كل ما يجري من حولك

مشورتي لأي محافظ تولى المسؤولية حديثاً

648

 

منصور البكالي

لنفترض أني مستشار لمحافظ أحد المحافظات اليمنية، وهو لا يزال في بداية الطريق فما هي المشورات والتوصيات التي سأحثه عليها؟

عزيزي المحافظ الجديد مما لا شك أن لديك خطة عمل وبرنامج واضح تمشي عليه ولكن حرصاً منا عليك وتمنيا منا لتوفيقك، وخوفنا من تكرار أخطأ وتجاوزات الماضي، نقدم بين يديك هذه النصائح المتواضعة لتستفيد منها.

1_ أول نقطة يجب عليك الانطلاق منها بعد تعيينك هي تشكيل لجنة تشخيصية لوضع المحافظة واحتياجاتها وأداء المكاتب التنفيذية فيها ورصد المشاكل والتجاوزات وأماكن الخلل والفيروسات هنا أَو هناك ومعرفة أسبابها ومن يقف خلفها، وتسجيل الأعراض والجروح السيئة الناتجة عنها في جسد وروح ونفسية المجتمع، وما هي العلاجات والحقن والمضادات المناسبة لمداواتها، فأنت معول عليك كطبيب تضمد الجراحات النفسية وتبعد وتزيل الآلام والأوجاع المجتمعية وتستأصل الأورام والغدد الخبيثة التي تنهش صحة جسد وروح مؤسّسات الدولة والمجتمع بمكوناته المختلفة، وتحميها من الأوبئة المزمنة والمخاطر أين كان مصدرها.

2_ تكليف هذه اللجنة بتقييم أداء المحافظين السابقين لك وتسجيل النقاط الإيجابية لهم لتعمل على تعزيزها، وتسجيل نقاط التقصير أَو الضعف وتجنبها وتوفير الحلول المناسبة لها.

3_ أرسم لهذه اللجنة خطة مزمنة لمسح وتقييم أداء كُـلّ إدارة ومكاتبها في كُـلّ مديرية وعلى مستوى كُـلّ عزلة، وترفع تقارير مفصلة وَتوصيات مدروسة ومناسبة وقادرة على حَـلّ المشكلات الموجودة والخلل الموجود، لإيجاد حلول فورية وعاجلة على مختلف المستويات المالية والإدارية وأداء وخبرات القوى البشرية العاملة في الميدان، ومستوياتها المهنية، لتقوية مهاراتها وخبراتها أَو تعزيزها بكوادر ودماء جديدة وذات روحية عالية ونشاط وطاقة متجددين في العمل.

4_ أجعل خدمة المواطن ورضاه فوق كُـلّ اعتبار وكن قريب من الجميع، وأحسن في استغلال وتوظيف الإمْكَانيات المتاحة لك لكسب ود المواطن وجذبه لتكن بذلك قد وفرت التربة الخصبة وهيئتها للتفاعل والتناغم مع الأنشطة الثقافية والتوعوية، ووضعت بذور الثقافة القرآنية من خلال تعاملك مع الآخرين وإكمال إنجازاتك التي بدأت بها.

5_ يجب أن تكرس جهودك في تقريب وتمثيل الصورة الذهنية التي في عقل المواطن عن قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، والقيادة السياسية ممثلة بالرئيس مهدي المشاط حفظهم الله، فتكون أعمالك وتصرفاتك وأقوالك في الميدان معبرة وممثلة ومطبقة لتوجيهاتهم وإرشاداتهم قول وفعل.

وفي هذه النقطة بالتحديد أسأل نفسك عدد من الأسئلة المحورية والهامة، فهل أنت جدير بتمثل دين الله وكتاب الله وهدي الله وأعلام الهدى الذين لا يزالون قيادات لنا وأحياء بين أظهرنا؟ وهل نذرت نفسك ومالك لله وللعمل في مرضاته؟ أم أنك تريد أن تعيش الدور كمحافظ كما هي الصورة النمطية في ذهنيتك عن من سبقوك في المراحل الماضية، مرافقين ومصروفات وموكب وظهور إعلامي، وتقارير منافية للواقع؟؟ كيف ستقدم للناس صورة تجذبهم للانطلاق في مواجهة العدوان، واللحاق بسفينة آل البيت صلوات الله عليهم؟ كيف ستحَرّك المجتمع ليكون مجتمع قرآني متكافل ومتعاون وموحد، كيف ستحيي بين أبناءه قيم المحبة والإخاء والسلام وتوحيد الكلمة والموقف ضد هذا العدوان؟ هل تستطيع كسب احترام العدوّ قبل الصديق؟ هل لديك رؤْية لتطوير وتنمية الجوانب الأمنية، والزراعية والإنتاجية والخدمية وتوحيد الخطاب الديني المواجه للعدوان؟

