كل ما يجري من حولك

السيد حسن نصر الله وسلاحُ المصداقية

529

 

أحمد الصعدي

في عام 2006 وبعد انتصارِ تموز على الكيان الصهيوني، كتب فيصلُ حوراني من داخل فلسطين المحتلّة عن المصداقيةِ الطاغيةِ، التي تمتعُ بها السيدُ حسن نصرالله وحزبُ الله في المجتمع الإسرائيلي، ما يلي: إذا قال السيدُ حسن نصرالله ذاتَ يوم إنه يتحدَّثُ من القدس فصدّقْه..، يتداول الإسرائيليون هذه العبارةَ لا في معرِضِ التعبيرِ عن الإعجابِ وإنما عن الخشيةِ، فيُظهِرون ما استخلصوه من التجربة المريرة، حزبُ الله لا يكذِبُ حين يتوعّدُهم، وَإذَا كان هذا هو ما يُرَوَّجُ بين الإسرائيليين، والذي يُظهِرُ حجمَ إرهاق حزبِ الله جيشَهم وأذلَّهم وزعزعَ أركانهم، بقدرته على الردع.

مجلةُ الدراسات الفلسطينية، العدد 68، خريف 2006، صفحة46، وبسبب هذه المصداقية التي اختبرها الزمنُ وقف الكيانُ الصهيوني على “رجل ونُص”، منذُ يوم الأحد 25 أغسطُس الماضي، عندما أعلن السيدُ حسن نصرالله في خطابٍ متلفز، أنّ العدوانَ الصهيوني الذي أَدَّى إلى استشهاد اثنين من مجاهدِي الحزب في سوريا، وإرسال الكيان لطائرتين مسيّرتين مفخختين إلى الضاحية الجنوبية ببيروت، إحداهما انفجرت من غيرِ سقوطِ ضحايا، والأُخرى أُسقطت، ولن يمر ذلك دونَ ردٍّ مناسبٍ، لم يشك أحدٌ من الكيان الصهيوني في أنَّ وعدَ صادقِ الوعد سيتحقّق حتماً، وهو ما حدث فعلاً يوم الأحد الأول من سبتمبر، فبعد أيامٍ عصيبةٍ عاشها الإسرائيليون، يعدُّون الساعات واللحظات، نفّذ مقاتلو حزب الله عمليةَ الردع الناجحة بتدمير مدرعة للجيش الصهيوني وقَتْل وجَرْح من فيها، لقد شرح السيدُ نصرالله أبعادَ العملية البطولية وآثارَها البعيدةَ في ردع جيش الاحتلال، وفي محوِ كُـلِّ خطوط الكيان الصهيوني الحمراء، وذلك في خطابه يوم الاثنين الماضي، وعرّفنا نصرُالله ماذا يعني إطلاقَ صواريخ الكورنيت من داخل الأراضي اللبنانية إلى فلسطين المحتلّة عام 48 وفي وضح النهار، ما نريدُه مما سبق الآتي:

1- أنّ مصداقيةَ حزب الله وزعيمِه السيد حسن، أصبحت من أمضى الأسلحة في زمان لا حصر له من وسائل وإمْكَانيات التلاعب بالعقول وقصفها، فبخطابٍ واحدٍ نسف السيدُ نصرالله جهودَ مئات القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية المعادية، وقد أثبتت تجربةُ حزب الله فعاليةَ سلاح المصداقية برغم الاعتقاد الرائج في منطقتنا وفي العالم المعاصر، بأنّ الكذبَ ثم الكذبَ ثم الكذب يُرغِمُ الناسَ على التصديق في نهاية الأمر.

2- أكّـد قرارُ حزبِ الله بتأديبِ نتنياهو وجيشِه، أنَّ القوةَ المستخدمةَ بشجاعة وحكمة وبصيرة للدفاع عن الحَـقِّ لا بديلَ عنها، ولا وسيلة غيرها مهما كانت، يُمْكن أن تُعيدَ حقاً اغتُصِبَ أَو سيادة انتُهِكَت.

وهكذا لاحظنا أنّ حزبَ الله وزعيمَه قدّم درساً جديداً في فنِّ القيادة وفي حكمة القول وجسارة الفعل، فسلامُ الله على إرادةٍ تُقرّرُ وعقولٍ تُخطّطُ وتهندس، وأقدامٍ تنغرسُ في الأرض فلا ترتجفُ، وأيادٍ تضغَطُ على الزناد من غير أنْ تهتزَّ أَو تهِنَ، حتى وهي تَقِفُ وجهاً لوجه أمام الموت والشهادة.

You might also like