةً على أن نظل ونبقى على هذا الحال!

نعلم أنهم سر شقاءنا وتعاستنا،

ومع ذلك نصفق لهم ونتخذهم لنا رموزاً وأيقونات تجلب الحظ والسعادة والحياة!

نعلم أنهم كذابون، ومع ذلك لا نصدق أحداً كما نصدقهم ونؤمن بهم!

نرى الأجنبي ينتعلُهم أمام أعيننا ثم يأتي بعد ذلك على كرامتنا وكبرياءنا فيدوسها بهم ويسحقها، ومع ذلك نهتف لهم، فهم في كُـلّ الأحوال عناوين كرامتنا ومصدر إبائنا وكبريائنا!

بالله عليكم،

هل رأى الدَّهرُ (حَمقَى) مثلنا؟!

You might also like