كل ما يجري من حولك

تحذير بوتين .. الدب الروسي استفاق من سباته

441

متابعات| الوقت:

بالتزامن مع التصعيد الأمريكي ضدّ روسيا في الآونة الأخيرة اختار الرئيس الروسي مناسبة الأول من مارس في روسيا لإطلاق موقف مهم تجاه واشنطن قائلاً إن موسكو استعدّت لتحطيم أسطورة حرب النجوم لكي لا تكون أمريكا الجهة التي توجّه أول ضربة نووية.

بوتين أراد في هذه المناسبة التقليدية الروسية وأمام جمع من المسؤولين الروس أن يذكّر القاصي والداني بقوة الدب الروسي قائلاً إن هذا الدب قد استفاق وهو مستعد للدفاع عن نفسه وعن حلفائه، وقد أشار بوتين في هذا الخطاب إلى أن بلاده باتت تمتلك تقنية صنع جيل جديد من الصواريخ النووية بعيدة المدى والتي تستطيع إصابة أي هدف دون إمكانية رصدها وتدميرها.   

وتحدث الرئيس الروسي أيضاً عن قدرات بلاده في صنع غواصات لا يمكن رصدها وهي قادرة على إطلاق طوربيدات نووية، لكن التصريح الأهم لبوتين في هذا المجال ربما جاء أثناء مقابلة مع قناة “ان بي سي نيوز” الأمريكية حيث قال الرئيس الروسي إن الأسلحة الجديدة التي كشفت عنها روسيا هي متطورة إلى حدّ تجعل أموال دافعي الضرائب الأمريكيين والتي صرفت من أجل الدرع الصاروخية “في مهب الريح”.

وبعد تصريحات بوتين صدرت أولى ردّات الفعل الأمريكية من البنتاغون والتي أعلنت أن أمريكا جاهزة لمواجهة الأسلحة الروسية الجديدة، والسؤال المطروح الآن هو “هل أصبحت روسيا تتحدى أمريكا؟” 

إن وسائل الإعلام الغربية اعتبرت بمعظمها أن تصريحات بوتين حول هذا الصاروخ، دعائية وغير ممكنة لأن المحاولات الأمريكية المماثلة في الخمسينيات والستينيات قد باءت بالفشل، لكن على الرغم من هذا قالت مجلة تايم في شهر فبراير الماضي أن روسيا تعيد بناء قواتها النووية ومنها صواريخ ICBM الجديدة وغواصات تحمل الصواريخ النووية الباليستية وقاذفات قنابل ثقيلة وحديثة وإن هذه الأسلحة الجديدة قادرة على إطلاق الصواريخ من الجو والبحر والأرض، بالإضافة إلى هذا أشار البنتاغون مرتين خلال العام الماضي في تقرير جاء في 100 صفحة إلى الترسانة النووية الروسية التي تكبر باستمرار ومنها طوربيدات بحرية وطائرات من دون طيار.

 لكن في الحقيقة فإن سعي روسيا لتطوير الأسلحة الاستراتيجية النووية هو ردّ فعل على سياسة المواجهة التي تتبعها أمريكا بعد انسحابها من معاهدة منع إنتاج الصواريخ المضادة للصواريخ في عام 2002 والتي كانت تعتبر الحجر الأساس لبناء توازن استراتيجي بين القوتين العظمتين وقد وقّعها رؤساء الاتحاد السوفيتي وأمريكا في عام 1972.      

إن هذه المعاهدة كانت تمنع الطرفين من ردع هجوم نووي معاكس لكن أمريكا التي كانت تعيش نشوة انهيار الاتحاد السوفيتي خرجت منها في يونيو 2002 وهذا ما دفع روسيا نحو تعزيز قدراتها الصاروخية بالتوازي مع ارتفاع الاستثمارات الأمريكية في الدرع الصاروخية وتوسيعها، لكن مع مجيء ترامب واشتداد السياسة الهجومية الأمريكية تجاه روسيا واعتبار هذا البلد “كتهديد” في وثيقة الأمن القومي الأمريكي وإعلان ترامب تحديث الترسانة النووية لضمان التفوق الاستراتيجي على موسكو إلى جانب صنع أسلحة نووية وأكثر عملانية، تولّد لدى موسكو دافع أقوى للرد على هذه الإجراءات الأمريكية ولذلك يمكن القول إن روسيا لجأت إلى تعزيز قدراتها الصاروخية ردّاً على السياسة الهجومية الأمريكية.    

روسيا تنهي التراجع وتختار المواجهة

يمكن القول إن كلام بوتين عن جهوزية بلاده الكاملة للدفاع عن نفسها وعن حلفاء موسكو يوجّه رسالة إلى الغربيين مفادها أن روسيا وضعت سياسة التراجع أمام السياسات التوسعية الغربية جانباً وهي تريد الآن المشاركة بفعالية في التنافس مع الغرب وأمريكا في مناطق مختلفة من العالم خاصة الشرق الأوسط وشرقي أوروبا التي كانت منطقة نفوذ لموسكو في العهد السوفيتي.

وتتنافس أمريكا مع روسيا في سوريا وقد اقترب الطرفان من المواجهة العسكرية هناك عدة مرات وخاصة في الجو، وفي ظل هذه الأوضاع تحدثت الإدارة الأمريكية خلال الأسابيع الماضية عن صنع أسلحة نووية صغيرة وأكثر عملانية ضد أعداء أمريكا ومن ضمنهم روسيا (حسب وثيقة الأمن القومي الأمريكي).

ومن جهة أخرى يعتبر المراقبون أن القسم الأهم من كلام بوتين هو الإعلان عن اهتمام روسيا بمصالح حلفائها ووحدة أراضيهم، فموسكو تسعى إلى تعزيز علاقات التعاون مع الدول الصديقة خاصة القريبة منها وصولاً إلى بناء علاقات استراتيجية، إن بلدان آسيا الوسطى وشرق أوروبا والشرق الأوسط في مقدمة البلدان التي تريد موسكو الاحتفاظ بعلاقاتها معها وتوسيع هذه العلاقات أيضاً وقد اعتبرت موسكو التصدي لهواجس هذه الدول الأمنية جزءاً مهماً من مطالب هذه الدول لتعزيز العلاقات.  

You might also like