كل ما يجري من حولك

الحدُّ من الحوادث المرورية.. مهمةٌ صعبةٌ ومعقّدةٌ ولكنها ليست مستحيلةً (2)

496

 

 

محمد عبدالمؤمن الشامي

إنَّ الإنسانَ يلعبُ دوراً أَسَاسياً في حوادثِ المرور، ليس فقط باعتباره جانياً أَو مجنياً عليه، ولكنَّ الأمرَ يتجاوزُ العنصرَ البشري؛ باعتباره الذي يتولّى تشكيلَ العناصر الأُخرى كتعميم السيارة والطريق، والجوانب الأُخرى التي تتمُّ في نطاقها القيادة.

ومن المفيدِ أن نوضّحَ هنا الدورَ المباشرَ للعنصر البشري في وقوعِ الحوادث المرورية؛ باعتبار الإنسان سائقاً أَو راكباً أَدَّى سلوكُه لوقوعِ حادثة المرور؛ وباعتباره من المشاة أَدَّى سلوكُه لوقوع حادثة المرور، فالسائقُ هو الشخصُ الذي يتولّى قيادةَ السيارة، فهو عقلُها الذي يحرّكها وبدونه ستظلُّ جامدةً لا حراك لها..

وقد عرّف قانونُ المرور اليمني “السائقَ” في المادة (2) بأنه: “كُـلُّ شخص يتولّى قيادةَ إحدى المركبات أَو قطعان الماشية أَو حيوانات الجَــرِّ أَو الحمل أَو الركوب”، وقد أثبتت معظمُ الدراسات التي تم القيامُ بها في مجالِ السلامة المرورية أن سلوكَ السائق عاملٌ مساهمٌ في أغلبية الحوادث المرورية التي تقعُ في العديد من الدول؛ ونتيجةً لذلك تم القيامُ بالعديد من البحوث والدراسات حول العالم لمعرفة ما هي العوامل التي تؤثّر في سلوك السائق وكيفية تحسينها، فالأسبابُ التي يسهم السائقُ من خلالها في وقوع الحوادث المرورية أَو زيادة معدلاتها، هي إما أسباب داخلية وإما أسباب خارجية..

وتتمثّل الأسبابُ الداخلية في كُـلِّ ما يرجع إلى الحالة الصحية والنفسية والاجتماعية ومنها الإصابةُ بالمرض، العجزُ الجسماني الذي يحدُّ من كفاءته وقدرته على قيادته المركبة، تعاطيه الكحول أَو المخدرات، تعاطيه العقاقير المهدئة، وهذه الأسبابُ يكون لها أثرها في وقوعِ الحوادث، ولا يستطيعُ قائدُ المركبة القيادةَ بصورة آمنة، أما الأسبابُ الخارجية فيُقصد بها تلك الأسبابُ التي تعودُ إلى عدم كفاءة السائق لأصول القيادة أَو عدم إلمامه بقواعد وآدابِ المرور، ومن هذه الأسباب الخارجية تدني مستوى وعي وخبرة قائدي المركبات وعدم قيام قائد المركبة بصيانتها والتأكّـد من صلاحية أجهزتها الحيوية، مثل الفرامل والأنوار الأمامية والخلفية وعجلة القيادة وآلة التنبيه، والسرعة، وعدم ربط حزام الأمان..

إن طريقةَ قيادة المركبة في أيِّ مجتمع ما هي إلّا مرآةٌ لأفراده، ينعكس فيها السلوكُ الحضاريُّ والثقافةُ الاجتماعيةُ والوعيُّ الجماعيُّ لدى أفراد المجتمع في التعامل مع المركبة والطريق، ومدى التزامهم بآدابه ومراعاة الحقِّ العام فيه، وعندَ النظرِ إلى نمط السلوك العام لمستخدمي الطريق في بلادنا اليمن، سواءٌ أكانوا السائقين، أَو الركاب، أَو المشاة، نجد أن الكلَّ يتعاملُ مع المرور بشيء من اللامبالاة وعدم الحرص وضعف التقيد بآدابِ الطريق وبقوانين المرور، غير آبهين بسلامتهم وسلامةِ غيرهم على الطرق، وهذا نابعٌ من الهُوية الثقافية بين القيم التي يمتلكها الفردُ وبين شروط استخدام المركبات.

إن معظمَ مستخدمي الطريق في بلادنا اليمن تحديداً، يفتقرون إلى الالتزام بقوانين السير بما فيهم رجلُ المرور، والسببُ في ذلك يعودُ إلى الثقافة المجتمعية لديهم والمبنية على ضعفِ الإحساس بأهميّة القوانين في حفظ النظام وتوفير السلامة لهم ولغيرهم من أبناء المجتمع.

You might also like