الولاءُ الوطنيُّ الواقع والزيف
مرتضى الجرموزي
الولاءُ الوطني لم يكن مجرّدَ كلمات عابرة، أَو صوراً تذكارية، أَو سفريات متجولة، ولم يكن مجرّد كتابات وقصص ورقص وتمور ومرتبات مغرية.
تتجلّى الوطنيةُ بقيم الأعمال المختلفة، وطيب الكلمة الجميلة، وبذل الغالي والنفيس في سبيل الأوطان، والابتعاد عن المناكفات وتطهيرها من الأعداء، وتخليص الوطن من النفوس الخبيثة التي ختم اللهُ على سمعها وبصرها من العصاة والمتمرّدين المرتزِقة المنافقين، وإزالة العوائق للمستقبل اليمني.
يجب أن يمتزجَ ولاؤك الوطني بولائك الإيماني والجهادي العقائدي، وفي جميع مجالات الحياة لنسخّرها في رضا الله، ولنكن جنوداً مخلصين له دون سواه.
وفي محورِ حديثنا عن الولاء الوطني والذي يجب أن نتحلّى ونتمسّك به، ونبر بقسمنا بأن نكونَ جنوداً أوفياءً وحرّاساً أُمناء ليمن الثاني والعشرين من مايو العظيم، ونحافظ على مكتسبات ونظامه الجمهوري وأمنه وسيادته واستقلال قراره، ونذود عن دينه وعقيدته وحدوده وكامل أراضيه.
ولكن من الذي ما يزال محافظاً وملتزماً بقسمه، ومن الذي تمرّد عليه ونقضه وقام مقام العدوان المتغطرس، وقاتل قتاله ودمّر بُنية شعبه ووطنه، التحتية المدنية والعسكرية، وما يزال يتغنّى بهذا القسم ويصرّح في وسائل إعلام العدوان أنَّ تحالفَه مع العدوان ناتجٌ عن الولاء ووفاءٌ منه للقسم الوطني.
رواق الزمان قسم الخيانة الوطنية، صدقوني لن نجد أنذل من أولئك المرتزِقة، فهم كالشيطان يغويك بأعمال إجرامية ويرسم من أفعال جرائمه وخيانته للوطن ونكثه للقسم بأنها بطولات وواجب وطني مقدس؛ للحفاض على أمن ووحدة الجمهورية اليمنية القابعة في فنادق الرياض والإمارات وأنقرة، فقد رأينا واقعاً مخزياً ومذلاً لأولئك المنافقين، من حنثوا بقسمهم الوطني وغادروا إلى دويلات الخليج والغرب وتركيا وبعض الدول العربية، وحشدوا العالم لقتال أبناء جلدتهم تحت مسميات واهية وباطلة، ويعتبرون أعمالهم تلك جهاداً في سبيل وطنهم ودفاعاً عن سيادته من التدخلات الإيرانية والذي لم نرَ من واقعها شيئاً سوى تُرّهات.
بينما سمحت له عقيدته ووطنيته ويمينه الدستوري بأن يقف مع العدوان منافقاً وعميلاً ومخبراً ومرسلاً للإحداثيات للأهداف المدنية والعسكرية والرياضية، حتى بات كُــلُّ اليمن هدفاً لقوى العدوان، لقد رأينا من ذهبوا إلى فنادق دويلات العدوان كيف فتحوا صدورهم وكشفوا عن عوراتهم ورحبّوا بالعدوان بدواعي إعادة الشرعية، تحرير اليمن من أبنائه المحتلّين، تدمير البنى التحتية للانقلابيين، تدمير الترسانة العسكرية والأسلحة الباليستية، تعطيل المنظومة والدفاعية بكُــلِّ أصنافها.
أضف إلى ذلك سعي التحالف العربي بقيادة السعودية وبعضوية إسرائيل وأمريكا وبريطانيا لمنع التمدّد الفارسي في اليمن، وحماية أمن وسلامة مملكة داعش، والدفاع عن مكة والمدينة من أهل الحكمة والإيمان.
بالله عليكم بأيِّ وجه يظهر هؤلاء المرتزِقة؟! وبأية لغة يتحدّث هؤلاء المنافقون؟! فأين الولاء الوطني من هؤلاء الجبناء والخونة من يمتهنون الكذب والدجل والتضليل وتزييف الواقع بجُمل وعبارات شيطانية؟!.
حتماً سيلاحقهم العارُ إلى أوكار عهر ارتزاقهم، وسينالهم العقابُ الدنيوي والأُخروي، وسيتجرّعون كؤوس المرارات ألواناً من العذاب اليماني، سيذوقون الويل والثبور من بأس وقوة المقاتل اليمني والذي يستمدّ قوّته وعزّته وصموده من عظمة الله وجبروته، وهو من سينكّل بأعداء الله.
وكأننا نخوض غمارَ التصفيات الحاسمة، نكون أَو لا نكون، في مسابقة كشف الحقيقة على المضمار التنافسي (كشف الحقائق)، ما نزال في بداية المشوار وستكون المنافسةُ مثيرةً ومحتدمةً بين طرفين لا ثالثَ لهم، وستُعلن نتائج التصفيات وسيحصل كُــلُّ شخص على حقه بجدارة واستحقاق عملي، فإمّا أن يكون مؤمناً صريحاً أَو أن يكون منافقاً صريحاً.
ازرع ما شئت فغداً ستحصدُ ما زرعته شوكاً أَو ورداً، خيراً أَو شرًّا، ولن تكون ثمارُ المرحلة مفاجئةً لنا، بل هي نتاج طبيعي لما زرعناه وستنكشف حقيقتك لعامّة الناس، فإمّا أن تكون سعيداً بها أَو تعيساً.
لن يرحمك الزمانُ سيكشفك للعالم بحقيقتك التي طالما أخفيتها عن أنظار الناس وواقعهم، ستكون في موقف محرجاً إذَا كنت ممن يتستر على عيوبه وأعماله التي تجعله حيواناً بهيئة إنسان، وإمّا أن تكون حقيقتك ناصعةَ البياض ليس فيها غبار، فقد تبدو وكأنك ملاك بهيئة إنسان.
اختر لنفسك الطريقَ الآمنة؛ لتعبرَ من خلالها إلى برّ الأمان.
اختر لنفسك طريقاً تليق بمكانتك عند الله جل في علاه وعند الناس.
أحسن الاختيار؛ لتلقى اللهَ عزّ وجل وهو راض ٍعنك؛ لأنَّه مهما حاولت أن تخفيَ نفسك وتخفيَ حقيقتك فهناك الله عالم بمكنون سرّك، وهو من سيكشفك في نهاية المطاف لعامّة المخلوقات، ووقتها لن ينفعك الندمُ والحسرةُ.
فالزمانُ كفيلٌ بأن يكشف حقيقتك، سواءٌ أكانت مخزيةً أَو مشرِّفَةً، فاهتم لنفسك وأهلك ودنياك، واعمل لآخرتك؛ لتفوزَ بنعيم الرضوان.