كل ما يجري من حولك

السودان لايزال على خط ملتهب.. وهذا ما يتوقعه المحللون!

481

السودان لايزال على خط ملتهب.. وهذا ما يتوقعه المحللون!

 

اختار المجلس العسكري الانتقالي في السودان إعلان المواجهة مع قوى المعارضة والشارع، ووجه تهديدات واضحة إليها لدفعها للتفاوض بشروطه حول المرحلة المقبلة، بعد فشل المشاورات بين الطرفين في الوصول إلى اتفاق حول نسبة التمثيل في “المجلس السيادي المشترك” لحكم المرحلة المقبلة. في المقابل دعا تحالف الحرية والتغيير الى مليونية جديدة غدا الخميس استمرارا للاعتصامات وتأكيدا على المطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.

 

المشهد السوداني لا يزال صاخبا. جولات من التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير لم تثمر عن أي اتفاق. المجلس العسكري الانتقالي اشتكى من عدم وجود وفد موحد للقوى المذكورة، الامر الذي تنفيه أوساط تجمع القوى ويقول إن “مواقف المجلس العسكري جاءت مزيجا من بعض لين وشدة، منفتحون على التفاوض ولكن لا للفوضى”.

وفي مؤتمر صحافي، قال نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” في لهجة تعتبر تصعيدية: “لا نقبل أي فوضى أو تفلت، أو اعتداء على المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة، وسوف يتم التعامل بالحزم اللازم، وفق القانون ونحن الآن ملتزمين بالتفاوض، لكن لا فوضى بعد اليوم”.

“حميدتي” الذي يُعد الرجل الأقوى في المجلس العسكري، لم يكتف بالحديث عن تفلت أمني هدد بحسمه بموجب القانون بأسرع ما يمكن، بل ذهب أبعد من ذلك بكثير حينما اتهم “قوى الحرية والتغيير” بتعطيل التفاوض من خلال تقديمها رؤية سياسية خلال جلسات التفاوض مغايرة تماماً لما تم الاتفاق عليه، فضلاً عن رغبة التحالف المعارض في احتكار السلطة خلال الفترة الانتقالية.

الرسالة التطمينية الوحيدة التي أرسلها “حميدتي” من خلال المؤتمر الصحافي هي عدم رغبة المجلس العسكري في فضّ الاعتصام الشعبي بالقوة، مع تعهد بالاستمرار في التفاوض مع “تحالف الحرية والتغيير”.

المجلس يتهم قوى الحرية والتغيير بأنها تؤلب الشعب ضد المجلس العسكري وبأنها رفضت وساطة شخصيات سودانية. فهل ثمة أفق لاي مفاوضات مستقبلية في هذا الوضع؟ في الواقع يمكن تلمس بعض اجابة عن هذا السؤال من طريقة تلقف قوى الحرية والتغيير لما عدته تصعيدا من قبل المجلس العسكري، فهي جددت تحذيرها من مغبة فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش وقالت إنها مستمرة في الاحتجاج، وهذا رد صريح على المؤتمر الصحافي للمجلس العسكري التي حاولت قواته وفق المعتصمين فض الاعتصام بعد تشبيهها المجلس بما سمته “النظام البائد”.

أما رأس حربة التظاهرات، “تجمع المهنيين السودانيين”، فلا يبدو أنه لمس ايجابية من كلام المجلس العسكري وفق ما ينقل عن أوساطه، وعليه لا تبدو واضحة أفق الحلول في السودان جراء الاتهامات والاتهامات المضادة بين كلا الطرفين، التصعيد سيد المواقف والتظاهرات لا تزال مفتوحة لتسليم السلطة للمدنيين.

وأعلن تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات في السودان، أن المجلس العسكري الانتقالي ليس جادا في تسليم السلطة للمدنيين.

وقال المتحدث باسم التجمع، محمد ناجي الأصم، في مؤتمر صحفي في العاصمة الخرطوم، إن “ما نستشعر به من كل تصرفات المجلس العسكري حتى اللحظة أنه غير جاد في تسليم السلطة إلى المدنيين”.

