وأشرقت الأرضُ بنور ربها
رياض محسن
لقد رسم اليمنيون بألوان المولد أجملَ وأعظمَ لوحة؛ تعبيراً عن مدى حبِّهم وانتمائهم وارتباطهم برسول الخير والرحمة، وما هذا النور الذي يملأ شوارعَ وحواري صنعاء وبقية المدن، إلّا امتدادٌ لذلك النور الإلهي الذي امتدّ للبشرية جمعاء، ففرّطوا به واستغشوا ثيابهم عن النظر إليه وأصمّوا آذانهم عن سماع هَديه، لكن اليمنيين استمسكوا به واستضاءوا به فأناروا دربَهم وحياتهم من بريقه، فما تغيّرت عقيدتهم ولا تبدّلت أفكارُهم بمرور الزمن، بل ما زادهم تعاقُبُ الليل والنهار إلّا تماسكاً وقوةً وصموداً.
نعم إنَّ هذه البهجةَ العارمةَ بقدوم مولد خير البشرية وهذه الاستعدادات الكبيرة للاحتفاء بالمولد الشريف إنما هي قَطرةٌ في بحر حبِّ اليمنيين لنبيهم وآل بيته، وما شُنّت عليهم أعنفُ الحروب وأشدُّها ضراوةً وقسوةً إلّا لإبعادهم عن الرسول -صلّى اللهُ عليه وعلى آله- وعن الأَعْلام من آل البيت عليهم السَّلامُ، وقد كُتِبَ على أحرار اليمن أن يقيموا ويعدّلوا اعوجاجَ الأمَّة وأن يقدّموا أغلى ما لديهم من الأنفس الطاهرة في سبيل رفعة وعزة هذا الدين الحنيف، وقد بذل المعتدون أقصى طاقاتهم وجرّبوا كُــلَّ الوسائل وسلكوا جميعَ الطرق؛ ليركعوا اليمنيين ضمن بيت الخضوع لدول الاستكبار العالمي، ففشلوا بذلك فشلاً ذريعاً وارتدت عليهم الواقعة فحلّت قريباً من دارهم وقيل بعداً للقوم الظالمين.
أمّا اليمنيون فبعدَ خمسة أعوام من القتل والدمار والظلم بدت في أُفُقِهم بوارقُ النصر والفتح، وقد اعتاد اليمنيون مع كُــلّ مولد بزوال طاغية أَو تطهير وكرٍ للإرهاب أَو إسقاط معقل للظالمين، واللهُ غالبٌ على أمرِه.