كل ما يجري من حولك

دول الاستكبار والعدوان تستهدف الدين والأخلاق والإنْسَان

476

 

مطهر يحيى شرف الدين

طلب مني أحدُ الأصدقاء من الناشطين الثقافيين أن أشاركه في الإعداد لتنفيذ ندوةٍ علمية ذات طابع ثقافي تهدف إلى إيجاد وسائل وأساليب ناجعة لمكافحة وَمواجهة الحرب الناعمة وَالتي تعتبر إحدى الوسائل الخبيثة لدول العدوان والاستكبار العالمي التي تستهدف المجتمعات في كيانها وقيمها وتسعى إلى تدمير الشعوب الإسْلَامية والعربية بانتهاك هويتها وثقافتها.

كان موقفي مشجعاً ومعززاً لتلك المبادرة التي أصبح الإعداد لها وتنفيذ مخرجاتها ملحاً وضرورياً وبالذات في مرحلةٍ نعيشها واقعاً مريراً؛ بسببِ ما تشنه دول العدوان الغربية والصهيونية منذ عقود من حرب همجية تنال من ذات الإنْسَان وكرامته ودينه استخدمت فيها كُــلّ أدوات وأساليب التضليل الإعلامي والثقافي في محاولة تدمير القيم والأخلاق والسعي نحو طمس وتبديل الهُوية الإيْمَانية عبر تكوين وتهيئة العناصر التكفيرية والعمل على تغييب المظهر الحقيقي للدين الإسْلَامي وجوهره واستبداله بمظهر تتبرأ منه الفطرة السليمة قبل أن يتبرأ الدين الإسْلَامي منها، وبهذا جاءتنا أمريكا وأخواتها واستخدمت ديناً مؤلفاً ومصنوعاً من قبل المستشرقين..

وبما يحقّــق رغباتهم وأمنياتهم في إبعادنا عن الدين بل وكرهنا له من خلال إظهاره لنا بأنه دين تطرف وتشدّد بشعارات جوفاء وعناوين بلا مضامين، وفي اتّجاه آخر محاولة جعل الاعتبارات الدينية الحقيقية والأخلاقية من المنظور الغربي قيد وتزمت وتخلف وكبت للحريات، إذ يسعى الغرب إلى تعميم الابتذال والانحلال الأخلاقي وتمجيد نماذج وشخصيات ساقطة وذلك ما تسعى إليه الثقافات المستوردة التي حملتها إلينا الحداثة بأشكالها التي نراها ماثلة أمامنا في دعوات شراكة المرأة للرجل في المناصب وفي الظهور الإعلامي والسياسيّ.

أما رعاةُ وأتباعُ الفكر الوهّابي التكفيري فقد مارس دوراً في تهيئة الأرضية الملائمة للقبول بالأفكار المغلوطة والمراجع المظللة والمعتقدات الخاطئة؛ بهدف إرباك وتشتيت الرؤى والتوجهات الحقيقية التي تسير على النهج الذي أمرنا الله ورسوله بالدفاع عن دين الله وعن المسلمين وعزتهم وكرامتهم والمحافظة على القيم والأخلاق التي ترفض الثقافات الغربية الدخيلة، كما يعمل التيار التكفيري على تعميم عناوين ما يسمى بالخلافة الإسْلَامية والإمارة والولاية والعمل على تشكيل الفصائل الدينية المسلحة والجماعات التكفيرية التي أتت بدين جديد وعقيدة باطلة تتنافى مع ما جاءت به الشريعة الإسْلَامية من قيم وفضائل والعمل على توجيه شعوب العالم إلى عدوٍ وهمي.

وفعلاً استطاعت الصهيوأمريكية حَرْفَ البوصلة أمام الكثير من المجتمعات العربية نحو العدوّ الوهمي للعرب “إيران” مستغلةً خنوعَ الزعامات وضعفها وفقدان قرارها المستقلّ وارتهانها للقرار الأجنبي في حين أصبحت إسرائيل هي الصديقة والجارة التي تخشى على مصالح الدول العربية وعلى شعوبها من التمدد الشيعي والتوسع الإيراني.

وسواءٌ أكانت الهجمة الغربية الناعمة ترمي إلى الانحلال الأخلاقي والقيمي أَو كانت الهجمة ذات طابع عقائدي ترمي إلى التبديل والتغيير في دين الله وسنة رسوله فإنها في نهاية المطاف تستهدف العرب والمسلمين في عقولهم وتوجهاتهم وفطرتهم السليمة، مستخدمة بذلك وسائط ووسائل إعلامية شيطانية مظللة؛ ولذلك ينبغي علينا جميعاً نحن كمجتمع إسْلَامي محافظ أن نكون متيقظين ومتنبهين لتلك الأخطار والتماهي مع المُخَطّطات وأن نرجع إلى القُــرْآن الكريم لنعرف من هو العدوّ الحقيقي للإسْلَام والمسلمين.

