كشف مصدر استخباري في العاصمة اليمنية صنعاء، عن تحرّكات مكثفة تقوم بها جهات معنية تابعة لسلطات «المجلس السياسي الأعلى» لإيقاف التحركات السعودية الساعية لمدّ أنبوب نفطي، يمتد من جنوب المملكة حتى البحر العربي، عبر محافظة المهرة الواقعة جنوب شرق اليمن.
المصدر أكد أن رئيس وزراء حكومة «الإنقاذ» عبد العزيز بن حبتور، التقى بمحافظي حضرموت والمهرة لقمان باراس والقعيطي علي حسين المعينين من قبل «المجلس السياسي»، مضيفاً أن اللقاء الذي عُقد الخميس الماضي بمجلس الوزراء جرى فيه نقاش هذا الموضوع تحديداً، ولم يتم الكشف عن أي معلومات إضافية، باستثناء ما نشرته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» في خبرها الرسمي عن اللقاء. 
مصدر في مكتب الأمانة العامة لرئاسة الوزراء بصنعاء، أكد أن «الدولة في العاصمة تسعى لإيقاف هذا المشروع مهما كلف الثمن، والمعلومات تصل يومياً عن آخر التطورات من هناك وهم – في إشارة إلى مسؤولين بصنعاء – على اتصال مستمر بالجهات التي تعمل مع سلطات المجلس السياسي الأعلى، من داخل محافظتي المهرة وحضرموت».
مندوب سعودي دائماً في المهرة
تحركات صنعاء تأتي بعد يوم واحد فقط من لقاء جمع بين السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر بمحافظ المهرة الجديد، والذي تم تعيينه برغبة سعودية، راجح باكريت، حيث اجتمعا في العاصمة السعودية الرياض. ووفقاً لمعلومات مصدر مطلع لـ«العربي»، فإن الحديث الذي دار بين الرجلين تمحور حول إعادة ترتيب آلية الصيد للصيادين اليمنيين، والمناطق التي سيتم تخصيصها للصيد والمناطق التي سيتم فيها منع الاصطياد أو الاقتراب منها من قبل الصيادين من أبناء المهرة، وهي المناطق التي سيتم فيها إنشاء الميناء النفطي الذي سيصل إليه أنبوب النفط القادم من منطقة الخراخير شمال حضرموت، والتي كشفت معلومات صحفية العام الماضي، أن القوات السعودية بسطت سيطرتها على هذه المنطقة الحدودية مع السعودية، على الرغم من تبعيتها لليمن، وهي المنطقة ذاتها التي سيصل إليها أنبوب النفط السعودي ومنها سيمتد إلى ساحل المهرة.

وتشير المعلومات أيضاً إلى أن السعوديين أوعزوا لمحافظ المهرة تقديم دراسة لمشروع متوسط في القطاع السمكي والاصطياد، كمراضاة لأبناء المهرة مقابل سيطرة السعودية على جزء كبير من ساحل المهرة لتصدير النفط السعودي، عبر الأنبوب المزمع إنشاؤه.
وتحت عنوان «المشرف على برنامج إعادة إعمار اليمن»، يعمل السفير السعودي آل جابر، كمتحكم بكل شيء في محافظة المهرة، وهو بين الحين والآخر يقوم بزيارتها والبقاء فيها بحجة متابعة المشاريع التنموية التي تقدمها السعودية لأبناء المهرة، فيما السبب الحقيقي لبقائه هناك هو متابعة تنفيذ مشروع الميناء النفطي بنشطون، كمرحلة أولى لمشروع تصدير النفط السعودي عبر البحر العربي.
الاتفاقات باطلة
التحركات المتسارعة للرياض وما يقابلها من تحركات مضادة من صنعاء، زادت بشكل كبير بعد الوثيقة التي سربتها قناة «الجزيرة» القطرية، والتي كشفت عن الاتفاق بين السعودية عبر سفيرها لدى اليمن آل جابر، وبين شركة «هوتا للأعمال البحرية المحدودة»، وبموجب ذلك قالت الشركة إنها سترسل مهندساً مختصاً إلى موقع الميناء البحري، للقيام بتنفيذ المسوحات وأخذ البيانات الخاصة بالأعمال الفنية المزمع إنشاؤها.

موقف سلطات صنعاء من التحركات السعودية واليمنية الموالية للرياض بشأن أنبوب النفط، بدا واضحاً من خلال رفض مجلس الوزراء بحكومة «الإنقاذ» أي اتفاقات «تعقد من قبل أي جهة أو أشخاص مع السعوديين بهذا الشأن»، وبحسب المصدر في رئاسة الوزراء، فإن حكومة «الإنقاذ» تعتبر أن «أي اتفاقات مع السعوديين بخصوص أنبوب النفط ليس لها أي أساس دستوري أو قانوني، ولا تعني الجمهورية اليمنية من قريب أو بعيد»، محملة «كل من يتورط في إبرام أي اتفاقات مع السعوديين بهذا الشأن كامل المسؤولية القانونية باعتبار ذلك تفريطاً بالسيادة الوطنية».
قبائل المهرة ليست وحدها
إلى ذلك، أكدت مصادر قبلية في المهرة أن مسؤولين في صنعاء، بما فيهم شخصيات من حركة «أنصار الله»، مهتمون جداً بالتحركات الشعبية والمجتمعية لأبناء محافظة المهرة، بما في ذلك الاحتجاجات المناهضة للتواجد العسكري السعودي في المنافذ البرية مع سلطنة عمان، والسيطرة على الشريط الساحلي للمحافظة، لافتة إلى أن هناك مؤشرات قوية تؤكد وجود تنسيق بين سلطات صنعاء وبعض الشخصيات في المهرة ممن هي غير معروفة لوسائل الإعلام، أو الموالية لحزب «الإصلاح»، مشيرة إلى أن هذا التنسيق والدعم انعكس على الشارع في المهرة وتحوّل إلى حالة من السخط ضد «التحالف» السعودي – الإماراتي، وضد المسؤولين في حكومة «الشرعية»، الذين باتوا في نظر أبناء المهرة مفرطين في السيادة وبياعين لأوطانهم لمجرد ضغوطات بسيطة من الخليجيين.