كل ما يجري من حولك

قراءةٌ في الابتزاز الأمريكي لفلسطين

517

 

سمير دويكات *

الابتزازُ الأمريكي لُغةٌ طغت على السياسة الأمريكية منذ ظهورها في المنطقة وهي أسلوبٌ معتمدٌ لدى الأمريكان، سواء بالقُــوَّة أَوْ الأموال، وهي قد نشأت مع سيطرة أمريكا على الوضع العام في العالم، وكانت قادرة على ابتزاز كبرى الدول حتى الموجودة معها في مجلس الأمن، فهذا الأسلوبُ الرخيص قامت به أمريكا مراراً ضد روسيا وضد الصين وحتى في لحظة من اللحظات وبطريقة ما ضد ألمانيا وذلك بطرق مختلفة ومنها التجسس عليهم؛ وذلك للإبقاء على هذه الدولة تحت أمر أمريكا وحدَها وهي صاحبة السياسة العوجاء منذ إنشاء عُصبة الأمم.

أمريكا كذلك هي الدولة الكبرى الأَكْثَــرُ سيطرة لا تحتاج إلى دول منافسة لها، وهي تعرف أن القُــوَّة العربية الإسْلَامية قديماً كانت موجودة وهي الوحيدة القادرة على وضع حد لأمريكا في المنطقة وغيرها من خلال أعادت المنظومة الإسْلَامية والاستفادة من المقدرات والإمْكَانيات المادية والبشرية؛ ولذلك هي دعمت إسرائيل ومولتها بطريقة جنونية لم يسبق لها مثيلٌ في التأريخ؛ لأنَّها تعرف أن وجود إسرائيل مؤقت إلى ذلك الوقت وهو يحميها من أية صحوة إسْلَامية.

أَكْثَــرُ من عشرين عَــاماً على أوسلو المدخل لإخضاع الفلسطينيين وبالتالي الإبقاء على الوضع من خلال وضع الفلسطينيين تحت جناحها ومدهم ببعض الأموال والنفوذ السياسي كما حصل مع بعض القيادات، ولكن ولأن الوعود الأمريكية كانت زائفةً، وخَاصَّــة ما سُمِّيَ بعهد السلام أَوْ العملية السياسية وعدم قبول إسرائيل بحل الدوليتين وجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة متدرجة مع أمريكا، وعليه بدا النفوذ الفلسطيني في الحُضن الأمريكي أَوْ العكس يتراجع إلى درجة القطيعة وأن القيادة الحالية في ظل غياب الأفق أَوْ التقدم فيما اتّفق عليه سابقاً لن يكون بمقدورها العودة لأمريكا، وبالتالي فإن الوضعَ الجديد سيكون له سياسة جديدة بمعاداة أمريكا كما كان سابقا قبل اعتراف أمريكا بالفلسطينيين والعكس صحيح.

إن المسافةَ بين الأمريكان والفلسطينيين ستكون في ازدياد مضطرد ولن تؤديَ إلى مواجهة مادية لأسبابٍ كثيرة يصعب البحث فيها هنا، ولكن لن يكونَ التلاقي من جديد وخَاصَّــةً أن الوقت ينفدُ وبسرعة وأن إسرائيل تقوم بإجراءات لا يمكن للفلسطينيين قبولها ولن يكون لأي فلسطيني أن يقبل بها مستقبلاً تحت أي ظرف.

بالتالي ماذا على الفلسطينيين أن يعملوا في ظل المعطيات التي لا تصُبُّ في صالحهم بتاتاً؟ نحن الفلسطينيين في موقف محرج جِــدًّا وخَاصَّــة أننا لا نفعل شيئاً لمعالجة الأمر وننظر إلى الفتات في الوقت الذي تبني إسرائيل فيه وسيلة دفاع أَوْ هجوم مضادة.

فماذا عن الشركاء والأشقاء العرب والوسطاء الآخرين؟ وماذا عن الجبهة الداخلية الفلسطينية والتي تعاني وتزداد بها المشكلات العائلية والاقْتصَاد الصعب والفلتان الذي يمكن أن يكون في أية لحظة؟ نتيجة السياسات الخاطئة والتفرد في الأمور وغياب السلطات الحاكمة عن المشهد القانوني الصحيح؛ لذلك لا يمكن أن يكون الأمر صحيحاً إلَّا بوضع النقاط على الحروف والجلوس جَميعاً؛ لبحث الأمر وقطع الطريق على آليات الابتزاز الأمريكية، كي لا نرى أنفسنا وقد وقعنا وتصعب وقتها المعالجة.

* كاتبٌ فلسطيني

You might also like