كل ما يجري من حولك

العرب ما بعد “وارسو” ليسوا كما قبله

1٬146

خدم التحالف الامريكي “الاسرائيلي” العربي الرجعي  ، ألد خصم له على الاطلاق ، وهو الجمهورية الاسلامية في ايران ، من دون ان يقصد  ذلك ، الامر الذي سيرتد وبالا على الحكومات والانظمة العربية ، التي هرولت الى العاصمة البولندية وارشو ، للمشاركة في المؤتمر الذي نظمته امريكا بالتعاون مع “اسرائيل” ، لاعلان وفاة القضية الفلسطينية ، ولانشاء تحالف يضم الانظمة العربية الرجعية الى جانب “اسرائيل” ضد ايران.

اندفاع المسؤولين العرب المشاركين في المؤتمر الى الاعلان عن ضرورة ، التحالف مع “اسرائيل” ضد ايران ، كان ملفتا في الكلمات التي القوها امام الكاميرات ، وفي تصريحاتهم التي تم تسريبها من الاجتماعات المغلقة للمؤتمر.

وزير خارجية البحرين خالد بن احمد ال خليفة قال خلال المؤتمر ، “سنقيم علاقات دبلوماسية مع “اسرائيل” ، وان مواجهة “التهديد  الايراني”  اهم من القضية الفلسطينية” .

اما نظيره الاماراتي عبدلله بن زايد ال نهيان فقال ، ان من حق “اسرائيل” قصف سورية للدفاع عن نفسها امام “الخطر” الايراني.

اما وزير الدولة السعودي عادل جبير فقد دافع عن “اسرائيل”و برأ ساحتها وغسل ايديها من كل الدماء والجرائم التي ترتكبها في فلسطين والمنطقة منذ اكثر من 70 عاما ، بقوله “أن إيران هي مصدر المشاكل في الشرق الأوسط، سواء عن طريق دعمها للإرهاب أو عن طريق تسليمها الصواريخ الباليستية لمنظمات إرهابية مثل “حزب الله” .

رابعهم ،  وزير خارجية عبد ربه منصور هادي ، خالد اليماني ، الذي ابتعد عن التصريحات وتطوع بتقديم خدمة عملية للمجرم نتنياهو عندما أعاره مكبر الصوت الخاص به فرد عليه نتنياهو باسما ، انها بداية التعاون بين “اسرائيل” واليمن .

امام كل هذه التنازلات والانبطاح المذل ، لم يجد نتنياهو ما يقوله ، الا الاعراب عن سروره وفرحه ، لمخاطبة مسؤولين كبار من السعودية والبحرين والامارات ، وبشكل مباشر وفي قاعة واحدة ، واصفا ما جرى على انه كان عملية كتابة تاريخ.

الملفت ان المؤتمر استمر يومين وتحدث خلاله اغلب المشاركين وفي مقدمتهم العرب ، واشاروا في كلماتهم الى كل شيء باستثناء  القضية الفلسطينية ، التي غابت بالمطلق ، فلم يشر اليها اي مسؤول عربي من قريب اوبعيد ، في تاكيد واضح انها اصبحت من الماضي.

يبدو ان العرب ما بعد مؤتمر وارسو لن يكونوا كما كانوا من قبل ، فهذا الهوان الذي ظهروا  عليه في وارسو ، والذي يهون امامه الموت ، ما لكان ليظهر عليه هؤلاء وبهذا الشكل السافر ، الا لاعتقادهم الجازم ، ان مصيرعروشهم ومصير المنطقة والعالم ايضا ، بيد ترامب ونتنياهو ، وهو اعتقاد يختزل في طياته معنى العبودية.

المتابع لتسريبات مؤتمر وارسو ، ودفاع المسؤولين العرب عن “اسرائيل” وحقها في الدفاع عن نفسها امام “الارهاب” الايراني والفلسطيني واللبناني ،وهي تسريبات ، سربها نتنياهو عن عمد ، لا ليحرج هؤلاء المسؤولين الذين عدموا الحياء ، بل للاسراع في ازالة كل الموانع التي تحول دون قيام تحالف عربي “اسرائيلي” علني ، ضد ايران وحزب الله وحماس ومحور المقاومة بشكل عام.

قلنا ان مؤتمر وارسو قدم خدمة لايران ، من خلال هذا التقارب السافر بين الدول العربية و”اسرائيل” بذريعة وجود “عدو مشترك” ، وهذه الخدمة ما كانت لترى لنور لولا غباء من شارك في وارسو من العرب ، فهؤلاء المسؤولون تجاهلوا بشكل كامل الاهمية التي تحتلها القضية الفلسطينية في عقل و وجدان الانسان العربي والمسلم ، فهي البوصلة التي تحدد لهذا الانسان ، الحق من الباطل ، وهي ايضا التي تحدد له اخلاص وخيانة الافراد والاحزاب والمنظمات والحكومات ، كما ان “اسرائيل” من وجهة نظر الانسان العربي والمسلم هي شر مطلق ، ومن المحال ان يصدر منه خيرا مهما كانت الظروف ، فاي تقارب او تحالف مع “اسرائيل” وتحت اي ذريعة كانت ، هي خيانة ، ولا يمكن ان تتغير هذه البوصلة بضغط اعلامي ، او حرب نفسية ، او اشعال نيران فتن طائفية ، اونبش في التاريخ بحثا عن احقاد قديمة وعنصرية.

ان رصيد ايران ازداد لدى الشعوب العربية والاسلامية  ، التي باتت ترى في ايران المدافع الوحيد والشرس عن اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، بعد ان تنازل المسؤولون العرب ، وامام الاشهاد في وارسو ، عن القدس والاقصى وفلسطين والشعب الفلسطيني ،  انصياعا لاوامر السيدين الامريكي و”الاسرائيلي” وحقدا على ايران.

*شفقنا| فيروز بغدادي

You might also like