كل ما يجري من حولك

عالَمان وبينهما سنواتٌ ضوئية

425

 

د. أحمد الصعدي

ذكر المفكِّرُ القطريُّ علي خليفة الكواري في موضوع بعنوان ((عوائق الانتقال الديمقراطي في بلدان مجلس التعاون)) نشره في مجلة ((المستقبل العربي)) عدد سبتمبر عام 2013 أن أمورَ السياسة في دول الخليج تابو محرم لا يجوز الاقترابُ منه، ولا تطرح على الحكام إلا إذَا كان ذلك من قبل مسؤولي الدول الحامية.

ويضيف الكواري ((وفي هذا الصدد يذكر أحدُ السفراء أن أصعبَ لحظة يواجهها متخذو القرار في المنطقة هي عندما يتقرَّرُ اجتماعُهم بأقرانهم من البلدان الراعية – رأساً لرأس – من دون حضور مرافقين. عندها يعلمون أن هناك رسالةً قاسيةً سوف توجَّــهُ إليهم)).

كتب هذا الكلام قبل أن نسمعَ ونشاهدَ مواهبَ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الفكاهة والسُّخرية والتحقير والازدراء، والتي كان موضوعها المفضل والوحيد هو المعتوه الآخر في هذا العالم، ملك السعودية سلمان.

صورةُ براميل النفط حُكَّام الخليج البائسين المرعوبين المحتقرين أمام أقرانهم من حُماتهم الغربيين، أَو من مبعوثي أُولئك الحماة أعادتها إلى أذهاننا صورةُ المرشد الأعلى للثورة الإسْــلَامية في إيران علي خامنئي وهو يستقبلُ رئيسَ الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي حمل إليه رسالةً من بطل حُكام الخليج وحاميهم وفارسِ أحلامهم السوداوية، البلطجي في مقام رئيس دولة عُظمى ترامب، حيث رفض المرشدُ تسلُّمَ الرسالة التي بعثها إليه الرئيسُ الأمريكي قائلاً لرئيس الوزراء الياباني: نحن نحترمُ ونثقُ بجنابِكم، أما ترامب فهو غيرُ جدير بأن نتراسَلَ معه، ما أحرج الضيفَ الياباني الذي طوى الرسالةَ وأخفاها؛ احتراماً لمضيفه الجدير حقاً بالاحترام.

هنا نكونُ أمام عالَمين، الدول الخليجية وإيران، تفصلُهما سنواتٌ ضوئيةٌ في استقلال القرار واحترام الذات والاعتزاز بالكرامة الوطنية.

You might also like