كيف ستحافظ على أبناء المحافظة من استغلال العدوان ومرتزِقته لفقرهم وحاجتهم وأفكارهم وثقافاتهم المغلوطة، فيجندهم للقتال في صفه مقابل الحصول على الفتات؟

وهل لديك خطة عملية لنشر المشروع القرآني والثقافة القرآنية وإيصالها إلى كُـلّ قرية وكل بيت؟

صدقني تصرفاتك وأعمالك وتصرفات وأعمال من يمثلونك في مختلف الإدارات والمكاتب المختلفة هي من ستوصل الثقافة القرآنية إلى صدور الجميع وتجعلهم يندفعون للحاق بها.

6_ حاول أن يكون لك فريق قادر على استنهاض عزائم وإرادات القوى البشرية ويحيي فيها روح العطاء والتضحية وتجويد مختلف الأعمال والمهام عن حب ورغبة وإصرار واستشعار للمسؤولية، لتعزيز الصمود والثبات لأداء مؤسّسات الدولة أمام مختلف التحديات.

7_ إياك ثم إياك أن تعد المواطنين أَو الموظفين أَو القيادة بما لم تقدر عليه، وأعلم أنه مهما كنت مخلص ولم تنظف مكاتب المحافظة من الفساد والفسادين فمصيرك الفشل فأذا كنت نظيف المظهر والجوهر وقعدت على كرسي متسخ وملطخ بالأوساخ وسط مكان مليء بالفوضى والوساخات فثيابك الناصعة البياض وذات الراحة الزكية ستتغير ويزول عطرها، ونفسيتك وسط صخب الأنانيين والجشعين والمقصرين ستتغير وتتلوث فإياك أن تقعد على كرسي المحافظة قبل أن تزيل من أركانه وجوانبه غبار مثل هؤلاء.

8_ يجب أن تكون فرق التقييم والمتابعة ذات مواصفات عالية في التقوى والبصيرة والتحليل والخبرة في ممارسة المهام الرقابية والإدارية، وتكون مستمرة في الميدان ومستشعرة لمسؤوليتها أمام الله.

9_ أفحص وتأكّـد من غالبية التقارير المؤرشفة في أرشيف مكتب المحافظة لتعرف من خلالها مقدار المقصرين والمزييفين للواقع وتحدّد من خلالها من حان الوقت لتغيرهم، مع أهميّة متابعة حقيقة كُـلّ التقارير الأسبوعية والشهرية والدورية الواردة اليك من الميدان أولا” بأول، لتتخذ من خلالها المعالجات الفورية للمشاكل الموجودة هنا أَو هناك.

10_ يجب أن تحرص على أن تكون القوى البشرية إداريين وعاملين وغيرهم متواجدين في الميدان ويقيمون مع عوائلهم بالقرب من الإدارات التي يعملون بها؛ لأَنَّ الواقع كشف أن معظم مدراء المكاتب التنفيذية يسكنون العاصمة أَو عواصم المدن الأُخرى ويعملون عن بعد أَو نادرا ما يتواجدون في مكاتبهم، وهذه النقطة من أبرز وأهم نقاط الفساد المالي والإداري.

11_ لا عيب في المشورة أمام أي موقف تعجز أمامه أَو مشكلة لا تقدر على حلها أَو تشخيص الحل المناسب لها، ولك أن تستفيد من القراءة عن الحكم في زمن الإمام عليه السلام، ومراجعة سيرة الأشتر النخعي، وحمل همة وعزيمة وإخلاص ونزاهة وزهد الشهيد الرئيس صالح علي الصماد، وعليك بقراءة محاضرات وملازم الشهيد القائد، والاستماع لمحاضرات وخطابات قائد الثورة، وتطبيق ذلك إلى جانب القوانين السوية الموجودة في الدستور والقانون اليمني المتناسبة منها مع طبيعة المرحلة.

12_ خذ من تجارب الناجحين في مختلف الجوانب الإدارية وغيرها، ما يمكنك من تطوير وتنمية مهاراتك ويعينك على القيام بمسؤولياتك المختلفة، وخذ من فشل العشوائيين والمتهورين الدروس والعبر والأسباب التي أَدَّت إلى تفريطهم وإبعادهم لتتجنبها.

ومن هذا المنطلق يمكن لكل مسؤول أين كان منصبه، ومهما كانت صفته أن يأخذ من هذه الخطوات ما يمكن له الاستفادة للقيام بمسؤولياته بنجاح.

You might also like