وأضاف أن “الزمن قد طال، ومعه فإن صلاحيات المجلس العسكري تتمدد وهذه خطورة كبيرة جدا على الثورة السودانية”.

وبعد المؤتمر الصحافي للمجلس العسكري، اندلعت تظاهرات جديدة في شوارع الخرطوم، لم تشهد مثيلاً لها منذ إطاحة البشير في 11 إبريل/ نيسان الماضي، مع استمرار التوافد إلى ساحة الاعتصام أمام مقر الجيش. وعزز المتظاهرون حواجزهم خارج المقرّ، وذكر شهود عيان أن المتظاهرين قاموا ببناء حواجز مؤقتة في الطرقات. وقال متظاهر إن الهدف من تلك الحواجز هو حماية المتظاهرين، مؤكداً أنهم لن يتحركوا إلى حين التوصل إلى حكم مدني.

الحشد الشعبي الذي عمل عليه “تحالف الحرية والتغيير” قابله حشد عسكري كبير، بدأ في الانتشار في الخرطوم، قوامه “قوات الدعم السريع”، وشوهدت أرتال من السيارات العسكرية تتحرّك داخل الخرطوم وتنتشر في مواقع استراتيجية مع تشديد التعزيزات في محيط القصر الجمهوري.

وفي سياق تصعيد المعارضة لضغوطها، دعا “تحالف الحرية والتغيير”، عبر صفحته على “فيسبوك”، إلى مليونية جديدة يوم غد الخميس، “للتأكيد على مطلبنا الأساسي بسلطة مدنية”، مع تعهّد كامل بعدم السماح بفض الاعتصام إلا إذا تحققت مطالب الثورة بقيام المجلس العسكري بتسليم السلطة لحكومة مدنية.

التحذيرات التي وجهها قادة المجلس العسكري تدفع العلاقة بينه وبين “تحالف قوى الحرية والتغيير” إلى نفق مظلم، ربما تعيد الوضع في السودان إلى المربع الأول كما يرى كثيرون.

وتعليقاً على هذا الوضع، رأى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النيلين، “فتح الرحمن أحمد الأمين”، أن ما جاء في المؤتمر الصحافي وردود الفعل حوله تمثّل تطورات خطيرة في المشهد تنبئ بعودة المواجهات بين العسكر والشارع، خصوصاً أن أغلب الشباب رافض تماماً لأي شكل من أشكال الالتفاف على الثورة، سواء كانوا منتمين لأحزاب المعارضة أو غير منتمين، مشيراً إلى أن الحراك السياسي الذي أنتجه الاعتصام أحدث تحوّلات كبيرة بانضمام الآلاف إليه كل يوم وأتاح للقوى السياسية المنظمة له بالتمدد الشعبي بصورة كبيرة وواسعة.

وتوقع الأمين، عودة التظاهرات في الأحياء “بشكل أوسع وأشمل مما كان عليه حتى قبل إطاحة عمر البشير، ما قد ينعكس سلباً على الحالة الأمنية في البلاد”، كما توقع تزايد الضغوط الإقليمية والدولية على المجلس العسكري لتسليم السلطة لحكومة مدنية.

من جهته، رأى الكاتب الصحافي، “الطاهر ساتي”، أن احتمالات المواجهة والعودة إلى المربع الأول باتت حاضرة تماماً، في ظل الاحتقان القائم بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف المعارضة، متوقعاً أن تنتهي تلك المواجهة بسيطرة كاملة للجيش على مقاليد السلطة في البلاد.

واعتبر ساتي أن “تحالف المعارضة غيّر أجندته التفاوضية من أجندة التمثيل المدني والعسكري داخل مجلس السيادة المقترح، إلى أجندة أخرى تتعلق بتقديم مقترحات حول صلاحية المجلس السيادي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي”، وهو ما قاد حسب تقديره إلى “استفزاز المجلس الذي حاول الاحتفاظ بعلاقة طيبة مع التحالف”، موضحاً أن “ذلك الاستفزاز هو ما أدى لبروز اللغة الحادة من قِبل قادة المجلس العسكري من خلال المؤتمر الصحافي والبيانات التي أصدرها”.

You might also like