كل ما يجري من حولك

بديلًا عن «ولد الشيخ».. هل يحقق «جريفيث» خرقًا في جدار الأزمة اليمنية؟

673

موقع متابعات | تقارير | صحيفة البديل المصرية:

لا يزال اليمن يتخبط في دوامة من العنف والصراعات والمؤامرات منذ ما يقرب من 3 سنوات، دون وجود أي ملامح أو أفق للخروج من الأزمة، فعلى الرغم من توالي المندوبين والمبعوثين وتبدل الوسطاء وتعاظم الأزمة الإنسانية في هذا البلد، إلا أن الأزمة تظل باقية طالما أصبح التعنت النهج الرئيسي في المحادثات السياسية، خاصة في ظل رفض تحالف العدوان الذي تقوده السعودية بمساندة من الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالفشل والخسارة، فلا تزال عنجهية وكبرياء المعسكر السعودي تقف حائلًا دون التوصل إلى حلول.

“جريفيث” بديلًا عن “ولد الشيخ”

يبدو أن جعبة المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قد فرغت من الحلول السياسية والمقترحات التي يمكن تقديمها لحل الأزمة اليمنية، وذلك بعد انقضاء ثلاثه أعوام من تسلمه الملف اليمني، عجز خلالها عن الخروج بحل للأزمة يرضي الجميع، حيث تسلم “ولد الشيخ” منصبه في إبريل عام 2015، لكن في عهده لم تتحلحل الأزمة اليمنية ولو خطوات قليلة، بل تعقدت أكثر، وسقط خلالها ما يقرب من 10 آلاف قتيل، وتمخضت عنها أزمة إنسانية، باتت تُعد الأسوأ في العالم، وبعدما آلت جهود “ولد الشيخ” إلى طريق مسدود، وفي ظل رفض حركة “أنصار الله” التعامل معه؛ لاتهامه بالانحياز للتحالف السعودي الأمريكي، طلب المبعوث الدولي الإعفاء من منصبه حتى قبل انتهاء مدته.

أعلنت الأمم المتحدة أن المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، طلب من الأمين العام للأمم المتحدة إعفاءه من منصبه قبيل انتهاء مدته في مارس المقبل، الأمر الذي استجابت له الأمم المتحدة، مؤكدة أنه سيترك منصبه نهاية شهر فبراير المقبل.

في ذات الإطار أعلنت الأمم المتحدة أنها عيّنت البريطاني “مارتن جريفيث” مبعوثًا جديدًا إلى اليمن، وبحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، فإن “جريفيث” يتمتع بخبرة واسعة من الناحية الاستراتيجية والتشغيلية في الشؤون الإنسانية والسياسية، وخبرة كبيرة في العمل بالأمم المتحدة بمجال الشؤون الإنسانية والسياسية.

من هو المبعوث الجديد؟

يُعد “جريفيث” واحدًا من رواد الوساطة الدولية، حيث يمتلك خبرات كبيرة في العمل بالأمم المتحدة بمجال الشؤون الإنسانية والسياسية، كما أنه يمتلك خبرة في التعامل مع النزاعات العربية، حيث تقلد في منتصف إبريل عام 2014 منصب رئيس مكتب الأمم المتحدة في دمشق، وممثل الوسيط الأممي “الأخضر الإبراهيمي” في الأزمة السورية، خلفًا لـ”مختار لماني”، كما أنه قام بدور دبلوماسي كبير في عملية انتقال الوساطة في الأزمة السورية من “الأخضر الإبراهيمي” إلى “ستيفان دي ميستورا”، ولذلك يعد أحد الخبراء الأمميين القلائل في الشؤون العربية بوجه عام، الأمر الذي جعله يكتسب شهرة واسعة في العالم العربي، وهو ما ظهر في دعوته من قبل عدد من الجامعات ومراكز الفكر لإلقاء محاضرات عن السلام في الشرق الأوسط.

“جريفيث” هو أول مدير تنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام، من 1999 إلى 2010، كما أنه أسس “مركز الحوار الإنساني” في جنيف بسويسرا، حيث تخصص بين عامي 2012 و2014 في تطوير الحوار السياسي بين الحكومات والمتمردين بمجموعة من البلدان في آسيا وإفريقيا وأوروبا، كما عمل في الخدمة الدبلوماسية البريطانية ولحساب منظمات إنسانية دولية مختلفة، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، ومنظمة “إنقاذ الطفولة”، قبل أن يتقلد في عام 1994 مهام مدير إدارة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في جنيف.

