هل يمكن أن تكون قضية مقتل أو إخفاء «خاشقجي» بوابةً لـ«ربيع خليجي سعودي» أضحيته رأس ولي العهد الطامح وبالنتيجة رأس أبيه؟

لا ريب أن الصوتين التركي والقطري هما الأعلى والأكثر استثماراً في قضية الصحافي الملكي «الإخواني»، ذي الظهير الأمريكي، الذي أُدخل عمداً سرداب التغييب في القنصلية السعودية بإسطنبول، لحاجة ما في نفوس الدولة العميقة في الولايات المتحدة.

تؤكد قياسات الرأي العام الأمريكي أن الديمقراطيين ستكون لهم الغلبة في الانتخابات النصفية للكونجرس نوفمبر المقبل، وهذا سيكبل «إداراة ترامب» فوق ما هي مكبلة ومرتبكة في الراهن، يضاف إلى ذلك أن دعم الجمهوريين لـ«ترامب» بدأ شحيحاً وخجولاً لكنه ينحسر اليوم بمثابرة، ويسحب هذا الانحسار نفسه في صورة الاستقالات المتتالية لمسؤولين كبار في البيت الأبيض، والتي توجت باستقالة مندوبة الإدارة الأمريكية في مجلس الأمن «نيكي هايلي» مطلع الشهر الجاري.

إن جرأة «أنقرة» وتهديداتها ذات النبرة العالية إعلامياً لـ«الرياض» على خلفية «ملف خاشقجي»، نابعة من دور موكول إليها أن تلعبه لصالح استدارة أمريكية غير معلنة، تهم «واشنطن» أن تقوم بها على مستوى أكثر من ملف في الشرق الأوسط، أهمها ـ بالأرجح ـ ملف التغيير في المملكة السعودية.

أبرز واجهات وشخوص «ربيع 2011» الأمريكي الديمقراطي تعاود الاحتشاد، بعد بيات طويل، من جديد في ساحة مناوئة لـ«الرياض»، المتهمة بتقويض مخرجاته «الثورية» لجهة التمكين لـ«الديكتاتوريات العسكرية مجدداً» لا سيما في مصر.

«الجزيرة» ـ وهي المايسترو الإعلامي لـ«ربيع 2011» ـ عثرت على إكسير الحياة بعد عقد من الموت السريري وفقدان الزخم والصدارة والتأثير.

وإذا كان لا بد لـ«الربيع» من «أضحيةٍ أيقونة» توسَّد على مذبح تدشينه، فإن «بوعزيزي 2018» هو «جمال خاشقجي»، و«تونس الانطلاقة» هذه المرة هي «المملكة السعودية» التي تمثل حجر الزاوية في البنية الخليجية الكولونيالة، المزمع إعادة تدويرها وهيكلتها (أمريكياً ـ بريطانياً) كنسق غربي متقدم، قادر على الصمود في وجه تحولات موازين القوى الإقليمية والدولية المتسارعة في «الشرق الأوسط».

إن أهم أوراق الإدانة التركية التي تلوِّح بها «أنقرة» في وجه «الرياض»، والمتعلقة بملابسات «تصفية خاشقجي»، هي أوراق اكتسبت وجودها بدءاً من معمدانية كبريات وسائل الإعلام الأمريكي، الأمر الذي يدلل على حجم التنسيق بين «أنقرة» وكواليس «واشنطن» في هذا الشأن.

وفيما خسرت «الرياض» تبعية «الكويت» ومن ثم وجودها ودورها كوسيط بين الإخوة الأعداء في مجلس التعاون المنحل عملياً، زحفت تركيا الناتوية لتوقع خطة عمل للتعاون والدفاع العسكري مع «الكويت» كثاني دولة خليجية بعد «قطر».

إن السؤال هنا على الضفة اليمنية وبناءً على ما سبق هو:

إذا كان المجتمع الدولي بفرقائه يقدر حاجة أمريكا إلى تقديم تنازلات لغير وجه اليمنيين وقيادتهم الثورية كلاعب محوري في مسرح الصراع، وعامل استراتيجي في تحولاته الراهنة؛ فكيف ستسحب الاستدارة «الخاشقجية» الأمريكية في المملكة نفسها على اليمن؟

وما هي فرص وإمكانات تثمين هذه الخيبات في الجوار لجهة وجود يمني وطني مستقل ووازن؟