كل ما يجري من حولك

رســولُ الله في اليمن

534

 

صفاء فايع

ما إن تقترب ذكرى ربيع إلا وتزهرُ قلوبُ اليمنيين طرباً وفرحاً لقدومه، فيهبون لتلبيةِ نداءِ الله وندائه برفعِ ذكرِه والتجهيزِ للاحتفال بقدوم ذكرى مولده..

يتسابقون من الصغير إلى الكبير إلى تعزيره وتوقيره واتّباع النور الذي جاء به..

لوحة فرائحية من أعظم وأجمل اللوح الفنية يرسُمُها أبناء اليمن المحبون لرَسُــوْل الله، يقومون بالتجهيز لها من قبل دخول شهر ربيع، ها هُم في هذا العام ككل عام ينتشلون أجسادهم المثقلة بالأوجاع من تحت الحصار الخانق المطبق ومن تحت ركام المنازل والمنابر المدمّرة، ليرفعوا راية لبيك يَا رَسُــوْل الله.

تنطقُ بحب رَسُــوْل الله جبالهم التي طالما أنهكها ضربُ طائرات العدوان، فلا يوجد جبلٌ شامخٌ أيام المولد إلا وقد كتب عليه محمد، كما تنطقُ بها شوارعُهم ومنازلُهم المدمّرة بالزينة والأنوار.. وكأن لسان حالهم يقول نحن ننتصر لك وبك يَا رَسُــوْل الله، هم يقتلونا؛ لأَنَّنا أنصارك وأتباعك ومحبيك منذ الوهلة الأولى وإلا فما الجرم الذي اقترفناه ليدمّروا بلادنا وينهبوا خيراتنا وييتموا أطفالنا ويرملوا نساءنا؟! ما هو الذنب الخارج عن دينك وعن ملتك الذي اقترفناه لتستباحَ دماؤنا وأرضنا بهذا الشكل؟

لا يوجدُ ذنبٌ إلا أننا آمنا برسالتك واتبعناها كما تريد وكما يرضى إلهنا فمزقوا أجساداً ليس لها ذنب إلا أن فيها قلوباً تنبض بحبك يَا رَسُــوْل الله، وهذا هو جُرمنا وإن كان كذلك فلابأس ففي الجنة لنا وإياك ملتقى فتكون أنت نصيرنا والحكم فيما بيننا بالحق، وأنت الذي قلت ((لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من نفسه وماله وولده)).

يخيلُ إليك للوهلة الأولى عند تجولك في مناطق وقرى اليمن أيام المولد النبوي أن آمنة بنت وهب ستلد النبي في تلك اللحظة وليس في مكة وإنما في اليمن، فتؤمن بما قاله المادحون من شعراء وكُتّاب: بأن أهل اليمن متفردون برَسُــوْل الله، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد نكرانها فلا يوجد بلد لا عربي ولا إسلامي يهتم ويحتفل بقدوم المولد النبوي كما في اليمن، وإن عدنا للتاريخ فإن ذلك ليس بغريب أبداً.. فالأنصار اليمانيون هم من نصروا رَسُــوْل الله عندما خذلته قريش هم من قاسموه هو والمهاجرين معه بيوتهم وأموالهم هم من انتظروه لفترة من الزمن ثم استقبلوه بالأناشيد والأهازيج، هم من قال عنهم أرق قلوباً وألين أفئدة.. ومن قال عنهم الإيْمَــان يمان والحكمة يمانية.. هم من قال فيهم نفس الرحمن يأتي من اليمن، يحدث هذا في اليمن في الوقت الذي يحتفل الآخرون بانسلاخهم عن دينهم وهويتهم وقيم الإسلام بكلها.. يحللون المجون والفجور من غناء ورقص وشرب خمور واختلاط وكل ما حرمته رسالة محمد ويحرمون الاحتفاء والولاء والعودة إلى رَسُــوْل الله يقولون عنها بدعة ولا يجب اتباعها، ويتبعون خطوات الشيطان فبأي منطق يريدون أن يصدقهم الآخرون ويتبعونهم؟ هذا لمن كان ما زال على ملة محمد.

للأسف دول العدوان يظنون أنهم سينتصرون علينا بجيوشهم وأسلحتهم وبما يمتلكون، فأسفي على عقولهم الفارغة التي لا تتساءلُ: أيهزم قوم يوالون رَسُــوْل الله بهذا القدر؟ ولقد رأوا المقاتل اليماني وشدة بأسه في الميدان الذي أبهر العالم للحد الذي جعل إحدى الدول الأوروبية تحلل عناصر القات لاعتقادهم أنه قد يكون سبب قوة المقاتل اليمني!!

إنه الامتدادُ الروحي والفعلي في التولي لقيادة تمتدُّ إلى ولاية الله ورَسُــوْله هو الذي يصنع المعجزات يا هؤلاء.. هي القوة الروحية في الحب والاتباع والتولي لله ولرَسُــوْله وللمؤمنين، هي القوة والعزة والكرامة والرفعة والشرف ولا دخل لأي شيء آخر في ذلك؛ لأَنَّ كُـلّ قوة تأتي بعيداً عن التولي لله ولرَسُــوْله وللمؤمنين هي قوة مؤقتة زائلة لا شك.

You might also like