رؤيته للأزمة اليمنية

يُعد “مارتن جريفيث” المبعوث الأممي الثالث الذي يتولى ملف الأزمة اليمنية منذ عام 2011، حيث سبقه في المنصب المغربي “جمال بن عمر”، الذي استمر من 2011 حتى 2015، ثم الموريتاني “إسماعيل ولد الشيخ أحمد” منذ 2015 إلى الآن.

سبق للمبعوث الأممي الجديد أن زار اليمن قبل عدة أشهر، حيث التقى بقيادات جماعة أنصار الله والرئيس الراحل علي عبد الله صالح، قبل أن ينتقل للعاصمة السعودية الرياض، للقاء الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي”، وقد أظهر “جريفيث” قناعاته السياسية حول اليمن في العديد من المحاضرات التي ألقاها بشأن الأزمة، حيث قال خلال محاضرة ألقاها في نوفمبر الماضي بالعاصمة السعودية الرياض إن “فرص الحل في اليمن تتضاءل مع مرور الوقت”، معتبرًا أن الأزمة في البلاد ذات بعد إنساني واستثنائية.

ورأى جريفيث في ذات المحاضرة أن “الأزمة في اليمن استثنائية ويمكن حلها، لكن يجب أن يكون حل وتسوية الخلافات بين اليمنيين أنفسهم، وأن يكونوا مستعدين للمفاوضات، وأن تكون هناك حلول مبتكرة من قبل المؤسسات اليمنية، فاليمن تحتاج إلى بناء بيئة سياسية جديدة، تضم المؤسسات السياسية وجماعات المصالح والأحزاب”، واقترح الدبلوماسي البريطاني حينها لإتمام “مفاوضات ناجحة في اليمن، ألا يكون هناك وقف لإطلاق النار دون تأييد سياسي، مع إشراك القبائل في الحل وليس الجنوب فقط، فهذا شيء مهم وضروري، حتى يتم منح اليمنيين فرصة المشاركة السياسية وبناء يمن جديد”.

وتتعلق الآمال على أن يكون “جريفيث” المنقذ لرسم خارطة طريق السلام في اليمن، لكن البعض يرى أن حل الأزمة لن يتم بتبديل المبعوثين والوسطاء، فاستمرار الحرب في اليمن من عدمه له علاقة وثيقة برغبات الدول القائمة على هذا الصراع، ويرتبط حل هذه الأزمة بمدى رغبة السعودية وأمريكا وإسرائيل في محاربة النفوذ الإيراني من عدمه، وليس بجهود ورغبات الأمم المتحدة ومبعوثيها في تحقيق إنجازات وانتصارات سياسية من خلال حل الأزمات الإقليمية والدولية، لكن يظل التساؤل حول كون “جريفيث” سيتعامل بمرونة مع تعنت دول التحالف السعودي وتملصها من أي حلول سياسية وعرقلتها لأي مساعٍ تفاوضية، أم سيكون له مواقف سياسية تضع السعودية وحلفاءها أمام مسؤولياتهم في اليمن؟

جولة جديدة من المفاوضات

استقالة “ولد الشيخ” من منصبه وتعيين البريطاني “مارتن جريفيث” تأتي بالتزامن مع استضافة العاصمة البريطانية لندن، اليوم الثلاثاء، اجتماع اللجنة الرباعية بشأن الأزمة اليمنية، حيث أكدت الخارجية البريطانية أن اجتماع اللجنة الرباعية في لندن سيتم بمشاركة السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، فيما أشارت إلى أن هذا الاجتماع سيبحث الخطوات التالية للعملية السياسية، ليكون هذا أول اجتماع يخص الأزمة اليمنية في عهد المبعوث الجديد، وفي ظل إطلالة جديدة من روسيا على الملف اليمني، ظهرت خلال زيارة نائب رئيس الوزراء اليمني عبد الملك المخلافي، أمس الاثنين، للعاصمة الروسية موسكو، بدعوة من نظيره الروسي “سيرجي لافروف”؛ لبحث العلاقات الثنائية وآخر تطورات الأزمة اليمنية وسبل حلها.

You might also like