كل ما يجري من حولك

اقتصــاد سياسي.. حروب المصالح ومستقبل الرأسمالية الغربية

اقتصــاد سياسي.. حروب المصالح ومستقبل الرأسمالية الغربية

655

متابعات:

أصبح القطب الاقتصادي الغربي مهدداً، بعد تصاعد مكانة الصين العملاق التجاري العالمي بمنتجاتها ذات القيمة المضافة، وهنا تكمن طبيعة الحرب التجارية الأمريكية. فأصبحت قضية صعود الصين الاشتراكية هاجساً يقض مضاجع الساسة في أمريكا والعالم الغربي.

وباستشراف مستقبل الهيمنة الرأسمالية الغربية، تعد الصين بمقومات قوتها أهم القوى الدولية الصاعدة، بأسرع معدل نمو، وقدرة استثنائية لإنتاج كل شيء بامتلاكها أكبر احتياطي نقدي في العالم.

وتحظى الحرب التجارية أمريكية المنشأ باهتمام إعلامي رسمي وشعبي، فما نشهده هو صدام بين الأنظمة السياسية والإيديولوجية.

ففي الماضي احتكر الغرب كل شيء واستطاع استعمار شعوب العالم ونهب ثرواته ومقدراته، فأصبح القوة الطاغية الأولى، بعد الترويج لموضوعات تتحدث عن مجد الرأسمالية والاستعمار، و«ديمقراطية» النمط الغربي. وعلى الرغم من تغير الزمن، لم تتغير التكتيكات والأهداف الغربية، ولم يتم بناء النظام الغربي على التميز والعمل الجاد والعادل، بل على الخوف والقمع والوحشية.

لكن الكثير من الدول استطاعت الهروب من هذه المنظومة، وبناء خاصيتها وثقافتها وفلسفتها والصين وروسيا أمثلة واقعية، ومن خلال تفوق دولي وإقليمي، وبفضل نظام سياسي واقتصادي عادل، رفضت قبول الإملاءات الخارجية، واكتفيت ذاتياً وإيديولوجياً وسياسياً واقتصادياً وفكرياً، ولم يكن الغرب راضياً عن ذلك.

أما الحرب التجارية الأمريكية فهي تحرك يائس لإنقاذ الإمبراطورية الغربية، فالمنافسة الحقيقية الشريفة من طرف الصين وروسيا في ميادين السياسة والاقتصاد، حوّلت مسار العمل الدولي وطبيعته، وهذا ما قد يغرق الاقتصاد الأمريكي، وربما اقتصاد الغرب بأكمله وبحدود سنوات قليلة.

وكما يبدو أن الديماغوجيين في الغرب، ومن خلال وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية مرعوبون من احتمالية استيقاظ العالم على النموذج الصيني. لهذا تسعى الرأسمالية العالمية لتصوير الصين (كدولة شريرة)، واتهامها (بانتهاكات حقوق الإنسان).

أما مشاركة الصين وروسيا دولاً أخرى في العالم إنجازاتها ومشاريعها التنموية فإنها تعزز من قوتهما المتنامية، مقابل انحسار التأثير الأمريكي والغربي عموماً. فالغرب الذي يراقب العالم ويعيش عالماً وهمياً للتفوق، أصبح على حافة الانهيار الاقتصادي والسياسي ولاسيما بعد موجات الإرهاب التكفيري الذي صنعه وصدره للعالم وبدأ يتحسس آثاره المرتد.

أما استعادة أمريكا لهيمنتها الاقتصادية الدولية، سعياً لاستكمال عناصر القوة الأخرى السياسية والعسكرية. فلم تدرك الإدارة الأمريكية أن المتضرر الأساسي هو المستهلك الأمريكي، وأن التعريفات الجمركية هي بمثابة ضرائب يدفعها الأمريكيون، وليس أي حكومة أخرى.

إن غرق الغرب في أوهام انفراده بالزعامة والقيادة وانشغاله بالتدخل في شؤون الغير، أعطى فرصة كبيرة لدول كثيرة لتطوير بنيتها الاقتصادية والسياسية، فلم تستغرق الصين أكثر من ثلاثين عاماً لدخول التاريخ بكافة مجالاته، لتفاجئ العالم بقوتها وحضورها، وهذا ما جعل المحافظين الجدد والرأسمالية الغربية يبحثون في أروقة التاريخ وبحوثه عن انتقال الحضارات، وما يساعدها في استعادة جزء من سطوتها الوهمية، ولم تجد ما يسعفها في محاولاتها سوى إعلان حرب تجارية، واتخاذ إجراءات أخرى لشن الحرب العسكرية، وفرض الهيمنة الغربية.

عن «غلوبال ريسريش»

You might also like