كل ما يجري من حولك

بعد رحلةٍ من العذاب والألم.. ميلادٌ جديدٌ بالحرية للأسرى

481

 

دينا الرميمة

عشقوا اليمنَ ورضعوا حبَّها منذُ طفولتهم، وبكلِّ اعتزازٍ منحتهم فخرَ الانتماء إليها وبهُويتها توّجتهم..

ولأجلها وللدفاع عن كرامتها ذهبوا لمواجهةِ أعدائها الذين أرادوا أن يلبسوها ثوبَ الخنوع والذل..

وهناك خاضوا أشرسَ المعارك، ليقع البعضُ منهم أسرى ليبدأوا رحلةً من العذاب والألم..

وعلى الجانبِ الآخر، كانت أُسَرُهم وكلُّ اليمن يتذوّقون العذابَ نفسَه منذُ لحظة وصول الخبر..

تشاركوا اللحظات المؤلمة، الأسرى وأُسرهم وكلُّ أبناء اليمن وأرضها منذُ وقعوا أسرى بيد أولئك، الذين فقدوا إنسانيتهم قبل دينهم، ليجعلوا من أنفسهم أقداراً خبيثةً تقتلُ بلا رحمة وتتخلّى عن كُـلِّ الأخلاق والقيم، علّها تُطفئ نارَ غضبها من الهزائم التي تجرعوها في المعارك.

جميعهم عدّوا اللحظات الثقيلة لهذه السنوات التي مرّت ببطءٍ شديدٍ، فاللحظةُ فيها شهرٌ واليوم فيها دهرٌ تحت وطأة سوط زبانية العذاب، في سجون بات الموتُ هو المنقذ الوحيد من بشاعة الوحشية وَالإجرام، وهو صك الحرية المختوم بقضاء وقدر أولئك الجبناء من جحيم إنسانيةٍ ميتةٍ بين جدران سجن أذاقهم من العذاب ألواناً وأصنافاً، ما بين العذاب الجسدي والعذاب النفسي وربما الأخيرُّ هو الأشدُّ وجعاً، حيثُ حتى ذكْرُ الله أصبح جرماً يُعاقَبُ عليه!.

فعاشوا المأساةَ بكلِّ ما تحمله الكلمةُ من معاني الوجع والألم والإذلال، الذي يرفض تحته الأسيرُ أن يتخلّى عن مبادئه مهما كلّفه الأمر من ثمن.

وبالوقت نفسه، أُسرٌ بأكملها فارق النومُ مآقيها، وأصبحت مُجَــرَّدَ أجسادٍ أسيرة لتلك الأفكار القاتلة عن مصير أبنائها، وخَاصَّةً عند رؤية مشاهد تعذيب للأسرى وإعدام وحشي من داخل سجون المرتزِقة والعدوان، كانوا يبثونها تفاخراً وتباهياً وكنوعٍ من العذاب النفسي لليمنيين..

وشاء اللهُ ومعه إرادةُ اليمنيين أن يُنقذَ هؤلاء بعد عدّة مبادرات مقدّمة من القيادة الثورية اليمنية، كان نتاجُها الإفراجَ عن أكثرَ من خمسمِئة أسير من الأسرى السعوديين والمرتزِقة الذين لقوا المعاملةَ الطيبةَ والأخلاقَ الدينيةَ، ما جعلهم يخرجون شاكرين وملوحين بأيديهم بالسلام لسجانيهم، مقدمين اعتذارَهم لهم على ما اقترفوه بحقِّ اليمن!!..

وكردٍّ على هذه المبادرات وبعد الضغط والمناشدات، تمَّ الإفراجُ عن مِئة وثمانية وعشرين من أسرى الحرب والمعتقلين بأسبابٍ مناطقية أَو عِرقية، حطّوا رحالَهم أخيراً على الأرض اليمنية..

ها هم اليوم يتنفّسون عبقَ الحرية ويُكتب لهم ميلادٌ جديدٌ كاد يكونُ مستحيلاً لولا إرادة الله وإرادة اليمنيين التي انتصرت على كُـلِّ أولئك الشذاذ وعديمي الأخلاق.

خرجوا وبخروجهم بكت السماءُ وَالأرضُ التي احتضنتهم من جديد، وعليها خرّت أجسادُهم المنهكة حمداً وشكراً لله وتقبيلاً لثراها الطاهر الطهور، فارتوت بدموع فرحهم ودموع أهاليهم لتنبت أشجار حرية وعزة عانقت السحاب..

مباركٌ لهم ولنا ولليمن هذا اليوم العظيم، الذي لم تجد أمهاتُ هؤلاء المحرّرين -من فرحتهن- وصفاً يليق به إلا وصفه بالعيد الأكبر، وفعلاً كان هو العيد وبإذن الله سنحتفلُ جميعاً عندما يَستلمُ بقيةُ الأسرى صك حريتهم وندعو اللهَ أن يكون قريباً.

You might also like