كل ما يجري من حولك

في يوم الطفولة.. أطفالُ اليمن لا بواكيَ لهم!

399

 

زينب إبراهيم الديلمي

يوم الطفولة، هذا الاسمُ الذي أرّخه بضعٌ ممن ينسبون أنفسهم بــ «الإنسانييّن» الذين أسّسوا منظّمتهم الأممية؛ بهدفِ «الحماية والسّلام والأمن» وجعلوا من هذا اليوم يوماً عالمياً يحتفلُ به أطفالُ العالم قاطبة.

يعلم الجميعُ بهذا اليوم، ولا أريد أن أُكثرَ في الإطناب لهذا الحديث؛ لأَنَّ الحديثَ عنه لا يتّسع إطنابه، ولا جدوى أن نتحدّثَ عن أطفال العالم كيف يقضون هذا اليوم، وما شعورهم، وما حقوقهم في الطفولة، وما وما وما… لكن سيكون إطنابي عن أطفال بلدي اليمن، الذين يقضون هذا اليوم وهم في أنكى الأحوال، في زمن تدّثرت الضمائر غير الإنسانيّة في كفن الصّمت المُريب، في حقبة أصبحت الحقائقُ المؤلمةُ مدفونةً في العراء ومكثت نسياً منسياً.

ها كم أطفال اليمن: فهم الذين يخلدون للنّوم وهم جياعٌ، الذين يذهبون إلى الشّارع ويعبرون الأزقّةَ والأحياءَ؛ بحثاً عن قوت يومهم، الذين حُرموا من نعمة أسرهم وَتنفس الصّعداء في اللّعب مع أصدقائهم، والذين تهشّمت مدارسُهم وَتدمّرت بيوتُهم وتناثرت أشلاؤهم وَانطوت صفحةُ حياتهم عن ذهن العالم الذي تجرّد عن ضميرِ الآدميّة وتقمّص برداء الأشباح الشريرة التي تحجب السّماءَ النّاصعة عن أعين الطفولة اليمنيّة بضباب السّواد الكئيب، فلم تعد تدري أين هي شمس مُستقبلهم، أأشرقت من مشارقها أم من مغاربها؟!

إنّهم أطفالُ اليمن الذين لا عزاءَ ولا بواكيَ لهم، ولا تنديدات صارخة لانتهاك حقوقهم، ولا صراخاتٌ عالية تُسمع الشعوبَ الغافلة صوتَ أنينهم، ولا لسانٌ أفصح عن حالهم وعن ضياع مُستقبلهم المُشرق، ولا عينٌ فتحت جفونها كي تتطقس دماء الطفولة الباردة، والعيش الهنيء التي سلبها لصوصُ الإنسانيّة!.

أين أولئك الذين يذهبون إلى حائط مبكاهم، ليتباكوا ويخمشوا وجوههم المُتفحّمة بسواد الخزي؟! أين هم المُتشدّقون بالآدميّة والإنسانيّة الذين يرعون حقوقَهم وَمصالحَهم لا حقوق الطفولة المنسيّة؟! أين هم أصحاب الأمعاء المأهولة الذين يقتاتون الأغذية بشراهة وتركوا أمعاءَ الطفولة اليمنيّة خاويةً؟! أين هي تلك المنظّمات التي اصطنعت مُصطلح «حماية الطفولة» كي تهُبَّ لنجدة حقوق أطفال اليمن من براثن النّسيان؟!.

أما زلتم تتذكّرون عين بثينة المُغلقة التي سعت جاهدةً في فتحها؛ لكي تتمكّن من رؤية قُبحكم جيّدًا؟! أما زلتم تتأملون الطفلَ سميح الذي حُرم من نعمة الأبوّة، ولم يسمح لأيِّ أحدٍ أن يقترب منه ومن أبيه، وسعى سعيه ليتركه المُسعفون وشأنه أن ينام في حضن والده الشّهيد؟! أما زلتم تتيقّنون ما جرى لأطفال ضحيان الذين قضوا عطلتهم الصّيفيّة مع بعضهم البعض، وذهبوا في نزهة إلى روضة الشُهداء، وتحوّل جوازُ سفرهم إلى السّماء حيثُ الشُهداء والأنبياء والأولياء؟! أما زلتم تستوعبون ما جرى لإشراق التي تمزّق جسدُها، وسُيّرت ألوان مستقبلها، وكُراس رسمها، وتلّطخ زيُّها المدرسي بدمها البريء؟! وهل أدركتم الشظايا التي نخرت وجه حليمة الصّعديّة ودمعتها السّاخنة، وتخّطفت صواريخ الأشرار بيتها وأسرتها الهانئة وبقت وحيدة شهيدة على جرم وخبث عدوان الإجرام ومنظّماته الكاذبة؟!.

تباً لكم ولإنسانيّتكم التي لم تحَرّك ساكناً ولم تنبس ببنت شفة عن فظيع ما جلبتم للطفولة اليمنيّة.

تباً لأيدي السّفالة التي سلبت حريّةَ الطفولة البريئة وكرامته وحقوقه وإنسانيّته وغيّبته عن قاموس البشريّة، تباً وتباً لأفعالكم النّتنة والقبيحة التي ستُكرّس إطنابها في جذور التّاريخ.

You might also like