كل ما يجري من حولك

عطوان: هكذا نَجحت الإمارات أخيرًا بإقناع السعوديّة بقُبول الرئيس صالح حَليفًا!!

426

متابعات| رأي اليوم| عبد الباري عطوان:

مُنذ ما يَقرُب من الثّلاثة أعوام، ودَولة الإمارات العربيّة المتحدة تُحاول إقناع حَليفتها السعوديّة، بأنّ أقصرَ الطّرق لكَسب الحَرب في اليمن تَتمثّل في استقطاب الرئيس علي عبد الله صالح، وفَكِّ تَحالُفِه مع جماعة “أنصار الله” الحوثيّة، ولكن القِيادة السعوديّة رَفضت بعِنادٍ التّجاوب مع كُل المُحاولات هذهِ، لأنّها تَرفض الغُفران، ونِسيان انقلابِه، أي صالح، عليها وهي التي أنقذت حياته، والوَقوف في الخندق الآخر، المُواجه، وعندما اقتنعت، لانعدام الخِيارات الأُخرى، واليأس من الحَسم العَسكريّ، وباتت مُستعدّةً لاحتضانِه حَليفًا، بعد أن فكَّ الشّراكة مع حُلفائه الحوثيين انهارت كُل مُخطّطاتِها بمَقتَلِه، ولم تَدمْ فَرحتها إلا 24 ساعةً فقط.

في بِداية الحَرب، أرسل الإماراتيون أحمد علي عبد الله صالح، نَجل الرئيس السّابق على مَتنِ طائرةٍ خاصّةٍ إلى الرياض للقاءِ الأمير محمد بن سلمان، الذي كان وليًّا لوليّ العَهد في حينها على أمل التّقريب بين الرّجلين، وإبعاد حزب “المُؤتمر” والرئيس صالح عن الحوثيين، ولكن الأمير بن سلمان تعاملَ مع ضَيفه بخُشونة، وقيل أنّه أصرّ على تَفتيشه، ووَجّه إليه ووالده العديد من الإهانات، ممّا جَعله، أي أحمد علي صالح، الخُروج من اللقاء غاضبًا والعَودة إلى أبو ظبي مَكسورًا، الأمر الذي ضاعفَ من اندفاع والده باتجاه الحوثيين الذين حارَبَهم سِتُّ مرّاتٍ وبدعمٍ سُعوديٍّ ولم يَفز بأيٍّ مِنها.

لا نَعرف كيف حَدث التّقارب بين الرئيس صالح والحِلف العَربي السعودي في الأيّام الأخيرة، وما هِي شُروط الصّفقة التي تَمخّضت عن اللقاءات السريّة التي تمّت في الغُرف المُغلقة، ولكن ما نَعرفه أن قُبولها، أي الصّفقة، من قِبَل الرئيس الرّاحل كان أكبرَ مُقامرةٍ في حياتِه السياسيّة التي امتدت لما يَقرُب من نِصف قرن، وكان هذا القُبول أحد أبرز أسباب مَقتله على يَد شُركائه الذين تَحوّلوا إلى خُصومه وأعدائه اللّدودين بين ليلةٍ وضُحاها.

***

انضمام الرئيس صالح للتّحالف السّعودي كان سيُغيّر مَوازين القِوى في الحَرب اليمنيّة لو طالَ عُمره لبِضعة أشهر، وربّما يُؤدّي إلى ترجيحِ كفّة هذا التّحالف، لأنّه رجلٌ داهية، ويَملُك كاريزما قياديّة غير مَسبوقة في اليمن، وربّما في الجزيرة العربيّة أيضًا، ولم يُخفِ رَغبته بنقلِ البُندقيّة من كَتفٍ إلى آخر طِوال العَشرة أشهرٍ الماضية، حيث وَجّه نِداءاتٍ عديدةٍ للسعوديين بفَتح حوار مَعه، ولكنّه لم يُقابَل إلا بالتّجاهل والصّد، وعندما غَيّر السعوديون مَوقفهم هذا، كان الوَقت مُتأخّرًا.

من الصّعب التكهّن بالتطوّرات المُقبلة على السّاحة اليمنيّة، لأنّها أكثر السّاحات في الوَطن العَربي استعصاءً على الفَهم والتّنبؤ بالنّسبة إلى المُحلّلين، أو حتى المُنجّمين البارعين، فمَن كان يَتوقّع أن تَطول الحَرب اليمنيّة ما يَقرُب من الثّلاث سنوات، ومن كان يَحلم أن تُغيّر السعوديّة مَوقِفها وتتحالف مع صالح خَصمها اللّدود، ومن كان يَتصوّر أن الحوثيين سيَقتلون شريكهم صالح بهذهِ السّهولة، وبعد أقل من 24 ساعة من إعلانه فَكْ التّحالف مَعهم، ومن كان يَعتقد أن طائرات “عاصفة الحزم” ستَفشل في تَأمين انتقالِه إلى بَلدته سنحان، وتوفير الحِماية له، مِثلما جَرى الاتفاق، كما تَحدّث أكثر من مَصدرٍ في هذا الإطار.

باطنيًّا لا يُمكن استبعاد ظُهور تحالفاتٍ قبليّةٍ جديدةٍ تلتف حول حِزب المُؤتمر، وبدعمٍ سعوديٍّ إماراتي، تُشكّل جبهةً جديدةً ضِد تيّار “أنصار الله”، مُرتكزةً ومُستغلّةً لعَمليّة الاغتيال، وحالة الغَضب في أوساط أنصارِه داخل اليمن وفي الشّتات، وحتى تتبلور هذه النظريّة وتتّضح، فإنّها تحتاج إلى بَعضِ الوَقت.

You might also like