الباتريوت الأمريكي لا يحمي بل يحفّز إدرارَ الحليب فقط
منير إسماعيل الشامي
في آخرِ زيارة له إلى الرياض بعد عملية بقيق وهجرة خريص، صرّح رئيس أركان الجيش الأمريكي بعجزهم عن صد هجمات الطيران المسيّر التي تستهدف المنشآتِ والأهدافَ السعودية، وبعد ذلك بيومٍ واحدٍ سمعنا بياناً لوزارة الخارجية الأمريكية حذّرت فيها رعاياها الأمريكيين من السفر إلى السعودية.
أمريكا بلا شكٍ لا تغفل عن مراقبة الأراضي اليمنية، ولا يستبعد أنها تمتلك صوراً عبر أقمارها الصناعية لعملية الرابع عشر من سبتمبر الجاري، وهي تعلم علمَ اليقين أنَّ الجيشَ اليمني هو الذي نفّذ العمليةَ كما نفّذ العملياتِ السابقة لها.
النظامُ السعودي هو الآخر يعلم جيَدًا أن تلك العملية التي قصمت ظهرة عملية يمنية ١٠٠٪، وسبق وأن أقام معرضَين لبقايا الصواريخ والطائرات المسيّرة التي خلفتها عشراتُ العمليات السابقة، وكان النظامُ السعودي يتكتم عنها وأحياناً يدعي أنه تصدى لها وأسقطها قبل إصابة الأهداف، ودائماً كان يصفها بـ”المقذوفات اليمنية”.
عملية الرابع عشر من سبتمبر وهي العملية الثانية من عمليات توازن الردع فضحت النظامَ السعودي، وكشفت كذبَ ناطقه الرسمي في كُـلّ تصريحاته عن العمليات السابقة، وعجزَ هذه المرة عن إنكارها بل أعلن عنها قبل أن يتم الإعلان من قِبَلِ الناطق الرسمي لوزارة الدفاع.
إذن فما جدوى اتّهام إيران أنها وراءَ هذه العملية بعد كُـلّ هذه الحقائق؟ وهل نَسْبُ العملية إلى إيران سيمنع تكرارَ هذه العمليات على الأهداف السعودية؟
من المؤكّـد أن لا جدوى ولا فائدةَ من ذلك، وأن اتّهام إيران بهذه العملية لن يمنعَ من تنفيذ عمليات قادمة سينفّذها الجيشُ اليمني، وستكون أشدّ إيلاماً وأعظم تأثيراً مما سبقها، طالما ونظامُ الرياض مستمرٌ في عدوانه ومستمرٌ في سفك دماء العشرات من أطفال اليمن ونسائه ورجاله.
التصريحاتُ الأخيرة للمجرم محمد بن سلمان، وكذلك لوزير الدفاع الأمريكي بخصوص أنه ستُنْشَرُ بطارية باتريوت وأربعة أجهزة رادار و٢٠٠ فرد في السعودية، لن يغيرَ من الأمر شيئاً، فمنظومةُ باتريوت باتت مفضوحةً بعد فشلها في صد حتى صاروخٍ يمنيٍّ واحدٍ أَو طائرة مسيّرة لمئات العمليات التي نفّذتها الوحدةُ الصاروخية أَو وحدة الطيران المسيّر، كُـلُّ ذلك موثقٌ بمشاهدَ حيةٍ لعدد من تلك العمليات.
الدليلُ على ذلك، ما حدث بعد عملية الدوادمي وعفيف فقد استنجدَ النظامُ السعودي بالنظام الشيطاني الأمريكي، فأرسل للرياض نحوَ ٥٠٠ فرد من الدفاع الجوي الأمريكي، ومع ذلك لم يتغيرْ بعد وصولهم شيءٌ بل على العكس زاد التصعيدُ من جانب جيشنا اليمني بعملياتٍ أكبرَ في حقل الشيبة وبقيق، ووجود هذه القوة الجوية الأمريكية المستجلبة لم تقدّم ولم تؤخّر ولم تكتشف حتى طائرةً مسيّرةً واحدة، ولديها كُـلُّ الإمْكَانيات الحديثة في الرصد والمراقبة من رادارات، وأقمار صناعية، وبطاريات باتريوت وغيرها.
وهذا يجعلنا واثقين بأن نظامَ الرياض يعتمد على نظام واشنطن في كُـلّ شيء حتى في التفكير، فهو من يفكر بدلاً عنه، فهو لم يلتفت إطلاقاً إلى تحذيرات قائد المسيرة -سلام ربي عليه- ولا لتحذيرات الأخ رئيس المجلس السياسي ولا للناطق الرسمي، ولم يلتفت أَيْـضاً إلى التفكير في دقة المعلومات التي صرّح بها الناطقُ الرسمي العميد سريع عن مواصفات الطائرات المسيّرة، وأنها غيرُ قابلة للاكتشاف، ومزودة بأنظمة دقيقة تمكنها من المناورة والتخفي، وخداعِ أنظمة الدفاع المعادية.
هذا يقودنا إلى القولِ بأن تصريحَ البنتاغون بنشر بطارية باتريوت ورادارات و٢٠٠ فرد من وحدات الدفاع الجوي الأمريكي ليس سوى عقارٍ مسكّنٍ للألم السابق، وليس علاجاً لما هو قادم من العمليات؛ وَالهدف منه هو الحلب فقط وليس للحماية، وكذلك لقطع الطريق أمامَ روسيا من عدم تمكينها من حلب البقرة فقط؛ لتبقى البقرةُ تحتَ اليد الأمريكية حتى الرمق الأخير.
وبالعودة إلى تصريحات قيادتنا الثورية، وقيادتنا السياسية وتحذيراتهم للنظام السعودي من مغبة إصراره على مواصلة عدوانه واستمراره في رفض مبادرة رئيس المجلس السياسي وتجاهل نظام الرياض لكل ذلك واعتقاده المطلق بإيحاءات ووعود النظام الأمريكي الكاذبة، نستطيع القولَ بأن أمريكا تسعى للقضاء على هذا النظام والتخلص منه وصدق الله القائل: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا).
فالنظامُ السعوديُّ لن يدرك حقيقةَ الهبل الأمريكي ولن يفرّق بين الناصح الصادق والمضل الغشوم إلا في اللحظات الأخيرة من سقوطه النهائي، وإن غداً لناظره قريب.