مؤامرات في أروقة القصر السعودي
متابعات:
كان معروفاً أن الجمر لن يبقى تحت الرماد طويلاً في الداخل السعودي، وأن رائحة الخلافات سوف تزكم الأنوف، وخفايا الصراعات داخل أجنحة الحكم ستذيب الجليد عند تبلورها، وعلىما يبدو أنها تبلورت لتأخذ أبعاداً تباغت النظام السعودي ولاسيما ولي عهده محمد بن سلمان.
محاولة الانقلاب التي تمت عبر حادثة إطلاق النار قرب أحد قصور ولي العهد المذكور، أتت لتؤكد أن تلك الأجنحة بدأت بالتمرد واختارت توقيته وشكله ومكانه، وإن كانت شرارتها الأولى لم يكتب لها الاشتعال كما هو مطلوب، لكنها في الوقت ذاته رسالة تحمل بين طياتها أنباء محاولات أخرى قادمة، وما على النظام الحاكم إلا ترقب وانتظار ساعة الصفر.
التقليل من قيمة ما جرى في وسائل إعلام النظام السعودي عبر نكتة طائرة «الدرون» قبل معاودة التأكيد من قبل مصادر سعودية مطلعة بأن ما حصل محاولة انقلاب، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المحاولة تركت صداها وأوجعت أركان النظام ولم تكن حدثاً عابراً أو عادياً بدليل الروايات المتناقضة التي رافقت ما حدث حول الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه بين وجودهما في المكان من عدمه وبين القيام بنقلهما لمكان آمن، فأمام تضارب المعلومات وتجييرها أو تحويرها والتخفيف من قيمتها من جهة والإجراءات التي اتخذت فيما بعد من قبل بن سلمان تتضح الصورة على حقيقتها من دون مواربة أو تنميق.
المحاولة الانقلابية تعني أن سياسات الترهيب والإقصاء التي اتبعها محمد بن سلمان للاستئثار بمفاصل الحكم والسياسة وإبعاد معارضيه وخصومه لم تجدِ نفعاً، بل انقلبت عكسياً بخروج المارد من قمقمه الذي على ما يبدو أعدّ العدة وتَحيّن الفرصة، هذا ما نتلمسه بتأكيد المعارض السعودي غانم الدوسري أن ما جرى محاولة انقلاب من موالين لولي العهد السابق محمد بن نايف.
الداخل السعودي يغلي والتعتيم الإعلامي لن يقف حائلاً دون معرفة طبيعة الوضع، والأمر ليس مقتصراً على الأجنحة الحاكمة، فللشعب العربي في نجد والحجاز رواية أخرى قد لا يطول الوقت حتى نشهد أحداثها على هيئة «انتفاضة» أو «ربيع» أو «خريف» أياً يكن من التسميات، فأمام السرقة المنظمة التي يمارسها بنو سعود لثروات وأموال الشعب وصرفها على ملذاتهم وأهوائهم وعلى صفقات أسلحة يغتالون بها الفرح والطفولة في اليمن، وملء جيوب الأمريكي كثمن «للحماية» وضمان الكرسي، لن تبقى الأمور تحت السيطرة، وعندها لن ينفع محمد بن سلمان حليف ولا مال.
*هبا علي أحمد