كل ما يجري من حولك

أولُ دفعة من أسرانا ناقصةٌ.. لكننا سنتفاءلُ

399

 

منير الشامي

يقال أول الغيث قطرة، وأول قطرة وصلت مطار صنعاء بعد طول انتظار، فعلى ما يبدو أَن الأيّامَ القادمةَ ستكون بإذن الله حافلةً بالمفاجآت السعيدة للشعبِ اليمنيِّ.

وأولُ المفاجآت التي أسعدت قلوبَنا رغم نقصانها هي مفاجأة عودة (١٢٨) من أبطالنا الأسرى، إضَـافَـةً إلى (٧٠) آخرين ليسوا من ضمن أسرى الحرب، وربما يكونون من المغتربين أَو ممّن ذهبوا لأداء الحج أَو العمرة واحتجزتهم السلطاتُ السعوديّةُ.

وصلوا على متن طائرتين للصليب الأحمر إلى مطار صنعاء الدولي، بعد تعنّت نظام الرياض ومراوغته ومماطلته في تنفيذ أية عملية تبادل خلال خمس سنوات من عدوانه، وتهربه المتعمد من تنفيذ اتّفاق ستوكهولم.

إفراجُ نظام الرياض عن دفعة أولى غير مكتملة حسب التزاماته، ودون أَن يفيَ بوعده الذي أعلن فيه أنه سيطلق (٢٠٠)؛ تجاوباً منه مع مبادرة السيّد القائد التي أطلق فيها (٣٤٠) أسيراً من مرتزِقة العدوان، إضَـافَـةً إلى ثلاثة أسرى سعوديّين في وقتٍ سابقٍ خلال الفترة الماضية، بلا قيد ولا شرط، وممن شملتهم كشوفاتهم المقدّمة في مباحثات ستوكهولم، ما يؤكّـد أنه أطلقهم مجبراً لا مخيّراً، وهو ما يجعلنا نتفاءلُ بهذه الخطوة رغم مغالطة نظام الرياض علينا التي يصرُّ فيها على تعنته ويؤكّـد فيها سوءَ نيته بعدم تجاوبه في حلِّ مِلف الأسرى حلاً نهائياً، حسب اتّفاق ستوكهولم، الكلُّ مقابل الكل؛ باعتباره مِلفاً إنسانياً بحتاً.

وبقدر فرحتنا بعودة هذا العدد، كانت صدمتنا من حالهم الذي رأيناه حالَ وصولهم، وصلوا وهم في حالة صحية صعبة لا يحسد عليها تؤكّـدُ سوءَ معاملة قوى العدوان لهم، وتعكسُ تعرّضَهم للتعذيب بشكلٍ مستمرّ، حتى إنَّ بعضَهم لم يقوَ على الوقوف من سوء حالتهم وفظاعة التعذيب الذي لاقوه، فشتان ما بين معاملتنا لأسراهم ومعاملتهم لأسرانا.

الأمر الذي يجعلُ قيادتنا أكثرَ عزماً وإصراراً على تحرير كُـلِّ أسرانا من قبضة العدوان ومجرميه، هذا الحالُ يؤكّـدُ أنَّ نظامَ الرياض المجرم يُعذّب بسقوطه وبشاعة إجرامه أسرانَا بشكلٍ مستمرٍّ ولا غرابة فهو لا يكترث حتى بأسراه، ولا يهمه شأنهم حتى الأسرى من أفراد جيشه لا حقَّ لهم عنده ولا قيمة، وقد تخلّى عن واجبه كنظام حاكم تجاههم، وفرّط في حقوقهم كمواطنين سعوديّين وكجنود تابعين لجيش رسمي خرجوا تنفيذاً لأوامره ووقعوا في الأسر وهم يخوضون في غمار حماقته دفاعاً عن طيشه وجرائمه وغروره.

فلا قيمةَ للأسرى عند هذا النظام المستبد، من جنوده ومرتزِقته على حدٍّ سواء، وهم بنظره مجرّدُ عبيدٍ لا حقَّ لهم في الحياة ولا إنسانية، وكأنه اشتراهم كما اشترى قطعَ السلاح التي حملوها وتوجّـهوا بها للدفاع عنه، فهل يستحقُّ هذا النظام تضحيةَ من يدافع عنه؟!

أما قيادتنا الحكيمة، فلم يشغلها أمرٌ خلال الحرب أكثر من ملف الأسرى، ولم تعانِ من مشكلة مثلما عانت وتعاني في البحث عن حلِّ مشكلة الأسرى، ولم تهتم بموضوعٍ خلال فترة العدوان أكثر من اهتمامها بموضوع تحرير الأسرى من الطرفين؛ لأَنَّها تنظر إلى أسرانا من الزاوية الحقيقية التي يجب أن ينظرَ إليهم منها؛ باعتبارهم أغلى من نفوسنا، ورموزاً وطنية، وأبطالاً عظماءَ لهذا الشعب، وقعوا في الأسر خلال المواجهات وهم يخوضون ملاحمَ تاريخية مقدسة، دفاعاً عن الدين وعن الأرض والعرض وعن سيادة الوطن وشعبه، انطلقوا جهاداً في سبيل الله وتحَرّكوا بأمره وفي مرضاته، وواجهوا بقلّة عددهم وعتادهم جيوشاً جرارة وحشوداً لا حصرَ لهم ولا لعتادهم، فلم يهابوا كثرتهم ولم يخشوا قوة أسلحتهم فواجهوا قوى العدوان بثبات الجبال، وشجاعة البواسل الأبطال حتى وقعوا في الأسر.

نتعذّب جميعاً قيادةً وشعباً من أسرهم ونتألم من تعذيبهم، ونحزن لغيابهم، ونبكي شوقاً لعودتهم، لهم العهدُ منا والوفاءُ، وجاهزون للتضحية بدمائنا وأرواحنا وأولادنا وأموالنا في سبيل تحريرهم، وكلُّ ذلك قليلٌ في حَـقِّهم علينا.

You might also like