كل ما يجري من حولك

المنظّماتُ العدوانية وزيفُ شعاراتها الإنسانية

360

 

منير الشامي

كان مما أشار إليه الشهيدُ القائد السيّد حسين بدر الدين الحوثي -رضوانُ الله عليه- عن المنظّمات، هو تبعيةُ هذه المؤسّساتِ لأعداء الأُمَّة، وهذه التبعيةُ هي ما تؤكّـد أنها لا يمكنُ أن تقدّمَ دعماً لشعب من الشعوب أَو معونة، أَو مساعدة إلّا ولها أهداف هامة أُخرى تسعى إلى تحقيقها في ذلك الشعب من وراء ذلك الدعم أَو تلك المعونة، وهو ما يعني أن تلك الأهدافَ التي تسعى إلى تحقيقها في الشعب المستهدف أغلى وأثمن من الكلفة التي تحملتها بشكل مساعدة أَو معونة بمئات المرات، حتى وإن كانت مقدّمةً من جهات مانحة أُخرى، وهذه حقيقةٌ منطقية وواقعية ١٠٠٪.

وهو في ذات الوقت حكم العقل والمنطق، إذ أنه من المسلمات في واقع الحياة البشرية أن العدوَّ اللدودَ لا يسعى يوماً بالخير لعدوه ولن يسعى، ولا يرجو يوماً أَو يتمنى الخيرَ لعدوه إطلاقاً، فهل رأينا يوماً إبليس أتانا ناصحاً شفوقاً؟ أَو سمعناه منادياً لنا للصلاة أَو ناهياً لنا عن الخمر والزنا والربا؟

ولذلك فلا يمكن لإنسان مسلم أن يصدّقَ أن هذه المنظّمات هدفُها إنسانيٌّ أَو يعتقد بصحة شعاراتها وعناوين أعمالها؛ لأنها أَسَاساً مؤسّساتٌ تابعة للعدو، ومن هو العدوّ هو الذي يحاربنا، يريدُ لنا الشرَّ، يريد أن نكون تابعين له، مطيعين لأمره، خاضعين لرغبته، نتحَرّك وفق إرادته، ونسير في المسار الذي رسمه لنا، ونصبح نحنُ وثرواتنا وأرضنا مسخرين له.

وقد يريد الأعداءُ لنا الحياةَ لكنها لن تكونَ بكلِّ تأكيد الحياةَ الكريمة، حياة العزة والكرامة، بل حياة الذل والعبودية، حياة الخضوع والخنوع، يريدون لنا الحياةَ التي نكون فيها عبيداً لهم وليس لله، وخداماً لهم لا خداماً لدين الله تبارك وتعالى.

وحتى تكون الصورةُ أكثرَ واقعية، دعونا نتأمل موقف كُـلِّ المنظّمات التي تعلن دائماً وتردّد أن أهدافَها إنسانيةٌ، وغايتها حماية الإنسانية، ومطالبها حماية حقوق الإنسان وجهودها مكرسة للدفاع عنه وعن حرياته، ومع ذلك لم نرَ لها موقفاً واحداً تجاه الشعب اليمني، يؤكّـد ذلك خلال سنوات العدوانُ!!.

فهل سمعنا منظّمةً واحدة طالبت بوقف العدوان، أو طالبت بحماية الطفل اليمني أَو المرأة أَو أدانت مجزرةً من مجازر الأطفال والنساء، وهل سمعنا منظّمةً طالبت برفع الحصار وتوقيف القصف علينا وما يترتب عليه من دمار؟!.

أليست هذه الجرائمُ والمجازرُ والحصارُ تُرتكب في حقِّ إنسانية شعب مستضعف لخمسة أعوام أمام ناظري كُـلّ المنظّمات الحقوقية والإنسانية حسب وصفها؟!.

دعونا من هذه الأمور ولنتأمل مواقفَ المنظّمات من أمور إنسانية أقل أهميّة مما ذكرنا، فهل سمعنا منظّمةً واحدة خلال سنوات العدوان طالبت قوى العدوان بالالتزام بنصوص القانون الدولي في عملياتها العسكريّة كحماية المدنيين، أَو عدم استهداف المنشآت الخدمية، أَو بفتح مطار صنعاء أمام عشرات الآلاف من المرضى بأمراض لا تُعالج إلّا في خارج اليمن، وجلُّهم أطفالٌ ونساءٌ ومدنيون؟ أليست هذه مواقف إنسانية ومن صميم الأعمال الإنسانية؟!.

ثم أَيُّهما أولى أن تطالبَ المنظّماتُ برفع الحصار اللاإنساني مثلاً عن الشعب اليمني أم توزيع مساعدات غذائية؟!.

إنَّ كُـلَّ ما سبق يؤكّـد لكلِّ ذي لُبٍ أن المنظّماتِ اتّخذت من شعارات الأعمال الإنسانية والحقوقية عناوينَ براقة لشرعنة وجودها؛ مِن أجلِ تحقيق أهداف أُخرى بعيدة كُـلَّ البُعد عن شعاراتها الظاهرية، والمعنونة تحت مفهوم الإنسانية، وأن هذه الأهدافَ ذات أهميّة قصوى لأعدائنا تتعلّق بهُـويتنا وتستهدفُ عواملَ قوتنا كمجتمع له أصالته وثقافته وموروثه الفكري والحضاري، وتستهدف مستقبلَنا ومستقبلَ وطننا وأجيالَنا، وهو موضوعنا القادم إن شاء اللهُ.

You might also like