كل ما يجري من حولك

الانتماءُ للإمام زيد انتماءٌ عملي ثوري

390

 

سارة الهلاني

الإمام زيد بن علي -كما تؤكّـد بعضُ الروايات- كان قد تحدّثَ عنه الرسولُ -صلواتُ الله عليه وعلى آله- في الرواية المشهورة عن حذيفةَ بن اليمان فيما روي أنَّ رسولَ الله قال: (المقتولُ في الله، المصلوبُ من أمتي، المظلومُ من أهل بيتي سَمِيُّ هذا -وأشَارَ إلى زيد بن حارثة- وقال لزيد: يا زيدُ لقد زادك اسمُك عندي حُبّاً فأنت سَمِيُّ الحبيب من أهل بيتي)، ما قاله رسولُ الله –عليه وآله أفضل الصلاة والسَّلام- عن الإمام زيد يحملُ دلالاتٍ متعددةً، على منزلةِ هذا الرجل العظيم عند الله، إنه من أوليائه العظماء، ومن الأعلام الكبار في مدرسة الإسلام الكبرى، ومن عظماءِ الأمة الذين أسّسوا مبادئَ وقيم الثورات العظيمةً، ومنهجاً ممتداً يعطي للحق دفعاً مستمراً إلى آخرِ الأمة، وذلك يدلُّ على شرف المسؤولية والمهمة التي قام بها الإمامُ زيد، والتي تعتبر امتداداً لقيام ثورة جده الحسين، امتداداً كلياً في الجوهر والمضمون، في الروح والهدف، في طبيعة الظروف والدوافع؛ لذلك فذكرى استشهاد الإمام زيد هي حادثةٌ تاريخيةٌ جزِلةٌ بالعبر والدروس التي نحتاجها اليوم، ولها صلةٌ بالتاريخ الذي أمتدَّ تأثيرُه إلى الحاضر.

تحَرّك الإمامُ زيد حاملاً مشروعَ التغيير، وواقفاً في وجه سلاطين الجور، يحمل عزيمةَ الإيمان وصلابةَ الحق وثبات البصيرة، تحَرّك وهو يقول: ( والله ما كره قومٌ قطُّ حرَّ السيوف إلا ذلوا).

الإمامُ زيدٌ -عَلَيـْهِ السَّــلامُ- كان فيما يحمله من هـمٍّ وألـمٍ وحرصٍ على إنقاذ أمة جده لدرجة عبّر عنها بنفسه وقال: (والله لوددت أن يدي ملصقة بالثريا ثم أقع من حيث أقع فأتقطع قطعةً قطعهً، وأن يصلحَ اللهُ بذلك أمرَ أمة محمد -صلى الله عليه وعلى آله-)، هكذا كان فيما يحمله من هـمٍّ، تحَرّك في واقع الأمة؛ لاستنقاذها بدافع المسؤولية وبروحية القرآن، فهو حليفُ القرآن الذي كان يقول: (واللهِ ما يدعني كتابُ الله أن أسكتَ)، هذا الانتماء للقرآن الكريم ترتب عليه التزامٌ لدى الإمام زيد، عمل، تطبيق، اتباع وتمسك، وهو مَن عُرف في المدينة المنورة بـ “حليفِ القرآن”.

الإمام زيد سطّر لكل الأجيال المتعاقبة بقوله والفعل، بتضحيته والعطاء، بدمه والروح، درساً مهماً في المجد والإباء، في العزة والحرية، درساً تستفيدُ منه الأمةُ روحاً وعزماً وبصيرةً، ورغم الفئة القليلة من المؤمنين الصادقين الذين تحَرّكوا معه في وجه “اثني عشر ألف مقاتل من الجيش الأموي” واصل مشوارَه الجهادي، حتى حينما خفقت الرايةُ على رأسه قال: (اللهم لك خرجت، وإياك أردت، ورضوانك طلبت، ولعدوك نصبت، فانتصر لنفسك ولدينك ولكتابك ولنبيك ولأهل بيت نبيك ولأوليائك من المؤمنين، اللهم هذا الجهد وأنتَ المستعانُ)، ثم قال -عَلَيـْهِ السَّــلامُ-: (الحمدُ الله الذي أكملَ لي ديني).

مبدأ الإمام زيد هو مبدأ القرآن، مبدأ النبي، مبدأ الإسلام وثورة الحق على الظلم والظالمين، وعلى الطغاة والمستكبرين، في عدم الاستساغة والقبول بالذل، وهو رمزٌ يدل على حقيقة الخط الممتد الأصيل خطِّ القرآن وخطِّ أهل البيت، وانتماء جندي الله لكتاب الله انتماءً عملياً، فالمساراتُ العملية من أَهَــمِّ الشواهد على التقوى والإيمان، فإن أردنا أن نتعرف على الإمام زيد فهو معروفٌ وأشهرُ من أن نُعرّفَ به وبدوافع ثورته، التي تأصلت بدمه وتضحية جسده -الذي صُلب في جذع نخلة في الكوفة على مدى أربع سنوات- فهو حُجةُ الله على أمة محمد -صلواتُ الله عليه وعلى آله- فكيف لها أن لا تسلك مسارَ زيد وأصحاب زيد ويحيى بن زيد، وهو قد رسم لهم طريقَ الخروج من الذل للعز، ثورةً بانتماء عملي، انتماء ثوري، انتماء جهادي؟!.

You might also like