ولمَن يريد الهداية ومعرفة الحق من الباطل فليقرأ القُــرْآن الكريم ويتدبر من هم الذين حذرنا الله منهم ومن هم الذين نهانا الله أن نتولاهم ومن هم الذين أمرنا الله بتوليهم، علينا أن نلتزم الاستقامة وصلاح أنفسنا وتزكيتها من الشبهات حتى لا نقع في فخ الصداقات المبطنة مع اليهود التي في ظاهرها الابتسامة والرضا وفي باطنها المكر والخديعة قال تعالى “فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير”؛ ولكي لا يصبح الحق باطلاً والباطل حقاً يتوجب علينا التنبه للأفكار والعقائد الدخيلة على ديننا ومجتمعنا والتي تنتقص وتنال من الدين الإسْلَامي وتهدم القيم والتقاليد وتؤثر على الكثير من السطحيين الواقعين تحت تأثير وسائل الهيمنة الأمريكية..

فيجعلون من أنفسهم أدواتٍ لتمرير الثقافات التكفيرية فمثلاً كان استخدام الورقة الطائفية جلياً خلال سنوات العدوان على اليمن وقبل سنوات العدوان، متناسين أن اللعبَ على هذا الوتر لن يجديَ أَو ينجحَ وقد ترسخت لدى المجتمع اليمني بالذات القناعة بأن دول التحالف بعدوانه على اليمن لا يحمل إلا أهدافاً سياسيّة ومشاريع إباحية واستراتيجية طامعة في خيرات ومقدرات اليمن بتضاريسه وبحاره ومناخه وتربته؛ ولذلك فإن تحالف العدوان تحت لواء الدول الاستكبارية العظمى منذ سنوات عديدة وهي تعمل على خلخلة الصف اليمني والعربي باستهدافه ثقافياً ومناطقياً وطائفياً وهي تعد العُدة منذ عدة عقود من أجل استهداف العقول والتدخل في أمزجتها لتغيير التوجه الإسْلَامي والتأثير على الهوية الإيْمَانية للشعوب العربية.

الوهّابيةُ خرجت من العَبَاءة اليهودية فجاءت بمضمونها وواقعها الذي أثبتت للعالم الإسْلَامي أهم سمة فيها وهي بث التفرقة والفتنة والتعصب الأعمى لمعتقداتها الباطلة والمظللة والعميلة لمحور الشر والطغيان، قال تعالى “كالذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين” كما جاءت الحداثة الاجتماعية من داخل العباءة الغربية كثقافة ضد الرجعية كواحدة من أدوات الحرب الناعمة فوجدت لها مناخاً ملائماً لترويجها والتسويق لها؛ لكي تنساق المرأة المسلمة مع التوجهات الغربية الماحقة وثقافة تحريرها حسب تعبيرهم من القيود والتزمت.

وجاءت شعارات السلام واليوم العالمي لحقوق الإنْسَان واليوم العالمي لمكافحة الفساد ومفاهيم ثقافية أُخْــرَى كان لها تأثيرٌ مباشرٌ على الأجيال في سلوك المظاهر الاجتماعية كتقليده للمجتمع الغربي في اللبس مثلاً في محاكاتهم في أعيادهم السنوية وهم إزاء تقديس تلك الحقوق بعيدون كُــلّ البُعد عن تطبيقها أَو محاسبة ومعاقبة من يغتصب الحقوق وينتهك الحريات ولنا في اليمن وسوريا نماذج حية لتلك الانتهاكات والجرائم التي يهتز لها جبين الإنْسَانية دون أن يتحَــرّكَ الضمير العالمي أَو حتى تفكر المنظّــمات الدولية الحقوقية والإنْسَانية في الدفع بتحريك قضايا ضد مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق الشعب اليمني.

ولذلك لا بد أن نعيَ وَنذكرَ أولئك الذين ينساقون مع تلك الثقافات المتسخة والعقائد الباطلة بضرورة اتّخاذ الموقف الجاد في مواجهة الظالمين الطغاة المتجبرين في الأرض الذين يعيثون في الأرض الفساد ويتسلطون على عقول المستضعفين ورقابهم ومعرفة من يقود ويتبنى تلك العقائد والأفكار الهدامة، فمرتهن وعميل ومشارك في الإجرام من يحايد ويتغابى في تحديد العدوّ الحقيقي للإسْلَام والمسلمين بعد ظهور العدوان الثقافي والفكري والعسكريّ وتكشف نوايا الصهيوأمريكية التآمرية والبروز إلى العلن الآلاف من جرائم وانتهاكات دول العدوان بظهور المفسدين في الأرض وقد أعلنوا أنفسهم محوراً للشر والطغيان على طاولة وارسو مؤخراً قال تعالى (وإذَا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).

You might also like