بعد مرور خمس سنوات ورغم أنها تتظاهر بالجهل.. بريطانيا لا تزال متورطة بشكل وثيق في حرب اليمن
بعد مرور خمس سنوات ورغم أنها تتظاهر بالجهل.. بريطانيا لا تزال متورطة بشكل وثيق في حرب اليمن
متابعات:
ترفض الحكومة البريطانية تتبع الطريقة التي تستخدم فيها الأسلحة التي تبيعها إلى الدول المشاركة في النزاع، السعودية والإمارات، وهي تضرب المنشآت المدنية والصحية، وتواجه اليوم مخاطر وصول فيروس كورونا بعد الأزمة الإنسانية التي خلقتها الحرب التي شنها تحالف بقيادة السعودية عام 2015.
لقد أدى انتشار وباء فيروس كورونا إلى طرح أسئلة تتعلق بالحياة والموت في أنحاء العالم كله، فالمؤسسات الصحية تواجه مصاعب لاستيعاب الحالات المتزايدة، وسط نقص في الإمدادات الطبية، والقيود على حركة المواطنين، وفرض سياسة التباعد الاجتماعي، ويتزايد الخوف على الأحبة والمستقبل مع تحطم الشعور بالجيرة والتضامن. ومن هنا طرحت أسئلة حول المسؤول أو من يجب أن يتحمل المسؤولية لتخفيف الأزمة ومعالجة آثارها السيئة. وبالنسبة للكثيرين في بريطانيا فإن هذا وضع جديد. لكن بالنسبة لأولئك الذين في مناطق النزاع، مثل اليمن، ويحاولون النجاة عبر تأمين الأساسيات، فإن السؤال بات ملحا والشغل الشاغل لهم.
يصادف مارس/ آذار الذكرى الخامسة لتدخل التحالف بقيادة السعودية في الحرب في اليمن.
خمس سنوات من الهجمات على المستشفيات وغيرها من مرافق الرعاية الصحية، وعلى المدارس والأسواق والمباني العامة الأخرى: الهجمات التي يعد فيها التحالف بقيادة السعودية مسؤولاً عن أكبر عدد من الضحايا المدنيين.
أظهر تحليل جديد أجرته المنظمتان اليمنيتان “مواطنة” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان”، أن نظام الرعاية الصحية في البلاد تم استهدافه 120 مرة على الأقل من قبل جميع الأطراف المتحاربة في السنوات الثلاث والنصف الأولى من الحرب. تخيل أن الأطباء والممرضات في المملكة المتحدة، على الخطوط الأمامية يكافحون فيروس كورونا، يتعرضون للقصف أثناء عملهم!
اليمن يتصدر قائمة البلدان التي تواجه أسوأ الكوارث الإنسانية في عام 2020، وقد تسببت خمسة أعوام من الحرب والحصار الاقتصادي بحدوث مجاعة وأزمة الصحة العامة. ولا يستطيع معظم اليمنيين الحصول على العناية الصحية أو الطعام الكافي، وذلك بسبب القتال والحصار الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية، أو لأنهم لا يستطيعون شراء المواد الغذائية؛ نظرا لأسعارها الخيالية.
اليمن يعاني من انتشار وباء الكوليرا، الذي يعد الأسوأ في العالم، فيما لم يسجل حتى الآن حالات من كوفيد-19، لكن احتمال وصوله يضيف ضغوطا على نظام صحي منهار.
بما أننا في المملكة المتحدة نحاول تشكيل التضامن الاجتماعي والمعاملة بالمثل داخل مجتمعاتهم، فإن من الضروري إعادة النظر والتفكير في الدور الذي تؤديه بلادنا في الأزمات البعيدة عنا، مثل تلك التي في اليمن.
وبينما يهيمن فيروس كورونا على الأخبار، وفي ظل اهتمام الحكومة بمعالجته ورسم خطط لاحتوائه، فإن موضوعات أخرى تقع في أسفل جدول الأعمال لجذب انتباه الرأي العام.
لكن الحرب في اليمن لا تزال مستمرة، مع تصعيد جديد في الأعمال العدوانية بعد بضعة أشهر من الهدوء النسبي. والمملكة المتحدة منخرطة بشكل قوي في الحرب، من خلال بيع الأسلحة وتوفير التدريب العسكري والدعم والغطاء الدبلوماسي للتحالف الذي تقوده السعودية. فلولا دعم المملكة المتحدة، والداعم الرئيسي للمملكة السعودية، الولايات المتحدة الأمريكية، لانتهت الحرب.
تصدرت سياسة حكومة المملكة المتحدة لتصدير الأسلحة وحجم الدعم البريطاني للحرب، الأخبار الرئيسية في يونيو/ حزيران 2019 عندما وجدت محكمة الاستئناف أنها غير قانونية، لأن الحكومة لم تقم بتقييم المخاطر المرتبطة بمبيعات الأسلحة للسعودية بشكل صحيح. منذ ذلك الوقت، التزمت الحكومة بعدم إصدار أي تراخيص بيع سلاح جديدة إلى التحالف، لكنها تسمح للشركات المسجلة بالفعل بمواصلة التصدير. والنتيجة النهائية هي السماح بتزويد التحالف بالأسلحة باستمرار، بينما تدعي الحكومة أنها تتصرف بروح القانون.
لقد تجنبت الحكومة الرد على أسئلة نواب البرلمان، وظلت تردد لازمتها المعروفة، بأن المملكة المتحدة لديها واحد من أقوى أنظمة مراقبة تصدير الأسلحة في العالم، لكنها لم تستجب بعد للإجراءات التي طلبتها منها محكمة الاستئناف بإلغاء القرارات السابقة وبطريقة قانونية هذه المرة، بالإضافة إلى أنها لم توضح إن كانت الشحنات العسكرية تمت بناء على النظام الموجود لإصدار رخص بيع السلاح، في الوقت الذي لم تصدر فيه رخصا جديدة.
من السمات الرئيسية للطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع صادرات السلاح وانتشار وباء فيروس كورونا، هناك شيء مشترك وهو: التظاهر بعدم المعرفة.
مع فيروس كورونا (Covid-19)، تخلفت المملكة المتحدة عن البلدان الأخرى في القيام بالاختبارات والفحص للحالات، وقد أبقى ذلك على عدد حالات الإصابة المؤكدة منخفضاً بشكل مصطنع. تبدو هذه النفعية السياسية أساسية لكيفية إدارة الحكومة لقضايا المسؤولية والعمل فيما يتعلق بالوباء.
ومع سياستها بشأن صادرات الأسلحة، فشلت وزارة الدفاع في تتبع ما إذا كانت هجمات التحالف بقيادة السعودية، والتي تم فيها استخدام أسلحة بريطانية، قد تشكل انتهاكا للقانون الدولي. ونتيجة لذلك، من خلال ادعاء عدم معرفة ما إذا كانت الهجمات غير قانونية، يمكن للحكومة أن تدعي أنه لا يوجد خطر واضح من إساءة استخدام الأسلحة، وبالتالي لا يوجد سبب لوقف الصادرات.
يعتبر هذا الرفض لتتبع استخدام الأسلحة في الحرب أمرا محوريا في كيفية استمرار الحكومة بدعم التحالف الذي تقوده السعودية بينما تدعي احترام القانون الدولي.
ومع ذلك، وكما هو الحال مع انتشار فيروس كورونا، لا يعني عدم معرفة أي مشكلة أنها غير موجودة؛ ولا تعفي الحكومة من المسؤولية.
(آنا ستافرينياكيس – صحيفة “الغارديان” البريطانية)